مكملات التورين.. هل تنقذ خصوبة الرجل؟ العلم يجيب

يساعد 'التورين' على تكوين الحيوانات المنوية ونضجها، بل يحميها من أضرار الإجهاد التأكسدي، الذي قد يسبّب تشوهها أو ضعف حركتها أو نقص عددها، كما أنّه يحافِظ على نشاط الغدد الصماء في إنتاج هرمون التستوستيرون، بما يضمن إنتاج هذه الحيوانات، بحسب الرجل.

فإلى أي مدى يمكن أن تسهم مكملات التورين في تعزيز الخصوبة وتحسين جودة الحيوانات المنوية؟ وما أبرز المصادر الطبيعية التي تمدّ الجسم بهذا المركب الحيوي؟

ما هو التورين وما وظيفته؟

التورين 'Taurine' حمض أميني يُسهِم في كثير من وظائف الجسم، مثل تنظيم المناعة والوظائف العصبية، وتكوين الأملاح الصفراوية للهضم، وتقليل الإجهاد التأكسدي، كما أنّه يُصنَّع ومتوافر بكثرة في الجهاز التناسلي الذكري.

ويساعِد التورين على تكوين الحيوانات المنوية ونضجها، كما يُؤخِّر شيخوخة الخصية، ويعزِّز القدرة الجنسية، كما يحمي أيضًا من الأضرار السامة التي تلحق بالجهاز التناسلي للرجل، بسبب المواد الخارجية، مثل الأدوية، أو الملوثات البيئية أو الإشعاع.

لذا فقد تكون مكملات التورين مفيدة في تحسين صحة الجهاز التناسلي، وحماية الحيوانات المنوية من التلف بفعل الإجهاد التأكسدي، ما ينعكس إيجابًا على الخصوبة والصحة التناسلية للرجل.

تأثير الإجهاد التأكسدي على الحيوانات المنوية

حسب دراسةٍ نشرت عام 2023 في دورية 'Cureus'، فإنَّ الإجهاد التأكسدي، قد يضرّ الحيوانات المنوية من عدّة نواحٍ، منها على سبيل المثال:

انخفاض حركة الحيوانات المنوية؛ إذ يُضعِف الإجهاد التأكسدي قدرتها على الحركة، مما يمنعها من الوصول إلى البويضة وتخصيبها.

تشوهات الحيوانات المنوية، بما يجعل شكلها غير طبيعي، وبما يؤثِّر سلبًا في قدرتها على الإخصاب.

انخفاض قابلية الحيوانات المنوية للبقاء على قيد الحياة، لأنّ الإجهاد التأكسدي يحفّز موت خلاياها، ما قد يؤدّي في النهاية إلى تقليل عدد عددها الإجمالي.

تكسّر المادة الوراثية للحيوانات المنوية، بما يقلّل فرص الحمل والإنجاب.

ويساعد التورين في حماية الحيوانات المنوية من التأثيرات الضارة للإجهاد التأكسدي، بما يُسهِم في تعزيز الخصوبة وتحسين جودة الحيوانات المنوية.

مكملات التورين وصحة الحيوانات المنوية

التورين متوافر بكثرة في الجهاز التناسلي للرجل، ومِنْ ثمّ فقد ينعكس نقصه على الصحة الإنجابية، وحسب دراسةٍ نشرت عام 2018 في دورية 'FEBS Journal'، فقد ارتبط نقص التورين في الحيوانات المنوية بالعُقم عند الرجال؛ إذ لاحظ فريق البحث أنّ الحيوانات المنوية التي تفتقر إلى التورين، أظهرت تغيّرات غير طبيعية في الشكل، بما يؤثِّر في الخصوبة بدرجةٍ كبيرة.

