اخبار اليمن
موقع كل يوم -صحيفة ٤ مايو الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٣ نيسان ٢٠٢٥
4 مايو/ تقرير/ محمد الزبيري
تتأهب حضرموت غداً الخميس 24 أبريل لاحتضان الجماهير الجنوبية المتوقع أن تزحف إلى العاصمة المكلا في فعالية شعبية حاشدة دعا إليها المجلس الانتقالي الجنوبي بحضرموت تحت شعار 'حضرموت قلب الجنوب'، وسط سياق سياسي وأمني بالغ الحساسية، حيث تتصاعد محاولات اختراق المحافظة سياسياً وأمنياً من بوابة تكتلات مشبوهة تعيد للأذهان مشهد اجتياح القاعدة للمكلا عام 2015.
تهدف المليونية لتأكيد تمسك ابناء حضرموت بالانتماء الجنوبي ورفض مشاريع التمزيق ودعاة الفوضى ومحاولات الاحتلال إعادة انتاج نفسه من خلال تفكيك قوات النخبة الحضرمية وإنشاء مليشيات موازية وإعلان مكونات وهمية تعيد التنظيمات الإرهابية من بوابة السياسة
*النخبة الحضرمية: ذاكرة النصر وحصن الاستقرار*
منذ تحرير ساحل حضرموت في أبريل 2016، برزت قوات النخبة الحضرمية كأحد أهم أدوات الاستقرار في الجنوب.
هذه القوة، التي تم تأسيسها وتدريبها بدعم مباشر من دولة الإمارات العربية المتحدة، تمكنت من اجتثاث خلايا القاعدة من المكلا ومحيطها، وأسست واقعاً أمنياً غير مسبوق بعد سنوات من الفوضى والانفلات.
> يقول العميد عبد الكريم الجهوري أحد القادة العسكريين في قوات النخبة الحضرمية
'نحن لا نحمل السلاح فقط، بل نحمل تاريخاً من الدماء التي سالت دفاعاً عن حضرموت. النخبة الحضرمية ليست قوة طارئة، بل ضرورة سيادية'.
وفي تعليق عن محاولات الاحتلال وبعض القوى المعادية دعم انشاء مليشيات موازية لقوات النخبة الحضرمية يقول العميد صالح باوزير
'لا أحد سيحرس حضرموت مثل أبنائها، النخبة ولدت من رحم المعاناة، واليوم نحمل الأمانة ونرفض أي قوى تحاول أن تنزع منا حقنا في حماية أرضنا'.
*الإمارات:شريك الأمن والتنمية*
لم تكن معركة حضرموت ضد الإرهاب معركة محلية فقط، بل شكّلت نموذجاً لتحالف أمني-عسكري إقليمي ناجح، كان لدولة الإمارات الدور المركزي فيه. فمن خلال برامج تدريب متقدمة، وتجهيزات لوجستية حديثة، وتحفيزات مالية منتظمة، تمكنت النخبة من تحقيق قفزة نوعية في الأداء والجاهزية.
مثل الدعم الإماراتي السخي حجر الزاوية في تطهير الجنوب من الإرهاب ففي حضرموت التي سلمها الاحتلال اليمني للتنظيمات الإرهابية كان لدولة الإمارات العربية المتحدة الفضل الكبير في تحريرها بعد أن تبنت دعم وتدريب وتأهيل قوات النخبة الحضرمية وتوفير السلاح والدعم اللوجيستي والضربات الجوية التي استهدفت مواقع الإرهاب وكان لها الدور الحاسم في نجاح عملية تحرير مدن ساحل حضرموت في 24 أبريل 2016.
ولم يقتصر الدعم الإماراتي على الجوانب العسكرية، بل شمل أيضاً برامج تنموية ومشاريع خدمية أعادت الأمل للمدن التي دمرها الإرهاب.
يؤكد القادة الإماراتيين أن 'أمن حضرموت هو حجر الزاوية في أمن الإقليم، ودعمنا للنخبة الحضرمية هو التزام استراتيجي لا رجعة فيه'
*تكتل النهدي: عودة القاعدة عبر نوافذ السياسة*
تثير التحركات الأخيرة لما يُعرف بـ'تكتل التحرير والتغيير' الذي يقوده أبو عمر النهدي، القيادي السابق في تنظيم القاعدة، قلقاً واسعاً في الأوساط السياسية والمجتمعية في حضرموت والجنوب والتي ترى في اشهار مثل هذه الكيانات محاولة لإعادة نشاط الجماعات الإرهابية عبر بوابة السياسة.
ويعتبر مراقبون أن هذه التحركات تهدف لإعادة إنتاج سيناريو 2015، ولكن بأساليب ناعمة وواجهات مدنية.
الدكتور نجيب بن عوض يعلق بالقول:
'ما لم يحصلوا عليه عبر البندقية، يحاولون أخذه عبر الشعارات، الخطورة تكمن في الترويج لتكتلات يقودها إرهابيون سابقون ضمن غطاء حزبي أو مدني'.
