اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٢٧ تموز ٢٠٢٥
اعترف القائد العام للقوات الأوكرانية، ألكسندر سيرسكي، بتدهور الوضع الميداني على 5 جبهات قتالية في وقت واحد، مشيرًا إلى تصاعد الضغط العسكري الروسي واتساع رقعة الإنهاك في صفوف الجيش الأوكراني.
ويُعد هذا الاعتراف من أعلى مستوى عسكري في كييف مؤشرًا واضحًا على تحوّل ميداني لافت في سير المعارك.
هذا التقييم لم يصدر في لحظة استثنائية أو كرد فعل طارئ، بل جاء ضمن تقرير مفصل قُدم خلال اجتماع رسمي لهيئة الأركان الأوكرانية، ونُشرت خلاصته عبر القنوات العسكرية الرسمية، والتقرير أشار إلى أن أكثر المناطق اشتعالًا هي: بوكروفسك، ونوفوبافلوفسكوي، وسيفيروسلوبوزانسكوي، ودوبروبولسكوي، وليمانسكوي، وهي جبهات جميعها استراتيجية في شرق وشمال البلاد.
خطورة التباعد الجغرافي
ويرى مراقبون أن خطورة هذا التصعيد لا تكمن فقط في عدد الجبهات، بل في تباعدها الجغرافي، ما يعكس إشكالية هيكلية في قدرة الجيش الأوكراني على الانتشار والتمركز والاستجابة السريعة، في وقت يتسع فيه نطاق الإنهاك والتآكل داخل القدرات الدفاعية، وسط مؤشرات ميدانية على بطء الإمدادات وارتفاع معدلات الخسائر البشرية والمادية.
في هذا السياق، أدلت نائبة البرلمان الأوكراني، آنا سكوروخود، بتصريحات غير معتادة في الخطاب الرسمي، حين قالت: 'الجبهة تنهار، ولا داعي لتوقع حدوث معجزة'، في إشارة إلى تراجع فرص الحسم العسكري لصالح كييف.
تحوّل في ميزان المعركة
يرى خبراء أن اعتراف القيادة العسكرية الأوكرانية بتدهور الوضع في خمس جبهات استراتيجية يمثل تحوّلًا لافتًا في ميزان المعركة، ويعكس تصاعد الضغط الروسي وتقدمه المتدرج في الشرق والجنوب.
وفي تصريحات لـ'إرم نيوز'، أوضح محللون أن صعوبة استعادة مناطق مثل بوكروفسك ونوفوبافلوفسكوي تكشف هشاشة الدفاعات الأوكرانية، وتعزز الانطباع بأن كييف تواجه مأزقًا ميدانيًا متفاقمًا قد ينعكس على معنويات الجنود وخيارات القيادة السياسية.
وأشاروا إلى أن هذا التراجع الميداني يتزامن مع انسداد المسار التفاوضي، ورفض موسكو لأي وساطة من دول مرتبطة بحلف الناتو، فيما يستمر الدعم الغربي العسكري والاقتصادي لأوكرانيا، بما يشير إلى اتساع دائرة الاستنزاف وسط قناعة روسية متزايدة بأن الحسم العسكري هو السبيل الأقرب لفرض الشروط السياسية.
ضغط روسي منهجي
قال بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشأن الروسي، إن اعتراف سيرسكي بخطورة الوضع في خمس جبهات قتالية يُعد إقرارًا عمليًا بفشل الخطط الدفاعية الأوكرانية في مواجهة الضغط الروسي المتصاعد.
اعتراف نادر
وفي تصريح لـ'إرم نيوز'، أوضح البني أن هذا الاعتراف، النادر في توقيته ومضمونه، يعكس تغيرًا حقيقيًا في موازين القوى على الأرض، خاصة أن الجبهات التي أُشير إليها تقع في مناطق استراتيجية متباعدة، ما يبرز التحديات التي يواجهها الجيش الأوكراني في ما يتعلق بالانتشار والدعم اللوجستي.
