اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٦ أب ٢٠٢٥
يشهد اليمن منذ مطلع العام الجاري تصاعدًا مقلقًا في أعداد الإصابات والوفيات الناتجة عن مرض الحصبة، بين الأطفال، وسط أوضاع إنسانية صعبة فاقمها استمرار الصراع، وتفشي الفقر، وعجز كثير من الأسر عن تأمين الاحتياجات الأساسية، ناهيك عن الحصول على الرعاية الصحية واللقاحات.
وفي 21 يوليو الماضي، حذرت منظمة 'أطباء بلا حدود' في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي من تفشٍ خطير للمرض، مؤكدة أنها عالجت أكثر من 1400 حالة إصابة بالحصبة خلال ثلاثة أشهر فقط في محافظة ذمار، وأن أكثر من 56% من الحالات المسجلة كانت لأطفال دون سن الخامسة.
وأضاف البيان: 'رغم صعوبة تحديد جميع العوامل التي تزيد من تحديات مكافحة الحصبة وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، فإن الفجوات الكبيرة في برامج التطعيم الروتيني ومحدودية الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية الأساسية تلعب دورًا رئيسيًا في الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات'.
وفي وقت سابق، أعلنت إدارة الترصد الوبائي بساحل حضرموت في نشرتها الصادرة بتاريخ 18 يوليو 2025، عن تسجيل 340 حالة اشتباه بالحصبة منذ بداية العام، بينها 18 حالة مؤكدة مختبريًا، و4 حالات وفاة مرتبطة بالمرض.
وبمحافظة تعز، أفاد الدكتور ياسين الشريحي، مدير إدارة الترصد الوبائي بمكتب الصحة، للمهرية نت' أن:' عدد حالات الاشتباه بالإصابة بالحصبة بلغ 1466 حالة، بينها 248 حالة مؤكدة، و7 حالات وفاة حتى الآن.
ومرض الحصبة يعد من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى، التي تنتقل بسهولة في البيئات المزدحمة، وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، خاصة بين الأطفال دون سن الخامسة، وذوي المناعة الضعيفة أو الأمراض المزمنة.
*غياب الوعي*
وبحسب مراقبين صحيين فإن:' غياب الوعي لدى كثير من الأسر بأهمية اللقاحات، الخاصة بمرض الحصبة، وجد الفيروس بيئة خصبة للانتشار بنطاق واسع في العديد من المحافظات اليمنية'.
في السياق، يواصل الدكتور الشريحي حديثه بقوله إن:' الحصبة عبارة عن عدوى فيروسية تنتقل عن طريق الرذاذ المتطاير من الأشخاص المصابين بالفيروس'.
وأضاف لـ'المهرية نت' أن:' أسباب انتشارها تعود إلى عدة عوامل، منها:
أولا: عدم اهتمام أولياء الأمور لتطعيم أطفالهم ضد مرض الحصبة بشكل دوري بسبب انشغالهم في الأعمال.
ثانيا: رفض اللقاح نتيجة انتشار الشائعات المحرضة ضده، كونه يصنع في دول غربية لا تحب المسلمين، ما يدفع بعض التيارات الدينية المتشددة إلى رفضه، وقد يكون أيضا بسبب الجهل.
ثالثا: عدم القدرة على نقل الأطفال إلى المرافق الصحية، خصوصا في مناطق خطوط التماس والنار.
رابعا: استمرار حركة النزوح من منطقة لأخرى بسبب الحرب وانشغال السكان بتوفير لقمة العيش والماء والمأوى'.
وأوضح أن' ظهور حالة مصابة بالحصبة في أوساط المجتمعات السالفة الذكر يؤدي إلى انتشار المرض بين الأطفال، كونهم غير حاصلين على اللقاح'.
ولفت إلى أن' أعراض الحصبة تبدأ بحمى شديدة مصحوبة بسعال، وبعد فترة يظهر طفح جلدي يغطي الجسم بشكل عام'.
وشدد على ضرورة أن' يتم عزل المصابين بالمرض، ومعالجتهم، وإعطائهم فيتامين A، إذا لم يكونوا قد تلقوا اللقاح'.
