اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٩ كانون الأول ٢٠٢٥
تصريح منصور عباس بأن حزبه “راعم” سيفصل مؤسساته عن الحركة الإسلامية ومجلس الشورى، هو أكثر من مجرد لحظة سياسية عابرة. السؤال المطروح الآن حول هذه الخطوة: هل يدور الحديث عن مخاطرة محسوبة أو مغامرة مليئة بالأخطار؟ من جهة، هذه الخطوة قد تفتح باب الحزب أمام جمهور واسع وتعزز مكانته كحزب عربي مستقل، غير مقيد بالمؤسسات الدينية. ولكنها قد تفقده قاعدته الأيديولوجية.
منصور عباس يرى في هذه الخطوة “قراراً استراتيجياً” لتمهيد الطريق أمام إطار عمل جديد: ليس انشقاقاً أو انفصالاً، بل تلاؤم مع الواقع. مع ذلك، أوضح بأن أعضاء الحزب سيبقون مخلصين لمبادئ مؤسس الحركة الإسلامية في إسرائيل الشيخ نمر عبد الله درويش. وفي محادثات مع “هآرتس”، قال إن الهدف فتح باب الحزب أمام جمهور أوسع. وأوضح بأن حزبه “راعم” (الموحدة) لا تتبرأ من الحركة الإسلامية، بل تسعى لتصبح هيئة مستقلة وواسعة النطاق، على غرار تأسيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش)، كإطار سياسي إلى جانب الحزب الشيوعي (ماكي).
يرى عباس أنها خطوة تخدم ثلاثة أهداف رئيسية قبل الانتخابات: الأول، زيادة الدعم العربي الداخلي من خلال فتح الباب أمام جمهور لا ينتمي إلى الإسلام السياسي. والثاني، دمج مرشحين غير متدينين في صفوف الحزب، ربما من قطاعات لا تنتمي إلى تقاليد الحركة الإسلامية. والثالث إرسال رسالة للجمهور الإسرائيلي تفيد بأن “راعم” حزب مدني مستقل لا يخضع للمؤسسات الدينية. هذه الخطوة تمثل محاولة لتحطيم رواية الإقصاء ضدها، وربما تساهم أيضاً في دفع محكمة العدل العليا للتحرك إذا وصلت الأمور إلى هناك.
لكن إلى جانب هذه الإمكانية الكامنة، يبقى الخطر واضحاً: كلما فسر الانفصال بأنه تنازل عن “طابع” الحزب، ضعفت الصلة العاطفية – الأيديولوجية بين أعضائه، الذين يشكلون أساس قوته التاريخية. لقد التزم كل المسؤولين الحاليين في الحزب الصمت الآن بعد إعلان عباس. مع ذلك، انتقد سلفه في هذا المنصب، عضو الكنيست السابق إبراهيم صرصور، هذه الخطوة بشدة. وكتب في صفحته في “فيسبوك” بأن “راعم” أسستها الحركة الإسلامية لتكون بمثابة درع لها، وكل من يعتقد بأنها مجرد لعبة “ليذهب إلى الجحيم”.
في المقابل، تدخل “راعم” إلى مسار تصادم مع كل الأحزاب العربية الأخرى، الذي قد يدمر حلم إعادة تأسيس القائمة المشتركة. إذا حاولت “راعم” تحويل نفسها إلى حزب واسع وتعددي، فستجد صعوبة في الانضمام إلى “حداش”، و”تاعل”، و”بلد”. وهكذا، سيرسخ الوضع الذي ستوجد فيه قائمتان عربيتان على الأقل.
ثمة جبهة أخرى يعمل منصور عباس على تعزيزها، وهي مناهضة النظام السياسي في إسرائيل. يعتقد عباس أن هذه الخطوة ستقوض حجج اليمين الساعي لشطب “راعم” بذريعة أنها “ذراع سياسي للحركة الإسلامية”. ولكن من غير المؤكد أن يكون الانفصال الرسمي كافياً بالنسبة له: قد تعتبر أجزاء في اليمين هذا الانفصال دليلاً على تبعيتها السابقة للحركة الإسلامية. وثمة احتمالية أخرى تتمثل في أن هذه الخطوة تعزز محاولة حظر الحركة الإسلامية، ومن ثم الإضرار بمؤسساتها وكبار قادتها لإحراج عباس أمام ناخبيه.
في حين أن “راعم” تثق باتخاذ الخطوة الصحيحة، فالصورة ما زالت غامضة. في كل الحالات، عباس يقود عملية ستواجه اختباراً مزدوجاً في المستقبل القريب: هل سينجح “راعم” في الانفتاح على جماهير جديدة تتجاوز بنيتها الطائفية – الدينية التقليدية؟ وهل سيحميه هذا الانفصال أو سيضره في مواجهة محاولات التشكيك ونزع الشرعية؟ يوضح الحزب أنه على استعداد للسير في مسار ينطوي على أخطار كثيرة، مع الإيمان بأن المكاسب بعيدة المدى تستحق هذا الثمن.
جاكي خوري
هآرتس 8/12/2025













































