اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٥ أيار ٢٠٢٥
يتعلم المشاركون في دروس الخط في هانوي قواعد هذا الفن الصيني المنشأ، ولكن بدلا من الأحرف الصينية، يستخدم هؤلاء الأبجدية اللاتينية الموروثة من الاستعمار الفرنسي، مع لمسة فيتنامية خاصة.
وتقول هوانغ تي تان هوين وهي تخطّ الكلمات بفرشاة على ورقتها، ومثلها ستة أشخاص بالغين 'عندما أنكبّ على الخط، أشعر بأنني أتحدث مع نفسي'.
وتضيف الشابة البالغة 35 عاما 'إنها طريقة بالنسبة إلي للاسترخاء بعد العمل'.
وتتداخل في هوايتها تقاليد الخط الكونفوشيوسية والتأثيرات الغربية التي أحدثت تحوّلا في فيتنام خلال القرون الثلاثة الأخيرة، أحيانا بالقوة.
وتجتمع في الكتابة الفيتنامية بالأحرف اللاتينية المعروفة بـ'كووك نغو' Quoc NGU تأثيرات المبشّرين المسيحيين الأوَل، والاستعمار الفرنسي وتَوَلّي الحزب الشيوعي السلطة.
ويعكس اعتماد هذه الكتابة مرونة فيتنام التي تنتهج على المستوى الدبلوماسي سياسة متميزة، وتحرص في الوقت نفسه على أن تكون قريبة من الصين والقوى الغربية.
فبعد شهر من زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ، يستقبل المسؤولون الفيتناميون اعتبارا من الأحد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تجسيد جديد لسياسة 'الخيزران' التي يتبنونها.
- قاموس في 1651 -
ويُتوقع أن يزور الرئيس الفرنسي الاثنين 'معبد الأدب' الذي يُعدّ رمزا لهانوي، وكُتِبت الشروح للسياح على جدرانه ولافتاته بالأحرف الصينية وبالفيتنامية اللاتينية.
وساهم الاستعمار في تعميم 'كووك نغو' التي كان الكهنة الكاثوليك وراء ابتكارها قبل قرنين. فعندما نشر الكاهن اليسوعي المولود في مدينة أفينيون الفرنسية ألكسندر دو رود تحت اسمه أول قاموس برتغالي-فيتنامي-لاتيني عام 1651، كان الهدف منه أن يستخدمه المبشّرون الساعون إلى نشر دينهم في ما كان يسمى آنذاك 'داي فييت'.
وتشرح طالبة الدكتوراه في جامعة بيركلي في كاليفورنيا خان مينه بوي المتخصصة في تاريخ فيتنام في القرنين التاسع عشر والعشرين في حديث لوكالة فرانس برس، أن الفرنسيين نشروا الأبجدية اللاتينية لتدريب الموظفين المدنيين الذين كانوا يساعدونهم في حكم الهند الصينية.
وتضيف أن الهدف أيضا كان 'قطع الصلة مع حضارة أقدم أثرت بشكل كبير على النخب'، هي الحضارة الصينية.
وتم التخلي تدريجا عن الرموز التعبيرية التي كانت مستخدمة منذ قرون. وكانت لغة 'كووك نغو' الأسهل للتعلّم وراء زيادة في عدد الصحف والإصدارات، وانتشار واسع لها، بحيث باتت تصل إلى جمهور أكبر بكثير من ذي قبل، مما ساعد في نشر الخطاب المناهض للاستعمار الذي مهّد لوصول الشيوعيين إلى السلطة، على الرغم من الرقابة.
- حرية فنية -
وتشير خان مينه بوي إلى أن 'كووك نغو' فتحت الطريق أمام 'تعليم جديد وطريقة جديدة في التفكير'.
وتضيف أنه عندما أعلن مؤسس الحزب الشيوعي هو شي منه الاستقلال عام 1945، 'لم تكن واردة' العودة إلى الوراء.
اليوم، يستطيع السائح الغربي التائه في أزقة هانوي قراءة أسماء الشوارع، ولكن من دون أن يتمكن من نطقها بشكل صحيح، بسبب العلامات الإملائية التي تساعد في نسخ النغمات الست للغة الفيتنامية، وهي غامضة جدا بالنسبة الى غير المطلعين.
ويلاحظ مدرّس الخط نغوين تانه تونغ (38 عاما) أن عددا متزايدا من الفيتناميين مهتمون بالثقافة التقليدية، بما في ذلك 'كووك نغو'.
ويقول 'إنها في دمنا، وهي جين يسري داخل جميع أفراد الشعب الفيتنامي'.
ويشرح الخبير أن خط 'كووك نغو' يوفّر حرية فنية أكبر 'من حيث اللون والشكل والفكرة' من تلك التي تتيحها الحروف الصينية الخاضعة لقواعد قديمة.
ويشدد تونغ على أن 'الثقافة ليست ملكا لبلد ما، بل هي تبادل بين المناطق'. ويضيف 'اللغتان الإنكليزية والفرنسية تستخدمان كلمات من لغات أخرى، والفيتناميون يفعلون ذلك أيضا'.