اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٩ أيلول ٢٠٢٥
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للمعلق إيشان ثارور، قال فيه إن فلسطين ستتصدر جدول الأعمال في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل.
وفي يوم الاثنين، قبل يوم من صعود الرئيس دونالد ترامب إلى منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ستعقد قمة خاصة حول حل الدولتين. وهذا الاجتماع هو مبادرة دبلوماسية أطلقتها فرنسا والسعودية بشكل مشترك في ظل حرب إسرائيل المستمرة قرابة عامين ضد قطاع غزة، حيث أدت محاولاتها للقضاء على حركة حماس إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير غالبية القطاع المكتظ بالسكان.
وقال ثارور إن الحرب على غزة، ألهبت الحرب الرأي العام في أنحاء كثيرة من العالم، بما في ذلك الدول الغربية ذات العلاقات الوثيقة بإسرائيل.
ومما أثار استياء إسرائيل، توصلت لجنة مستقلة تابعة للأمم المتحدة إلى وجود أدلة واضحة على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، وهو ما يتوافق مع تقييمات منظمات حقوق الإنسان الدولية والإسرائيلية الرائدة.
فمن وجهة النظر السعودية والفرنسية، يعد تأكيد دعمهما لرؤية دولتين إسرائيلية وفلسطينية منفصلتين وسيلة للحفاظ على خارطة طريق لحل الأزمة.
ونقلت ما قاله يوسف مناير، الزميل البارز في المركز العربي بواشنطن: “بالنسبة لأولئك الذين يعترفون بفلسطين، فإن هذا يمثل محاولة للاستجابة للمطالب المحلية باتخاذ إجراء حيال الإبادة الجماعية في غزة من خلال اللجوء إلى أدوات سياسية عفا عليها الزمن، تحديدا لأن القادة لا يملكون الشجاعة الكافية للمضي قدما. في الوقت نفسه، يبرز هذا، بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عمق العزلة الجديدة التي تجد إسرائيل نفسها فيها”.
وعلى أرض الواقع، لا تلوح في الأفق أي شروط لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، فالمستوطنات اليهودية تنتشر في جميع أنحاء الضفة الغربية، بينما تشن القوات الإسرائيلية هجوما عقابيا على مدينة غزة، مما يجبر مئات الآلاف من السكان على مواجهة صراع يائس آخر بحثا عن الأمان في منطقة لم يعد فيها مكان للذهاب إليه.
لكن الدبلوماسيين يعتقدون أن الاعتراف بفلسطين، كما أخبر وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس صحيفة “واشنطن بوست” العام الماضي، هو “أفضل أداة الآن لحماية حل الدولتين”.
وفي يوم الجمعة الماضي، وافقت أغلبية ساحقة من الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار غير ملزم يؤيد حل الدولتين. ومن المتوقع أن تعترف عشر دول أخرى، بما فيها فرنسا وبريطانيا، رسميا بفلسطين الأسبوع المقبل، لتنضم إلى أكثر من 145 دولة عضو في الأمم المتحدة التي اعترفت بالفعل.
وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، أن المجتمع الدولي “يرسم مسارا لا رجعة فيه نحو السلام في الشرق الأوسط”. مستقبل آخر ممكن. شعبان، دولتان: إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن.
ولكن هذا الطموح لا يشترك فيه نتنياهو، ولا أي من أعضاء حكومته. ففي يوم تصويت الجمعية العامة، أعلن نتنياهو، الذي قضى جزءا كبيرا من مسيرته السياسية عاملا على تقويض احتمال حل الدولتين، بتحد أنه “لن تكون هناك دولة فلسطينية”. وقال داني دانون، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، إن القرار ليس أكثر من “مسرحية”، واعتبر أي نقاش حول السيادة الفلسطينية أو قيام دولة فلسطينية بمثابة هدية لحماس.
ورددت إدارة ترامب، التي تعاملت بتعاون وثيق مع نتنياهو منذ توليها السلطة، هذا الاتهام، وتواصل حماية إسرائيل من الشجب في الأمم المتحدة. وصرحت مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، بأن تصويت الجمعية العامة “خدعة دعائية أخرى مضللة وفي وقت غير مناسب”.
وفي يوم الخميس، جلست أورتاغوس على مقعد الولايات المتحدة في مجلس الأمن لاستخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار الأخير الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وصوت جميع الأعضاء الأربعة عشر الآخرين، بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا، لصالح القرار.
وعلى مستوى منظومة الأمم المتحدة، مارست الولايات المتحدة نفوذها وضغطها لإحباط محاولات وقف الصراع أو فرض المساءلة على إسرائيل. واستنكرت قضية الإبادة الجماعية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية، وفرضت عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية أصدروا مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين ومسؤولين في حماس بتهم ارتكاب جرائم حرب مزعومة، وأوقفت تمويل وكالات الأمم المتحدة الرئيسية التي تقدم المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث يعيش الفلسطينيون هناك في ظروف مجاعة، وفقا للأمم المتحدة.
وتواجه غزة هجوما جديدا، حيث تقصف القوات الإسرائيلية مدينة غزة في الشمال. وسط خلاف علني كبير مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي يريد من القيادة المدنية الإسرائيلية التفاوض على إنهاء الحرب التي من شأنها تحرير الأسرى المتبقين، في وقت لا يزال نتنياهو وحلفاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف يحلمون بتحقيق نصر عسكري كامل.
ووفقا للتقارير، يشعر ترامب بالإحباط سرا من عدم رغبة نتنياهو في تقليص العمليات الهجومية، وقد انزعج، على وجه الخصوص، من الضربة الإسرائيلية على القيادة السياسية لحماس في قطر. لكن البيت الأبيض لم يفعل الكثير علنا لإظهار أي خلاف بينه وبين حكومة نتنياهو.
وقد تخلى ترامب عن أحلام اليمين الإسرائيلي بالسيطرة الكاملة على غزة واستيطانها عندما روج لخطة لتحويل القطاع إلى “ريفييرا” جديدة على البحر الأبيض المتوسط، مليئة بفنادق فاخرة ومشاريع سكنية ستقام بعد “هجرة طوعية” مزعومة للفلسطينيين، والتي يقول الخبراء إنها ستصل إلى مستوى التطهير العرقي.
وفي يوم الأربعاء، روج وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وهو شخصية مؤثرة في اليمين الإسرائيلي المتطرف، لـ”الطفرة” العقارية المحتملة التي تنتظر القطاع. وقال في إشارة إلى أشهر القصف الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي يقطنها أكثر من مليوني نسمة: “لقد انتهينا من مرحلة الهدم، وهي دائما المرحلة الأولى من التجديد الحضري. الآن نحن بحاجة إلى البناء”.
وزعم سموتريتش أن خطة مفصلة لإصلاح غزة تتماشى مع هذه الرؤية كانت على مكتب ترامب. وذكر تقرير منفصل في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن ترامب يدرس مجموعة موازية من المقترحات التي قادها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير والتي من شأنها إعادة بناء غزة دون فرض التطهير العرقي للقطاع. وليس واضحا ما تعنيه هذه المناورات والمواقف في الأمم المتحدة بالنسبة للواقع المرير في غزة.
قال مناير، الباحث في المركز العربي للأبحاث في واشنطن لصحيفة “واشنطن بوست”: “حتى مع محو إسرائيل لغزة، يرد اللاعبون الرئيسيون في هذه اللحظة بتذكير إسرائيل بأن أهمية تقرير المصير الفلسطيني لن يمحى”. لكنه قال إن هذه المبادرات الرمزية “قاصرة بشكل صادم” عن تلبية الاحتياجات على أرض الواقع.