تتصاعد حدة الاتهامات الموجهة للولايات المتحدة الأمريكية بانتهاج سياسة 'تلميع' غير مباشرة لجماعة الحوثي في اليمن، وهو ما يثير مقارنات تاريخية حساسة.

و يستحضر المراقبون هنا تجربة صعود آية الله الخميني إلى السلطة في إيران عام 1979، حيث يرى البعض أن واشنطن، رغم عدائها الظاهري لنظام الخميني لاحقًا، لعبت دورًا غير مباشر في تعزيز صورته كزعيم وقائد للثورة الإسلامية.

ويشير محللون إلى وجود نمط متكرر في السياسة الخارجية الأمريكية، يتمثل في خوض مواجهات عسكرية محدودة مع خصوم، مع ترك مساحة إعلامية وسياسية لهذه الأطراف لتكتسب نفوذًا وشرعية إقليمية أو دولية. كمثال على ذلك، يذكرون العمليات العسكرية الأمريكية ضد أهداف إيرانية في أوائل الثمانينات، وعلى رأسها عملية 'مخلب النسر' الفاشلة.

ورغم فشل هذه العملية وسقوط طائرة أمريكية داخل الأراضي الإيرانية، إلا أنها لم تمنع صعود نجم الخميني وترسيخ سلطته كرمز للثورة الإسلامية على مستوى العالم.

وفي السياق اليمني الراهن، يرى مراقبون أن واشنطن تتبع استراتيجية مماثلة مع جماعة الحوثي. فبينما تشن القوات الأمريكية ضربات جوية تستهدف مواقع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة التابعة للحوثيين في البحر الأحمر، تتجنب واشنطن تصعيدًا سياسيًا مباشرًا وشاملًا ضد الجماعة.

وقد رد الحوثيون على هذه الضربات بإسقاط طائرتين أمريكيتين مسيرتين من طراز MQ-9، بل وتداول تقارير عسكرية غير مؤكدة عن إسقاط طائرتين من نوع F-18 أثناء هبوطهما على حاملة طائرات أمريكية في المنطقة، وهو ما أثار تساؤلات حول القدرات العملياتية الأمريكية في البحر الأحمر.

ويعتقد هؤلاء المراقبون أن هذه الازدواجية في التعامل الأمريكي مع الحوثيين قد تعيد إنتاج أخطاء الماضي، حيث تُمنح الجماعة المسلحة، سواء بقصد أو بغير قصد، مساحة إعلامية وعسكرية تعزز من صورتها في نظر أنصارها وتكسبها شرعية فعلية على الأرض كقوة إقليمية مؤثرة.

وحتى الآن، تلتزم الإدارة الأمريكية الصمت إزاء هذه المقارنات التاريخية المتزايدة، في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المحذرة من أن هذا النهج قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة تشكيل موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط لصالح أطراف تعتبر معادية للديمقراطية والاستقرار الإقليمي والدولي.

الكلمات المفتاحية: الولايات المتحدة - الحوثيون - إيران - الخميني - تلميع - سياسة خارجية - البحر الأحمر - ضربات جوية - طائرات مسيرة - مقارنات تاريخية - موازين القوى - الشرق الأوسط - صراع - شرعية.