- التورين وعدد الحيوانات المنوية:

تتراجع مستويات التورين مع تقدُّم العُمر، بما قد يؤثِّر سلبًا في عدد الحيوانات المنوية، ومِنْ ثمّ فقد يساعد الحصول على مكملات التورين على تعزيز الخصوبة عبر زيادة عدد الحيوانات المنوية.

وحسب دراسةٍ نشرت عام 2019 في دورية 'Advances in Experimental Medicine and Biology'، فإنَّ العلاج بالتورين ساعد على زيادة عدد الحيوانات المنوية وقدرتها على البقاء وحركتها أيضًا، كما تحسّنت جودة الحيوانات المنوية ووظيفتها عبر زيادة التمثيل الغذائي لطاقة الميتوكوندريا.

- التورين وجودة الحيوانات المنوية:

ارتبط نقص التورين كذلك بتشوهات الحيوانات المنوية والشكل غير الطبيعي لها، وحسب دراسة نشرت عام 2018 في دورية 'FEBS Journal'، فإنَّ نقص التورين يضاعِف خطر ظهور عيوب الذيل (جزء من الحيوان المنوي مسؤول عن الحركة)، بما يمنع الحيوانات المنوية من التحرّك نحو البويضة للإخصاب، ومِنْ ثمّ فإنّ التورين ضروري لنجاح الإخصاب والحمل، والحفاظ على الشكل الطبيعي للحيوان المنوي.

- التورين وهرمون التستوستيرون:

التستوستيرون ليس هرمون الذكورة فحسب، بل ضروري أيضًا لإنتاج الحيوانات المنوية والحفاظ على خصوبة الرجل، وقد أشارت دراسةٌ نشرت عام 2010 في مجلة 'Amino Acids'، إلى أنَّ التورين قد يُعزِّز إنتاج التستوستيرون دون أن يزيد هرمون الأنوثة، الذي يبطِئ بدوره إنتاج الحيوانات المنوية.

كذلك فإنّ التورين يعزّز محور ما تحت المهاد والغدة النخامية والخصية (HPT axis)، بما يضمن سلسلة إنتاج الهرمونات المسؤولة عن الخصوبة؛ بدءًا من 'تحت المهاد' مرورًا بـ'الغدة النخامية'، ووصولًا إلى الخصية التي تفرِز هرمون التستوستيرون؛ استجابةً لهما.

فوائد إضافية للتورين لصحة الرجل

لا يعزّز التورين جودة الحيوانات المنوية أو الخصوبة عند الرجل وحسب، بل له إسهامات أوسع من ذلك في تعزيز الصحة، مثل:

1. تحسين الأداء الرياضي:

يعزِّز التورين قدرة العضلات على الانقباض، كما يُؤخِّر إرهاق العضلات، بما يضمن تعزيز الأداء الرياضي، وممارسة التمارين الرياضية لأطول فترةٍ ممكنة، وقد ذكرت مراجعة لـ19 دراسة، نُشِرت عام 2021 في 'مجلة الجمعية الدولية للتغذية الرياضية'، أنَّ التورين قد يعزّز حرق الدهون خلال التدريبات، لتوفير طاقةٍ إضافية لممارسة التمارين.

كما أشارت أيضًا إلى دور التورين في:

زيادة امتصاص الجسم للأكسجين.

زيادة الوقت المستغرَق للشعور بالتعب.

تحسين أوقات التعافي (الاستشفاء العضلي).

تحسين القوة والقدرة البدنية.

تقليل تلف العضلات.

كما اقترحت المراجعة أنّ الجرعة الفعالة لتحقيق هذه الفوائد هي 1 - 3 جرام، تُؤخَذ قبل 1 - 3 ساعات من التمرين، لمدة 6 - 21 يومًا على الأقل، وإن كانت لا تزال هناك حاجة إلى دراسات أكبر حول دور التورين في تحسين الأداء الرياضي.

2. مكافحة مرض السكري:

يتمتّع التورين بخصائص مضادة للأكسدة والالتهابات، من شأنها أن تزيد حساسية الإنسولين، بما يُقلّل احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ويساعد على التحكّم في مستويات السكر في الدم بشكلٍ أفضل.

