اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
يبدو شاطئ الخضيرة في وسط إسرائيل للوهلة الأولى كأي شاطئ آخر في منطقة البحر الأبيض المتوسط، برماله الذهبية وزرقة مياهه، ولكن لا يلبث الناظر إليه من كثب أن يكتشف مشهدا غير مألوف، إذ تظهر بين الأمواج زعانف أسماك القرش.
تقصد أسماك القرش هذه البقعة البحرية عادة بين تشرين الثاني/نوفمبر وايار/مايو، تجذبها إليها مياه دافئة مصدرها محطة قريبة لتوليد الكهرباء.
لكنّ الاحترار المناخي يسهم كذلك بهذا التجاور الحَذِر بين تلك الحيوانات المفترسة التي يتسم سلوكها بجرأة أكبر من المعتاد، والبشر الفضوليين إلى حدّ التهوّر أحيانا.
ففي حادث هو الأول من نوعه، تعرّض رجل اقترب أكثر مما يجب لهجوم من إحدى هذه الأسماك أودى بحياته في نيسان/أبريل الفائت، وسط صرخات الرعب من الموجودين على الشاطئ.
وروى عناصر إنقاذ لوكالة فرانس أن القرش لم يبقِ منه سوى العظام.
ويتساءل السباحون والسلطات والمدافعون عن البيئة وخبراء أسماك القرش عن سبب حصول مأساة كهذه، وما التدابير التي ينبغي اتخاذها لمنع تكرار هذا الحادث؟
وتشرح آيرين نوريت كوهن من وحدة الغوص في منظمة البحث عن ضحايا الكوارث وإنقاذهم 'زكا' لوكالة فرانس برس أن 'أسماك القرش غير مؤذية ولا تهاجم عادة إلا إذا شعرت بالتهديد أو تعدى أحد على منطقتها'.
وتضيف 'أمارس الغوص منذ عام 1982، ورأيت الكثير من أسماك القرش في حياتي. إنها تجربة رائعة ومذهلة ... لكنها ليست خطيرة'.
وشاركت الغواصة في جهود البحث عن باراك تساش الذي قُتل في هجوم نيسان/أبريل، وهو أب لأربعة أطفال يبلغ 45 عاما.
وترى أن البشر هم الذين 'لا يتصرفون كما ينبغي' تجاه أسماك القرش.
وتًلاحظ أن 'الناس كانوا يلمسون هذه الأسماك ويزعجونها'، مضيفة أن الاهتمام الإعلامي في الآونة الأخيرة بوجود أسماك القرش استقطب المزيد من الفضوليين.
- احترام البحر -
بعد هذه الحادثة مباشرة، أقامت السلطات المحلية سياجا معدنيا مع علامات تنبّه من 'الخطر'، وسدّت الطريق المؤدية إلى المحمية الطبيعية المجاورة بحاجز خرساني.
ولكن بعد أسبوعين، أُزيلَ كل شيء، وعاد الوضع إلى ما كان عليه.
وتقول المراهقتان إيناف وكارميل إنهما جاءتا خصيصا لرؤية أسماك القرش.
وتضيف كارميل 'إنها حيواناتي المفضلة، لذلك كنت أرغب حقا في رؤيتها، لكننا لن ننزل إلى المياه'.
أما مدرب الغوص وصيد الأسماك بالرمح ماتان بن دافيد فمستمر في ممارسة عمله في الماء، لكنه يشدد على ضرورة احترام القواعد.
ويشرح أن 'أسماك القرش جزء من الطبيعة، وهو ما يجب أن نحترمه. علينا احترام البحر، فنحن مجرّد زوار فيه'، منتقدا من يحيطون بأسماك القرش لالتقاط صور لها.
ويصفها بأنها 'حيوانات مذهلة، ضخمة جدا، ولكنها حيوانات مفترسة مهيبة'.
- بين الأسماك والبشر -
وككل الشواطئ غير الخاضعة للمراقبة في إسرائيل، كانت السباحة محظورة على الشاطئ الذي وقع عليه الهجوم القاتل، لكنّ هذا المنع كان يُنتهِك على نطاق واسع.
وتنكبّ الباحثة المتخصصة في أسماك القرش لي ليفاين منذ اربع سنوات على دراسة هذه المنطقة التي تَفِد إليها أسماك القرش الرملية والداكنة.
وتشرح أن الأبحاث أظهرت في البداية أن 'أسماك القرش تتجنب المواجهة المباشر مع البشر'.
لكنها تضيف أن 'ثمة منطقة محدودة جدا يصبح فيها هذا النزاع بين البشر والحياة البرية ظاهرا جدا في أوقات معينة من السنة'.
ويبدأ موسم السباحة في البحر في إسرائيل عادة في شهر حزيران/يونيو، لكنّ موجات الحر الناجمة عن ظاهرة الاحترار المناخي باتت تدفع الناس إلى الإبكار أكثر فأكثر كل سنة في اللجوء إلى مياه البحر، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة أحد هذه الحيوانات البحرية المفترسة.
وتعرب لي ليفاين أيضا عن دهشتها 'لأن مثل هذه المأساة (هجوم نيسان/أبريل) لم تحصل سابقا'.
وتوضح أن 'السبب يكون غالبا صراعا (بين الأسماك والبشر) على الموارد الغذائية أو على المساحة'. وتضيف 'لقد رأينا البشر يضايقون أسماك القرش، ويستفزونها'.
وتخلص إلى القول 'تعتاد أسماك القرش على وجود البشر، لكن هذا موئلها. من الضروري إظهار الاحترام الذي تستحقه في موطنها'.