اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٥ حزيران ٢٠٢٥
تحت عنوان: “إسرائيل – إيران: الأسئلة والغموض بعد الحرب الخاطفة”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن طهران شعرت بهزيمة مهينة، وتمكنت الدولة العبرية من استعادة جزء من قوتها التي تضررت في 7 أكتوبر. لكن مستوى الدمار الحقيقي الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني ما يزال من الصعب تقييمه.
وأضافت الصحيفة الفرنسية القول إن ضباب التساؤلات حلّ محلّ صفارات الإنذار والانفجارات بعد انتهاء “حرب الأيام الاثني عشر” بين إسرائيل وإيران: مدى صلابة وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وشروط استمراره، والضمانات المقدمة للطرفين، والدور الذي ستلعبه الدبلوماسية، والتأثير المحتمل على الحرب في غزة، وامتداد هذه التأثيرات إلى ما هو أبعد من ذلك.
“الغبار لم يهدأ بعد”، هكذا يلخص الصورة يوسي شاين، أستاذ في جامعة تل أبيب. فوفقاً للرؤية الإسرائيلية، هناك تساؤلات أكثر من اليقينيات في التوازنات الجديدة بالشرق الأوسط، لكن هناك يقينا بأن لهذه الحرب تأثيرات زلزالية تُعيد تشكيل الخارطة الدبلوماسية للمنطقة بعمق، وفق “لوموند”.
الصحيفة الفرنسية تابعت القول إنه على مستوى المنطقة، تعرّضت إيران لهزيمة استراتيجية مهينة أمام عدوها التاريخي، مما أضعف قدراتها على الردع. يقول العميد المتقاعد رام يافني، الرئيس السابق للتخطيط الاستراتيجي في هيئة الأركان: “بفضل هذه الحرب، نجحت إسرائيل في إضعاف البرنامج النووي الإيراني، وقدراته الصاروخية، وصناعته العسكرية، إضافة إلى مزاياه الاستراتيجية الأخرى”. وأشار مراسل قناة 14 الدبلوماسي على منصة “إكس” إلى أن “الحملة ضد إيران انتهت دون أن يطلق حزب الله اللبناني صاروخًا واحدًا على إسرائيل”، معتبراً ذلك نجاحًا لا يُصدّق، ودليلًا على عزل هذا العدو الذي كان ردعه يعتمد على التخويف من رد الفعل.
ومع ذلك – تتابع “لوموند”- فإن مدى الدمار الحقيقي الذي لحق بالبرنامج النووي ما يزال غير واضح. فقد أشارت عدة وسائل إعلام أمريكية مساء الثلاثاء إلى أن التقييم الأولي لضربات قاذفات B2 التابعة لسلاح الجو الأمريكي لا يُظهر تدميرًا كاملاً لقدرة إيران النووية، بل مجرد تأخير لبضعة أشهر في قدرتها على تصنيع الأسلحة. أما التأثير على تسليحها الباليستي فكان أكثر وضوحاً: بين 13 و23 يونيو، أطلقت إيران 591 صاروخاً، تم اعتراض نحو %90 منها، وأكثر من نصف هذه الصواريخ أُطلقت خلال الأيام الثلاثة الأولى. وبعد ذلك، تراجعت وتيرة الهجمات. فمثلاً، يوم الثلاثاء، وهو اليوم الأخير للقتال، وعلى الرغم من انطلاق سبع صافرات إنذار، لم تُطلق إيران سوى 13 صاروخًا، ما يعكس عجز إيران، وفق الصحيفة الفرنسية.
الأسئلة حول العقوبات وآلية تنفيذها
ومضت “لوموند” قائلةً إن الحرب المفتوحة توقفت، لكن كيف ستتمكن إسرائيل مستقبلاً من التحقق مما إذا كانت إيران تعيد بناء برنامجها النووي باستخدام ما تبقى من اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي التي تم إنقاذها قبل القصف؟ يقول يوناتان فريدمان، محاضر في العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس: “ما حققته إسرائيل في ما يتعلق بالبرنامجين النووي والصاروخي يجب ترسيخه من خلال التأكد من أننا نعرف ما تفعله إيران، وما إذا كانت تحاول إعادة بناء هذه الأنشطة”. ويضيف الباحث إلداد شافيت على موقع معهد دراسات الأمن القومي (INSS): “الاختبار الأساسي للإدارة الأمريكية، بافتراض أن وقف إطلاق النار سيصمد، هو قدرتها على دفع اتفاق مُحسّن مع إيران يتضمن آلية رقابة فعالة”.