وقد بيّنت دراسة نشرت عام 2019 في دورية 'Biomolecules'، أنَّ مرضى السكري لديهم مستويات أقل من التورين بنسبة 25%، مقارنةً بغير المُصابين بمرض السكري، مما يدلّ على أنّ التورين قد يكون له دور في تنظيم مستويات السكر في الدم.

3. تحسين صحة القلب:

قد يكون التورين مفيدًا أيضًا في الحفاظ على صحة القلب، فقد ربطت دراسة نشرت عام 2014 في دورية 'Amino Acids'، بين ارتفاع مستويات التورين، وانخفاض نسبة الكوليسترول في الدم، وانخفاض ضغط الدم، وانخفاض معدلات الوفاة بسبب أمراض القلب بدرجةٍ ملحوظة.

فيما بيّنت دراسة نشرت عام 2020 في دورية 'Nutrients'، أنَّ المستويات العالية من التورين، يمكِن أن تحمي من أمراض القلب.

الجرعات الموصى بها والاحتياطات

تتراوح الجرعة المُعتادة لمكملات التورين بين 500 - 3,000 مجم يوميًا، ورغم اقتراح الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية 'EFSA' أنّ الحصول على 6,000 مجم يوميًا من التورين يُعدّ آمنًا، فإنّ عدم تجاوز 3,000 مجم يوميًا أكثر أمانًا ويعزِّز الفوائد.

الآثار الجانبية وموانع الاستخدام

حسب دراسةٍ نشرت عام 2019 في دورية 'Redox Biology'، فإنَّ التورين لا يحمل آثارًا سلبية عند تناوله في صورة مكملات بطريقةٍ صحيحة، بل يمكِن تناول ما يصل إلى 3 جرامات يوميًا من التورين بأمان.

ومع ذلك، فقد يعانِي بعض الناس آثارًا جانبية مع تناول مكملات التورين، مثل:

الغثيان.

القيء.

الصداع.

ألم الكبد (يقع في الجزء العلوي الأيمن من البطن).

ألم المعدة.

كما لا يُوصَى بتناول مكملات التورين إلى جانب بعض الأدوية، لمنع حدوث تفاعلات دوائية، ومن أمثلة تلك الأدوية:

أدوية الصرع.

أدوية الاكتئاب.

أدوية السيولة.

أدوية الكوليسترول.

وعمومًا يجب استشارة اختصاصي الرعاية الصحية قبل تناول أي مكملٍ غذائي، خاصةً مع الحاجة إلى دراساتٍ أوسع بشأن فوائد التورين للخصوبة، ولمعرفة أفضل النصائح والمكملات الإضافية التي تدعم الخصوبة وجودة الحيوانات المنوية عند الرجل.

المصادر الغذائية للتورين

قد لا ترغب في تناول مكملات التورين، حتى لو لم يكُن لها أضرار كبيرة، ومن ثم يمكنك الحصول عليه من مصادر طبيعية.

والتورين متوافر في المصادر الحيوانية بالأساس، مثل اللحوم والمأكولات البحرية ومنتجات الألبان، ومِنْ ثمّ فإنّ النباتيين أو من لا يتناولون المنتجات الحيوانية، تكون مستويات التورين لديهم منخفضة، مقارنةً بمن يتناولون المنتجات الحيوانية بانتظام.

كذلك يتوافر التورين في مشروبات الطاقة؛ إذ توفّر العبوة (237 مل) من مشروبات الطاقة نحو 750 مجم من التورين، حسب 'Healthline'، ورغم ذلك عليك الحذر، إذ تحتوي مشروبات الطاقة على كميات كبيرة من مواد أخرى ضارّة للجسم، لذا لا يُنصَح بالاعتماد عليها كمصدر رئيسي للتورين.