ظهر ما يُعرف بـ'تكتل التحرير والتغيير' بزعامة أبو عمر النهدي، أحد أبرز الأسماء المدرجة في قوائم الإرهاب، وقائد سابق في تنظيم القاعدة الذي احتل المكلا لمدة عام كامل ليثير قلق المواطنين في حضرموت الذين عبروا عن رفضهم لإعادة التنظيمات الإرهابية التي ارتكبت جرائم بشعة بحق المواطنين الأبرياء في حضرموت طوال عام كامل بعد اسقاطها مدن ساحل حضرموت بالتآمر مع نظام الاحتلال في عام 2015
التكتل الجديد، بحسب مراقبين، ليس سوى محاولة لإعادة تسويق وجوه إرهابية في إطار مدني، ليتسلل من جديد إلى وادي حضرموت عبر واجهات سياسية.
يقول الصحفي الحضرمي وليد باعشن:
'من سلم حضرموت في 2015، يسعى اليوم لتسليم واديها، لكن الحضارم أكثر وعياً ولن يلدغوا مرتين'.
*فعالية 24 أبريل: واجب وطني ورسالة جنوبية جامعة*
لا تبدو فعالية 24 أبريل مجرد تظاهرة شعبية؛ بل هي استفتاء شعبي مباشر على هوية حضرموت وانتمائها الوطني.
دعوات المشاركة تنطلق من منطلق الوفاء لشهداء النخبة الحضرمية، ورفضاً لأي مشروع تمزيقي ممول من قوى الاحتلال اليمني.
محمد الكثيري، ناشط شبابي من المكلا، يؤكد:
'نحن لا نحتشد فقط، بل نؤكد أننا أصحاب الحق، وأن لا أحد يملي علينا هويتنا الجنوبية. حضرموت عصية على الفوضى'.
*خطر تفكيك النخبة ومحاولات خلق مليشيات موازية*
في الوقت الذي تحقق فيه النخبة الاستقرار في ساحل حضرموت، تسعى أطراف مرتبطة بالمنطقة العسكرية الأولى إلى تفكيك هذا الكيان الأمني، وخلق مليشيات قبلية أو حزبية موازية تسهم في تفتيت النسيج الأمني.
ويحذر تقرير صادر عن مركز الدراسات الأمنية بعدن من أن:
'تفكيك النخبة يعني نزع آخر خطوط الدفاع ضد عودة الإرهاب إلى وادي حضرموت، وهو هدف واضح لقوى الاحتلال'.
في الوقت الذي ينعم فيه ساحل حضرموت بالاستقرار، يعيش وادي حضرموت واقعاً أمنياً هشاً تحت سيطرة 'المنطقة العسكرية الأولى'، المتهمة بإيواء عناصر إرهابية وتمكينها من الحركة والتنقل بحرية.
شهد الوادي خلال السنوات الأخيرة عشرات الاغتيالات التي استهدفت ضباطاً ومواطنين جنوبيين، دون أي تحرك حقيقي من قبل المنطقة العسكرية الأولى الأمر الذي جعل المواطنين الحضارم أكثر تمسكاً بقوات النخبة الحضرمية
يقول الناشط عبدالله بن ماضي
'نحن نعيش تحت تهديد يومي لا ثقة لنا بهذه القوات التي لم تردع إرهابياً واحداً،نطالب بطرد قوات المنطقة العسكرية الأولى وتمكين قوات النخبة الحضرمية من الانتشار في وادي حضرموت.
*الزُبيدي: حضرموت إقليم فيدرالي في الدولة الجنوبية القادمة*
في أكثر من خطاب، شدد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، على أن حضرموت ليست فقط جزءاً من الجنوب، بل ركيزة أساسية لبناء الدولة الاتحادية الجنوبية القادمة. وأكد أن المجلس الانتقالي لن يسمح بأي شكل من أشكال الوصاية على قرار أبناء حضرموت.
في خطاب سابق قال الزُبيدي:
'حضرموت هي الجنوب، والجنوب هو حضرموت.
مركداً أن حضرموت'ستكون إقليماً فيدرالياً بحكم ذاتي، ولن يقرر مصيرها إلا أبناؤها'.
في بيان صادر من المجلس الانتقالي الجنوبي صدر قبل أيام أكد المجلس على تمسكه بفيدرالية الدولة الجنوبية القادمة بحيث تدار كل الأقاليم الجنوبية بواسطة ابناءها عبر الحكم الذاتي ضمن دولة جنوبية فيدرالية موحدة.
' أكد بيان المجلس وانطلاقًا من الإيمان العميق بالشراكة الوطنية الصادقة، واستشعارًا للمكانة الجغرافية والاقتصادية والثقافية التي تمثلها محافظة حضرموت في وجدان أبناء الجنوب، وإدراكًا لحساسية اللحظة التاريخية التي تمر بها بلادنا، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكد أن حضرموت شريك لا تابع وأن حضرموت ليست مجرد محافظة جنوبية، بل تمثل ركيزة أساسية لمستقبل الدولة الجنوبية المنشودة.
