اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
على الرغم من التوقف الأخير، والذي من المرجح أن يكون مؤقتًا، لهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، يظل التهديد قائمًا ومستمرًا، إذ لم تُنهِ أي هدنة مؤقتة القدرة التشغيلية للجماعة.
وتشير الهجمات الأخيرة إلى أن الحملة البحرية للحوثيين ليست مجرد نشاط عابر، بل هي جزء من استراتيجية طويلة الأمد تعتمد على شبكات توريد وإمداد معقدة تمتد إلى إيران ودول أخرى.
وترى الباحثة نعوم ريدان في تقرير نشره معهد واشنطن أن أي محاولة لضمان أمن الملاحة البحرية وحماية التجارة العالمية لن تكون فعالة دون استهداف هذه الشبكات وتعطيلها.
ولاتزال حرية الملاحة في البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية المجاورة تحت تهديد مباشر وغير مباشر. فقد أكد مسؤول حوثي رفيع المستوى أن الهجمات البحرية قد تستأنف في حال تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، ما يوضح أن الحوثيين مرتبطون سياسيًا وعسكريًا بأحداث الصراع الإقليمي وأن تهديداتهم لا يمكن عزلها عن التطورات في الشرق الأوسط.
ومن الواضح أن الصناعة البحرية وقوات التحالف تراقب الوضع بحذر دائم، كما كان الحال خلال الهدنة القصيرة في يناير، ما يعكس استمرار المخاطر على الممرات البحرية الحيوية وتأثيرها المباشر على التجارة العالمية.
وكشفت الهجمات الحوثية أن شبكات التوريد الخاصة بالمجموعة تشكل العصب الأساسي لاستمرار حملتهم البحرية.
وفي سبتمبر، تعرضت ناقلة كانت تنقل الغاز الإيراني المسال لهجوم غامض قرب ميناء رأس عيسى الخاضع لسيطرة الحوثيين، ما يؤكد أن هذه الشبكات توفر القدرة التشغيلية للمجموعة وتتيح لها توجيه تهديداتها بشكل مستمر.
وتعتمد هذه الشبكات على سلسلة معقدة من الموردين الدوليين والإقليميين، وتغطي جوانب متعددة من الإمدادات البحرية، من الوقود والمواد الكيميائية إلى قطع الغيار والمعدات اللوجستية.
ولذلك، تصبح أي خطة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة مرتبطة مباشرة بقدرة المجتمع الدولي على تفكيك هذه الشبكات.
ومع تكثيف وزارة الخزانة الأميركية جهودها لمواجهة الشبكات الإيرانية المسؤولة عن تمويل الحوثيين، أصبح من الضروري مراقبة شبكاتهم الأوسع وتحليلها. فطالما بقيت هذه الشبكات قوية وفعالة، سيظل الحوثيون قادرين على تنفيذ هجماتهم البحرية، ما يهدد حرية الملاحة ويجعل أي هدنة مؤقتة غير كافية لحماية السفن التجارية والمصالح الاقتصادية في المنطقة.
وإحدى السمات البارزة للهجمات الحوثية هي التباين الواضح في استهداف السفن حسب جنسياتها ومالكيها.
وبينما تتجنب السفن الأميركية والأوروبية المرور عبر البحر الأحمر خوفًا من الهجمات، تظل السفن الروسية والصينية من بين الأكثر استخدامًا للممر الجنوبي للبحر الأحمر، حيث يستمر نقل النفط الروسي إلى الهند رغم العقوبات الأميركية والأوروبية، وشراء المواد الخام بأسعار مخفضة.
ويعكس هذا الاختلاف قدرة الحوثيين على توجيه تهديداتهم بشكل انتقائي، ويبرز أهمية تعطيل شبكاتهم اللوجستية لضمان سلامة الملاحة التجارية الدولية وحماية السفن ذات الأعلام المختلفة.