ومن هنا يظهر تساؤل آخر حول نوعية العقوبات وآلية تنفيذها. يشرح مايكل أورن، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة: “إذا خرقت إيران وقف إطلاق النار، فعلى إسرائيل أن تقرر. هل نرد على الخرق؟ هل نخاطر بحدوث توترات مع إدارة ترامب؟ سيتوجب علينا الموازنة بين الأمرين”. وفي مساء الثلاثاء، حذّر بنيامين نتنياهو مجددًا: “إذا حاول أحد في إيران إعادة بناء هذا المشروع، فسنرد بالقوة والعزم ذاتهما لإنهاء أي محاولة من هذا النوع. أكرر: إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا”.
علاقة متينة رغم التوترات
واعتبرت “لوموند” أنه رغم الاضطرابات التي شابت العلاقة بين ترامب ونتنياهو خلال الأشهر الماضية، إلا أن العلاقة بدت متينة. وقد عبّر الرئيس الأمريكي عن إعجابه بسلاح الجو الإسرائيلي والنتائج التي حققها في تدمير أنظمة الدفاع الجوي ومنصات إطلاق الصواريخ الإيرانية.
وتمكن نتنياهو من إقناع ترامب بشن عملية عسكرية، وبعد تردد لبضعة أيام، أمر الرئيس الأمريكي بإطلاق قاذفات B2 لقصف ثلاثة مواقع، منها منشأة فوردو الواقعة على عمق عشرات الأمتار تحت الأرض. لكن هذه الشراكة لها حدودها: فعندما أطلقت إيران صاروخين بعد ساعتين من بدء وقف إطلاق النار، أمر ترامب نتنياهو بعدم الرد.
“إمكانية تغيير كبير”
وتابعت “لوموند” قائلة إن إسرائيل تشعر أنها استعادت جزءاً كبيراً من قوتها التي تضررت بعد هجوم 7 أكتوبر عام 2023، والأضرار التي لحقت بصورتها الدولية نتيجة الدمار الإنساني في غزة والاتهامات بارتكاب جرائم حرب. وقال نتنياهو: “يا مواطني إسرائيل، في 7 أكتوبر كنا على حافة الهاوية. عشنا أسوأ كارثة في تاريخ دولتنا. لكن بفضل جهود الحكومة، والأجهزة الأمنية، وأنتم – الشعب – نهضنا ورددنا”.
ويضيف الباحث دانيال واجنر من الجامعة العبرية في القدس: “إسرائيل استعادت قوة الردع وكسبت جزءًا من شرعيتها الدولية”، رغم استمرار صدمة العالم من صور الموت والدمار في غزة، حيث قُتل أكثر من 56 ألف شخص.
خلال الحرب مع إيران – تضيف “لوموند”- تم تهميش قضية الرهائن، لكنها عادت إلى الواجهة فوراً. وأمام عائلة يوناتان ساميرانو، الرهينة البالغ من العمر 21 عامًا والذي دُفن الثلاثاء بعد العثور على جثته في غزة، توجه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، المعروف بتحفظه عادة، بنداء إلى الحكومة بشأن الرهائن الخمسين، بينهم نحو عشرين ما زالوا على قيد الحياة، قائلاً: “نحن في لحظة حرجة. حان وقت التحرك بحزم وابتكار وبكل الوسائل”.
ويرى “منتدى عائلات الرهائن” أن هزيمة إيران تفتح “نافذة فرص”، ويقول يوناتان فريدمان: “كما قال رئيس الأركان، علينا الآن أن نركز على غزة لضمان إطلاق سراح الرهائن وإنهاء حكم حماس”. ويضيف: “إذا رأت حركة حماس ما حدث في طهران، فقد تخشى أن يحدث ما هو أسوأ في غزة، مما قد يدفعها لقبول اتفاق”.
بفضل سلاحها الجوي والموساد – تقول “لوموند”- تمكنت إسرائيل من اختراق الأجواء الإيرانية، وقد تميل، كما فعلت في لبنان وسوريا، إلى استغلال الفرصة لتثبيت هيمنتها. يقول السفير السابق مايكل أورن: “ينبغي أن لا يقتصر هدفنا على حرمان إيران من حق التخصيب وقدرتها عليه، بل إنهاء دعمها للإرهاب ودورها كمصدر رئيسي لعدم الاستقرار والعنف والحرب في الشرق الأوسط وخارجه. لا أعلم إن كنا سنحظى بفرصة كهذه مرة أخرى”.
ويؤكد دانيال واجنر: “هذه لحظة تحدث كل أربعين أو خمسين عامًا.. إمكانية لتغيير جذري، كما حدث في التسعينيات مع انهيار الاتحاد السوفيتي، أو في حرب الأيام الستة عام 1967، أو بعد الحرب العالمية الثانية. الطريق الذي سنسلكه الآن قد يحدد مصير العشرين عامًا القادمة”.