اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
شهدت الأشهر الأخيرة تصاعدًا لافتًا في معدلات البطالة بين الخريجين الجدد، لتتجاوز لأول مرة المعدل العام للبطالة في العديد من الاقتصادات الكبرى، ورغم شيوع التفسيرات العامة التي تربط ذلك بتأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف، إلا أن الأرقام تُظهر ديناميكيات أكثر تعقيدًا، خاصة عند المقارنة بين الخريجين الرجال والنساء، بحسب الرجل.
وارتفع معدل البطالة بين الشباب الذكور الحاصلين على شهادات جامعية من أقل من 5% إلى أكثر من 7% خلال عام واحد، في حين ظل المعدل بين الخريجات الشابات مستقرًا، بل سجل انخفاضًا طفيفًا، ما يثير تساؤلات جوهرية حول أسباب هذا التباين اللافت بين الجنسين في سوق العمل.
وفي تقرير نشرته صحيفة Financial Times بتاريخ 18 يوليو 2025، استنادًا إلى بيانات اقتصادية من عدد من الاقتصادات المتقدمة، تَبيّن أن الذكور هم الفئة الأكثر تأثرًا بتباطؤ التوظيف بين الخريجين الجدد، رغم أن النساء – تاريخيًا – كُنّ يواجهن تحديات أكبر في دخول سوق العمل بعد التخرج. هذا التحوّل في الاتجاهات يسلّط الضوء على تغيرات عميقة في بنية القطاعات الاقتصادية وتفضيلات التوظيف، ويتطلب قراءة أوسع لما وراء الأرقام.
ورغم أن النظرة الأولية تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا، قد بدأ يؤثر على فرص التوظيف للشباب الذكور، لا سيما خريجي علوم الحاسوب، إلا أن البيانات تُظهر أن هذا التأثير كان مؤقتًا. فقد عادت وظائف البرمجة في المستويات المبتدئة إلى الانتعاش في الشهور الأخيرة، بل وتفوقت على قطاعات أخرى في وتيرة التوظيف، ما يعني أن التباطؤ الذي حدث في 2023-2024 كان أقرب إلى تصحيح طبيعي لطفرة التوظيف التي تلت جائحة كورونا، وليس نتيجة مباشرة لاستبدال الذكاء الاصطناعي للوظائف.
القطاعات تحدد فجوة بطالة الخريجين بين الجنسين
المؤشر الأهم الذي يكشف الفجوة بين الجنسين في سوق العمل يكمن في القطاعات التي يختارها الخريجون. إذ يتجه عدد متزايد من النساء إلى قطاع الرعاية الصحية، الذي يشهد نموًا مستمرًا نتيجة تزايد عدد كبار السن، ويُعد أكثر مقاومة للصدمات الدورية والتكنولوجية.
وخلال عام واحد فقط، حصلت الخريجات الشابات على قرابة 50 ألف وظيفة جديدة في قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، أي ما يفوق ضعف عدد الوظائف التي حصل عليها الخريجون الذكور في جميع القطاعات مجتمعة خلال الفترة ذاتها.
ويُرجّح الخبراء أن المرونة النسبية للرعاية الصحية تجاه الأتمتة، إضافة إلى ارتفاع الطلب، جعلا هذا القطاع أشبه بـ 'الملاذ الآمن' للخريجات في مواجهة تقلبات سوق العمل.
ورغم أن النساء يبدين اليوم أكثر قدرة على التعامل مع اضطرابات سوق العمل، إلا أن ذلك لا يعني أنهن في مأمن دائم. فبحسب أبحاث أمريكية حديثة، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يهدد مستقبلاً الوظائف الإدارية المكتبية، والتي تميل النساء لشغلها في المراحل الأولى من حياتهن المهنية، خاصة في قطاعات مثل المحاماة والاستشارات.
وفي المقابل، لا تزال المناصب القيادية في هذه القطاعات تهيمن عليها نسبة أكبر من الرجال، ما يجعل النساء أكثر عرضة للتأثير السلبي في حال تسارع الأتمتة، وفي المحصلة، تُعد الفجوة في بطالة الخريجين بين الجنسين نتيجة مباشرة لاختيارات القطاعات، والديناميكيات الاقتصادية المتغيرة، أكثر من كونها انعكاسًا لتفاوت في الكفاءة أو المؤهلات.
ولهذا، يرى خبراء سوق العمل أن علاج المشكلة لا يكمن فقط في دعم التعليم العالي، بل في توجيه الخريجين نحو قطاعات واعدة ومرنة، وتوفير أدوات تأهيل مستمرة تساعدهم على التكيف مع التحولات الرقمية المتسارعة، مع ضرورة أن يُراعي صانعو القرار هذه الفوارق عند تطوير السياسات.