كما أن التحليل يظهر أن الحوثيين يراقبون بعناية كبيرة نوع الحمولة ووجهة السفن، ما يشير إلى امتلاكهم قدرات استخباراتية وتحليلية متقدمة، تمكنهم من تحديد أهدافهم بدقة، وهو ما يجعل تعطيل شبكات التوريد والشراء عنصرًا حاسمًا في تقليص القدرة التشغيلية للمجموعة على المدى الطويل. فالتركيز على الإمدادات الأساسية وطرق الشحن هو السبيل الأمثل لتقليص نطاق تهديداتهم دون الحاجة إلى مواجهات عسكرية مباشرة قد تؤدي إلى تصعيد أوسع في المنطقة.
ولم تعد تهديدات الحوثيين مقتصرة على البحر الأحمر فحسب، بل امتدت لتطال البنية التحتية الحيوية في السعودية.
وفي أغسطس، استهدفت المجموعة ناقلة نفط قرب ميناء ينبع، ما يعكس قدرتها على توجيه ضربات استراتيجية تهدد الإمدادات النفطية والتجارة العالمية.
ويدل هذا التحول في استراتيجيتها على أن الحوثيين قادرون على توسيع دائرة التهديد لتشمل المنشآت الاقتصادية الحيوية، وهو ما يضع المزيد من الضغوط على الرياض لضمان حماية المصالح النفطية وحرية الملاحة البحرية.
ويوضح الاستهداف المباشر للبنية التحتية السعودية أيضًا أن الحوثيين يملكون القدرة على التخطيط بعيد المدى، وليس مجرد تنفيذ هجمات عشوائية، مما يجعل تعطيل شبكات توريدهم والتحكم في مسارات إمداداتهم أمرًا ضروريًا للحفاظ على استقرار المنطقة ومنع أي تصعيد محتمل.
الهجمات العسكرية المباشرة والعقوبات الفردية على السفن ليست كافية وحدها لمواجهة الحوثيين. فقد واصلت السفن الخاضعة للعقوبات إيصال الإمدادات للموانئ الحوثية، مما يبرز الحاجة إلى استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تعطيل شبكات شراء الحوثيين بالكامل.
ويشمل ذلك تتبع أنشطتهم الممتدة إلى إيران والصين ودول أخرى، مع القدرة على تعطيل هذه الشبكات بشكل فعال دون التأثير سلبًا على التجارة الإقليمية.
وبالإضافة إلى ذلك، يشير تجنب السفن الأميركية والأوروبية المرور عبر البحر الأحمر إلى أن الحوثيين تمكنوا من فرض تأثير نفسي واستراتيجي على حركة التجارة العالمية، ما يزيد من أهمية معالجة شبكاتهم اللوجستية بشكل جدي ومستمر. فالتحرك المنسق لتفكيك هذه الشبكات سيقلل من قدرة الحوثيين على تهديد المصالح التجارية ويعيد الثقة إلى الشحن البحري في المنطقة.
إن تعطيل شبكات الحوثيين هو المفتاح لإنهاء التهديد طويل الأمد على البحر الأحمر، وحماية المصالح الاقتصادية الإقليمية، وضمان أمن الملاحة البحرية الدولية.
وطالما بقيت هذه الشبكات قوية، ستستمر المخاطر على حرية الملاحة والتجارة العالمية، وستظل جهود الأمن البحري محدودة التأثير.
ولذلك، يجب على الولايات المتحدة وشركائها التركيز على رسم خريطة دقيقة لشبكات الحوثيين، وفهم آلية عملها، وتعطيلها بشكل تدريجي وفعال.
ويجب أن تشمل هذه الاستراتيجية عناصر عدة: تحسين الاستخبارات البحرية، تعزيز التعاون الدولي مع دول المنطقة، مراقبة شبكات التمويل والشراء الحوثية، وتعزيز الإجراءات القانونية والاقتصادية لتقييد وصولهم إلى المواد الحيوية. كما أن تطبيق هذه الاستراتيجية بشكل مستمر سيضمن أن أي هدنة أو توقف مؤقت في الهجمات سيكون فرصة حقيقية لاستعادة الأمن وليس مجرد فترة استراحة مؤقتة للملاحة البحرية.













































