اخبار اليمن
موقع كل يوم -الخبر اليمني
نشر بتاريخ: ٧ كانون الأول ٢٠٢٥
بعد أحد عشر عاماً من إعلانها الحرب على اليمن، تجد السعودية نفسها خارج اللعبة تماماً، وقد جُرِّدَت من آخر مراكز نفوذها وبعدها الأمني والقومي شرقي البلاد. فما الخيارات المتاحة أمام السعودية لاستعادة ولو اليسير من تأثيرها الذي امتد لعقود مضت في هذا البلد؟
خاص – الخبر اليمني:
قبل مارس من العام 2015، كانت السعودية تدير اليمن عبر لجنة خاصة من أقصى شماله إلى جنوبه، ولم يصدر قرار واحد، بما فيها التعيينات، دون توقيع اللجنة السعودية، حتى من الرئيس ذاته. كانت اليمن توصف سعودياً بـ'الحديقة الخلفية'، وكان ذلك يعود لأسباب، منها فرض السعودية وصايتها على البلد الفقير في أعقاب ثورة 26 سبتمبر وما تلاها من انقلابات وتغييرات في هرم السلطة، حتى وصلت يد علي عبد الله صالح، الجندي البائس حينها في تعز.
اليوم، وبعد سنوات من شنها حرباً بتحالف 17 دولة، تخرج السعودية مُكرَهة من اليمن، وبـ'خُفَّي حُنين'، وقد أقرت خلال الساعات الأخيرة عملية إعادة تموضع 'انسحاب' تُعدُّ الأكبر في تاريخها، وشملت نقل قواتها ومعداتها من الأراضي اليمنية في الجنوب والغرب. كانت الخطة السعودية تقضي بالتهام اليمن كلياً كقطعة واحدة واستعادة صنعاء، التي تمكنت قواها من تحريرها، وبقيت سدّاً منيعاً أمام الغطرسة السعودية، وقد كَسَرَتْها عسكرياً. لكن اليوم، لم تستطع الخروج حتى بماء وجهها وقد مُرِّغَ في صحراء الربع الخالي.
فعلياً، لم يعد للسعودية تأثير لا جنوباً ولا شرقاً، مع أن تلك المناطق كانت مسرح سيطرتها عسكرياً واقتصادياً خلال السنوات الماضية. فحتى توجيهاتها بخصوص ترتيب الأوضاع لم تجد آذاناً صاغية، والأهم أن أبرز خصومها الإقليميين قد أوصل المعركة إلى عقر دارها على الطرف الآخر من الحدود مع اليمن، ولم يعد بمقدورها التحرك عسكرياً ولو خطوة واحدة.
تدرك السعودية أن نفوذها في اليمن انتهى، وتعترف بفشل استراتيجيتها هناك، وهذه ليس قولاً بل فعلاً. فالسفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، والذي أدار الملف لعقود، تلاشى بقرار ملكي عن الأنظار رغم خطورة ما يدور في اليمن، ولم تجد السعودية مَن ترسله للحفاظ على ماء وجهها شرقي البلاد سوى رئيس اللجنة الخاصة، محمد عبيد القحطاني، والذي يحتفظ بعلاقات وطيدة مع مشايخ قبائل هناك كانت بلاده تُنفق الآلاف من الدولارات عليهم شهرياً.
لا شيء تقدر عليه السعودية الآن؛ هذا في الجنوب، أما في الشمال فقد حسمت صنعاء المعركة مبكراً. وحتى لا تجد نفسها أمام مأزق واستحقاقات معركة جديدة، تحاول السعودية وأد الهيمنة الجديدة شرقي اليمن في مهدها، عبر تحريك مراكز النفوذ القبلي شرقي اليمن، مع توفير غطاء ودعم لها في مواجهة القوة الجديدة.
كانت السياسة السعودية منذ البداية خاطئة، وبالغت في تقدير قوتها وقدرتها في إبقاء هذا البلد تحت هيمنتها، ولم تدرك أن الوضع تغيَّر، خصوصاً بعد أن فرضت القوى اليمنية في الشمال واقعاً جديداً انتهى بموجبه النفوذ السعودي، لتُصْبَغَ السعودية بالهزيمة جنوباً، وتلك إحدى مفاتيح الاستقواء عليها حتى ممن كانوا يوماً في حضنها. وليس لدى السعودية الآن خيارات أكثر سوى تصحيح مسارها باتفاق مع اليمن شمالاً يقوم على الاحترام لا التبعية والإخاء وليس الولاء، إضافة إلى دعم مسار إعادة اليمن واحداً دون تقسيم كانت تسوِّقه منذ سقوط النظام السابق، وهذا كفيل بمنحها الأمن والطمأنينة مستقبلاً.













