ومضى قائلًا:' يجب الوقاية من الحصبة بتطعيم جميع الأطفال، والحرص على أخذ اللقاحات الروتينية حسب جدول التطعيم، ورفع نسبة التغطية ضد الحصبة إلى ما لا يقل عن 90%'.
*انخفاض نسبة التطعيم*
وتعليقا على ذلك، يقول الدكتور 'وهيب الصبري'. طبيب عام إن:' أعراض مرض الحصبة تتمثل في الحرارة الشديدة، والسعال وسيلان الأنف، واحمرار العينين، وظهور بقع بيضاء داخل الفم، وطفح جلدي يبدأ من الوجه ثم ينتشر في الجسم'.
وأضاف لـ'المهرية نت' أن:' السبب في انتشار الحصبة بين الأطفال يعود إلى انخفاض نسبة التطعيم ضد الحصبة، وضعف أنظمة الرعاية الصحية في بعض المناطق، ونقص التوعية الصحية عند بعض الأهالي، واستمرار التجمعات المدرسية وغيرها بدون إجراءات وقائية'.
وحول الوقاية من المرض يشدد الصبري على ضرورة 'إعطاء الطفل لقاح الحصبة في مواعيده المحددة، والتأكد من تطعيم كل طفل قبل دخوله المدرسة أو الحضانة، وعزل أي حالة مشتبه بها فورًا لمنع نقل العدوى'.
وأشار إلى أن' الطفل المصاب بالحصبة يجب يعطى السوائل وخافضات الحرارة مثل الباراسيتامول، مع ضرورة مراجعة الطبيب فورًا عند ظهور أعراض شديدة أو مضاعفات'. ومنبها بأن' بعض الحالات يُنصح بإعطائها فيتامين A لتعزيز المناعة'.
ومضى قائلا:' التطعيم هو الحل الأول والأقوى للوقاية، فلا تنتظر حتى يصاب طفلك '.
*عدم الاهتمام*
وتصف أم أحمد- 40 عاما- قصة ابنها الصغير البالغ من العمر ثلاث سنوات قائلة:' بدأ ابني يعاني قبل أسبوع من حمى شديدة، تبعتها في اليوم التالي أعراض أخرى مثل السعال، والزكام الشديد، نقلته إلى الطبيب في مركز القرية، فصرف له أدوية للحمى والسعال، بالإضافة إلى مشهٍّ للطعام'.
وأضافت لـ' المهرية نت' بعد يومين، ظهر طفح جلدي مع احمرار في العينين وانتشر في كل جسده، ونقلته مرة أخرى إلى المركز، وأخبرني الطبيب بأن الطفل مصاب بمرض الحصبة وأعطاه إبرة ومغذية، لأنه لم يكن يتناول شيئًا من الطعام، وكان يجد صعوبة في النوم ويشعر بالبرد، مع استمرار السعال'.
وأشارت إلى أن 'حالته بدأت تتحسن مؤخرا، فقد خفت السعلة، وتراجعت الحمى، واحمرار العينين، ولم يتبقَّ سوى القليل من الطفح الجلدي'.
وأوضحت بأن' الأطعمة التي كانت تقدم له مثل البيض والتونة المعلبة، وأنها تحاول إجباره على تناولها، معتقدة أنها مفيدة في مقاومة المرض وتُسرع الشفاء'.
وأكدت بأن' طفلها يتلقى التحصينات التي تقدمها حملات التطعيم التابعة لمكتب الصحة، والتي تزور المنازل بشكل دوري'. ومشيرة إلى أنها' لم تكن تعلم بداية ما يعانيه طفلها أهو الحصبة أم لا'.
وأفادت بأن' المرض منتشر بشكل كبير، والعديد من الأطفال استطاعوا أن يقاوموا المرض، خلال فترة لا تتجاوز الأسبوعين، بسبب المناعة، والاهتمام والرعاية من قبل أسرهم'.
وشددت ضرورة أن يهتم المواطنون بأطفالهم وإسعافهم في وقت مبكر، حتى لا تتفاقم حالاتهم أو يواجهون مضاعفات خطيرة، خاصة وإن كانوا ضعيفي المناعة'.