وأشار البني إلى أن تأخر كييف في استعادة السيطرة على مناطق مثل سومي وخاركيف يعكس تفوق موسكو ميدانيًا، موضحًا أن الجيش الروسي بات يعتمد على تكتيك الضغط المتواصل والمنهجي على عدة محاور في آنٍ واحد، الأمر الذي يصعّب على الجانب الأوكراني إعادة ترتيب دفاعاته أو استعادة المبادرة.
رفض الوساطة التركية
في السياق السياسي، قال البني إن موسكو ترفض بشكل قاطع الوساطة التركية، ليس فقط بسبب عضوية أنقرة في الناتو، بل أيضًا بسبب استمرارها في تزويد أوكرانيا بالسلاح والمعدات.
وأكد أن روسيا ترى في وساطات تقودها دول مثل السعودية، الإمارات، أو الصين بدائل أكثر حيادية، لكن رفض واشنطن وكييف للوساطة الصينية يعطل أي تقدم فعلي في هذا المسار، ويعزز احتمال استمرار التصعيد.
وأشار إلى أن القيادة الروسية باتت ترى في الحسم العسكري خيارًا واقعيًا، خاصة في ظل تعثّر المسارات الدبلوماسية، وتشبّث واشنطن بدعم كييف حتى النهاية.
روسيا تتقدم بخطى ثابتة
من جهته، قال نبيل رشوان، الخبير في الشأن الروسي، إن تحركات الجيش الروسي مؤخرًا، خصوصًا في دونيتسك وباخموت، ليست عشوائية أو مفاجئة، بل تأتي ضمن خطة استراتيجية أوسع تهدف إلى السيطرة الكاملة على الحدود الإدارية للمقاطعات الأربع التي أعلنت روسيا ضمها.
وفي تصريحاته لـ'إرم نيوز'، أضاف رشوان أن موسكو قد تسعى أيضًا إلى إنشاء مناطق عازلة لحماية المدن الكبرى مثل دونيتسك ولوغانسك من أي هجوم أوكراني مضاد.
وأكد أن الحديث في الإعلام الغربي عن 'ترنّح روسي' هو في معظمه دعاية إعلامية، مشيرًا إلى أن الجيش الروسي لا يزال يتمتع بالقدرة على التكيّف وتنفيذ عمليات هجومية متعددة المحاور.
وأوضح أن كييف، رغم صمودها، تواجه قيودًا واضحة على مستوى الإمدادات البشرية والتسليحية، بينما تواصل موسكو الحفاظ على أوراق ميدانية حقيقية، رغم الضغوط الدولية المفروضة عليها.
أوكرانيا نقطة ارتكاز لصراع أوسع
قال رشوان إن أوكرانيا لم تعد مجرد ساحة معركة، بل أصبحت مركزًا لصراع جيوسياسي أوسع بين روسيا والغرب حول إعادة رسم موازين القوى الدولية، مشددًا على أن من 'يسيطر على أوكرانيا يتحكم فعليًا في مسار الأمن الأوروبي'.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لن تسمح بسيطرة روسية كاملة على أوكرانيا، كونها خط الدفاع الأول عن نفوذ الناتو في أوروبا الشرقية.
كما حذر من أن واشنطن وحلفاءها يسعون إلى صراع طويل الأمد يهدف إلى استنزاف روسيا ليس فقط في أوروبا، بل أيضًا في آسيا الوسطى والمحيطين الهندي والهادئ، حيث تتبلور تحالفات جديدة تسعى واشنطن من خلالها لتحجيم موسكو وبكين معًا.
وختم رشوان بالقول: 'أي تسوية سياسية مستقبلية لن تكون ممكنة ما لم تتغير المعطيات الميدانية بشكل جوهري، وروسيا لن تجلس إلى طاولة التفاوض إلا إذا كانت في موقع قوة، في حين تراهن كييف على استمرار الدعم الغربي لتعزيز موقعها وتقليل خسائرها'.