يقول بيان المجلس أيضاً 'نؤمن أن شراكتنا مع حضرموت تقوم على الاحترام الكامل لإرادة أبنائها وتطلعاتهم في الحكم المحلي، والإدارة الذاتية للثروة، وصناعة القرار من داخل أرضهم
ونؤكد التزامنا بتأسيس نظام فيدرالي عادل، تكون فيه حضرموت إقليمًا يتمتع بكامل الصلاحيات الإدارية والاقتصادية، في إطار دولة جنوبية موحدة على أسس الشراكة والتكامل كما نؤيد إدارة محلية شاملة لكل المؤسسات الخدمية والعسكرية والأمنية في حضرموت، على أن تكون بقيادة حضرمية خالصة، وبتمثيل حقيقي في كل مفاصل الدولة الجنوبية.
وفيما يتعلق بالجانب الأمني والعسكري أكد بيان المجلس على أن:
'أي تواجد أمني أو عسكري جنوبي في حضرموت سيكون في إطار الشراكة والتنسيق، وبقيادة حضرمية، مع التأكيد على احترام النسيج الاجتماعي القبلي والمدني في الوادي والساحل على حد سواء.
ودعا المجاس إلى حوار مفتوح وشامل مع كل القوى الوطنية في حضرموت لوضع خارطة طريق تضمن حقوق حضرموت وتمثيلها
وقال بيان المجلس'ندعو إلى حوار مفتوح وشامل مع كل القوى الحضرمية السياسية والاجتماعية، لوضع خارطة طريق تضمن حقوق حضرموت وتمثيلها الحقيقي، في مسار الجنوب الفدرالي.
وفي ختام بيانه جدد المجلس الانتقالي الجنوبي العهد' أننا لن نكون يومًا عامل إقصاء، بل جسرًا للوصول إلى شراكة حقيقية تحقق تطلعات أهلنا في حضرموت، والجنوب عامة.
'إننا أمام فرصة تاريخية لصناعة مشروع دولة جنوبية عادلة، وحضرموت في قلب هذا المشروع، لا على هامشه.'
*المواطنون يطالبون بتمكين النخبة وإخراج المنطقة الأولى*
مع تصاعد الأصوات المطالبة بتمكين قوات النخبة الحضرمية من الانتشار في وادي حضرموت، يرى المواطنون أن بقاء المنطقة العسكرية الأولى يمثل استمراراً لحالة الاختراق والتهديد، خصوصاً مع رصد تنقلات مشبوهة لعناصر إرهابية في ظل غطاء هذه المنطقة.
قبائل وادي حضرموت أصدرت بياناً مشتركاً أكدت فيه:
'لن نسمح بإعادة سيناريو المكلا في الوادي، ولن نقبل بأن تكون منطقتنا ملاذاً آمناً للإرهاب بحماية وحدات مشبوهة
*الشائعات والانقسام.. وفعالية واحدة لتوحيد الصف*
رغم محاولات إعلامية لتصوير حضرموت كمجتمع منقسم، فإن التفاعل الشعبي الكبير مع فعالية 24 أبريل يُعد رداً عملياً على تلك الادعاءات. اللافتات الموحدة، والمواقف القبلية الجامعة، تؤكد أن المشروع الجنوبي هو الخيار الجامع.
*حضرموت في قلب الجنوب.. ولن تسقط مرتين*
في لحظة حاسمة من تاريخ الجنوب، تؤكد حضرموت أنها لن تكون مسرحاً لإعادة الفوضى. النخبة الحضرمية على الأرض، والشعب في الساحات، والمشروع الجنوبي يمضي بخطى ثابتة.
فالذين سلموا حضرموت للقاعدة لن يسلموها مجدداً، فالوعي الشعبي والنخبة والقبائل يدٌ واحدة في وجه كل مشروع غريب عن هذه الأرض'.
*قبائل حضرموت: صخرة صلبة في وجه مشاريع الاحتلال*
أعلنت كبريات قبائل حضرموت تأييدها الكامل لقوات النخبة، ودعمها المطلق لمطالب المجلس الانتقالي، محذّرة من أي محاولات لاستقدام مليشيات خارجية أو تشكيل كيانات موازية للنخبة.
وفي بيانات صادرة عن أغلب قبائل حضرموت ومكوناتها المجتمعية أكدت أن 'حضرموت لأهلها ودماء أبنائنا التي سالت لن تذهب هدراً ولا مكان للمنطقة الأولى بيننا بعد اليوم'
رغم سعي القوى المعادية للجنوب الترويج لوجود انقسام في صفوف الحضارم، إلا أن الإجماع الكبير حول فعالية 24 أبريل، والدعوات التي تتقاطر من مدن وقرى المحافظة، تؤكد أن حضرموت جسد واحد، وأن الجنوب هو الخيار الجامع.
وفي خضم محاولات اختراق الجنوب مجدداً عبر أدوات الإرهاب أو الشعارات الزائفة، تقف حضرموت شامخة، بساحلها وواديها، لتقول: 'نحن الجنوب.. ولن نكون إلا معه'.
ومع اقتراب موعد المليونية، يتحول صوت حضرموت من مجرد هتاف إلى موقف تاريخي، يتجاوز المؤقت، ويؤسس لواقع سياسي جديد تكون فيه حضرموت شريكاً حقيقياً في القرار والمصير.