اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٠ حزيران ٢٠٢٥
برلين - أعاد إعلان صادر عن معهد أبحاث سوق العمل والمهن في ألمانيا، أن ربع المهاجرين في البلاد، أي نحو 2.6 مليون شخص، يفكرون في مغادرتها، تسليط الضوء مجددًا على حجم التمييز والعنصرية والمعاناة في التكيف الثقافي، التي يواجهها الأجانب في ألمانيا.
وفي حديث للأناضول، أشار المحامي فاتح زينغال المتخصص في قضايا المهاجرين، إلى أن تزايد الرغبة في 'الهجرة العكسية يعود إلى تصاعد العنصرية وصعوبة الاندماج في المجتمع الألماني'.
وقال زينغال: 'هؤلاء الأشخاص إما يفكرون في العودة إلى بلدانهم الأصلية، أو الانتقال إلى دول أوروبية أخرى'.
- حملة المغادرة يقودها أصحاب التعليم العالي
حديث المحامي جاء تعليقا على دراسة صادرة عن معهد أبحاث سوق العمل والمهن في ألمانيا (حكومي) أظهرت أن غالبيّة من يفكرون في مغادرة البلاد هم من أصحاب التعليم العالي.
ووفق الدراسة فإن نحو 2.6 مليون مهاجر، يفكرون في مغادرة البلاد.
وكانت أعلى نسبة للتفكير بالمغادرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بنسبة 39 بالمئة، تلاه قطاع المالية بنسبة 30 بالمئة، ثم قطاع الصحة والخدمات الاجتماعية بنسبة 28 بالمئة، وفق الدراسة.
وشملت الدراسة المهاجرين الذين قدِموا للبلاد لأسباب متعددة، سواء للعمل أو التعليم أو الالتحاق بالعائلة.
- صعوبات كبيرة في التكيّف الثقافي
المحامي أضاف أن المهاجرين 'يواجهون صعوبات كبيرة في التكيّف الثقافي، لافتًا إلى أن طبيعة المجتمع الألماني المنغلقة تؤدي إلى ضعف الروابط الاجتماعية بين السكان المحليين والمهاجرين'.
وأوضح: 'على سبيل المثال، يأتي مهندس من الهند إلى ألمانيا ويبدأ عمله، لكن مع من سيقيم علاقات اجتماعية؟ فحياة الألمان تدور حول العمل، ولا يحدث أن يتصل بك صديق ألماني ليقول: هيا لنخرج معًا!'.
وأشار إلى أن هذا الواقع يدفع المهاجرين لتشكيل جمعياتهم الخاصة، والعيش ضمن مجتمعاتهم العرقية، وهو ما يزيد من صعوبة اندماجهم.
وأضاف: 'بسبب هذه الظروف، بات كثير من المهاجرين يفضّلون دولًا أوروبية أخرى. من يفكر بالقدوم إلى ألمانيا يجب أن يُجري أبحاثًا مسبقة، وإلا فقد يُصاب بخيبة أمل'.
وأردف: 'حتى أصحاب الشهادات العليا قد يعملون لفترة ثم يقرّرون الانتقال إلى بلد آخر، كإيطاليا أو إسبانيا، أو حتى إلى كندا أو أمريكا'.
- عنصرية ملموسة في الحياة اليومية
وأوضح زينغال أن أحد أبرز العوامل التي تدفع المهاجرين إلى التفكير بالرحيل هو 'تزايد العنصرية بشكل علني'.
ولفت إلى أن حزب البديل من أجل ألمانيا (يميني متطرف) اقترب من نسبة 25 بالمئة في الانتخابات المبكرة في 23 فبراير/شباط 2025.
وتابع 'هذا يعني أنك تشعر بوجود العنصرية في كل زاوية من الحياة، في الدوائر الحكومية، في المدارس، في التعاملات اليومية مع الموظفين'.
وأضاف: 'حين يكون واحد من كل 4 أشخاص يحمل فكرًا عنصريًا ويعبر عنه دون مواربة، فستشعر بذلك حتمًا'.
وأكد زينغال أن ألمانيا بحاجة ماسة إلى المهاجرين لسد النقص في القوى العاملة، محذرًا من أن فقدانهم سيشكل عبئًا اقتصاديًا على البلاد.
وأوضح: 'من يأتي إلى ألمانيا يواجه صعوبات تفوق تلك التي يواجهها المواطن الألماني بـ10 مرات، سواء في استئجار منزل أو سيارة. إذا تقدم شخصان بنفس الراتب ونفس المؤهلات، فالمهاجر يحتاج إلى جهد أكبر بكثير'.
'حتى إن لم تكن هناك عنصرية مباشرة، فالمهاجر يشعر بها، ويشعر بها أيضًا من وُلدوا ونشأوا في ألمانيا وأصبحوا مواطنين ألمان'، أضاف المحامي.
وشدد على أن مشكلة ألمانيا في استقطاب الكفاءات المؤهلة تتفاقم، وأن الخاسر الأكبر من عزوف المهاجرين عن القدوم سيكون الاقتصاد الألماني نفسه.
ومضى قائلا: 'رغم أن السياسات الألمانية تفضل الأوروبيين، إلا أن البلاد بحاجة إلى عمال من جميع الأعراق'.
وحذر من أنه إذا بدأ المهاجرون في تفضيل دول مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة على ألمانيا، فهذه مشكلة حقيقية لاقتصاد يعد من بين أقوى اقتصادات العالم، ولفت إلى أنه حتى أصحاب العمل أنفسهم يشتكون من نقص الموظفين المؤهلين.
- خلل في تطبيق القانون
زينغال شدد على وجود خلل في تطبيق القوانين المتعلقة بمكافحة الكراهية والعنصرية (بألمانيا).
وقال: 'الحماية القانونية قد تكون كافية على الورق، لكن الواقع مختلف. أحيانًا لا تُطبق القوانين، أو تُطبق بشكل ناقص'.
وأضاف: 'اللاجئون لا يواجهون الإيذاء اللفظي فقط، بل الجسدي أيضًا. وعلى الحكومة الألمانية أن تضمن أمن وسلامة أرواح الناس'.
وأشار إلى أن الموظفين المنفذين للقانون لا يعاملون المواطنين والمهاجرين على قدم المساواة.
'تخيّل أن يوقفك شرطي من أنصار حزب البديل أثناء فحص مروري، ويبدأ بالصراخ في وجهك، أي نوع من الحماية يمكنك توقعه؟'، تساءل المحامي.
كما أبدى أسفه لغياب المواقف الصريحة من الساسة الألمان تجاه التمييز العنصري.
وأوضح: 'السياسيون لا يتخذون موقفًا حازمًا، خوفًا من خسارة أصوات الناخبين. عندما يرون أن 25 بالمئة من الناخبين يحملون هذا الفكر، يحاولون استمالتهم بدلًا من التصدي لهم. وهنا تكمن المشكلة'.
وتحتلّ ألمانيا، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 84 مليون نسمة ثاني، المرتبة الثالثة بين البلدان التي تضمّ أكبر عدد مهاجرين دوليين من ضمن سكانها، وذلك بعد الولايات المتحدة الأميركية والسعودية.
وتمثّل الهجرة معضلة أساسية في ألمانيا راهناً، الأمر الذي دفع حكومة برلين إلى اتخاذ إجراءات لتشديد الضوابط على الحدود، فيما تعهّدت بتسريع عمليات ترحيل عدد منهم.