الحوارات: خطة ترامب لوقف الحرب على غزة تقوم على تفكيك حماس مقابل ضمانات غامضة #عاجل

مالك عبيدات _ قال المحلل السياسي والاستراتيجي الدكتور منذر الحوارات إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة تتضمن أربع نقاط رئيسية، هي: «وقف الحرب كخطوة أولى أساسية، الإفراج عن الأسرى كجزء من الترتيبات الأولية، ترتيبات للوضع الأمني في غزة لضمان الاستقرار، والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار لاستعادة الحياة الطبيعية، وصولاً إلى التنمية الاقتصادية كهدف نهائي طويل المدى.»

وأوضح الحوارات لـ الاردن24 أن «الخطة تشترط أن تكون غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب بشكل كامل، وألا تشكل تهديداً للجيران كشرط أساسي للسلام، وأن تحقيق هذا الهدف يتطلب إجراءات محددة ومتتالية.»

وأشار إلى أن «أول الإجراءات يتمثل في إخراج حماس من قطاع غزة بشكل كامل، ثم نزع سلاحها، وأخيراً عدم وجودها نهائياً في القطاع، وهو توصيف يعكس الموقف الإسرائيلي من الحركة.»

وبيّن الحوارات أن «إعادة تنمية قطاع غزة لصالح سكانه مسألة مهمة جداً، مع ضرورة إبقاء السكان في القطاع وعدم تهجيرهم، وهي نقطة محورية ذات أبعاد استراتيجية وإنسانية.»

وأكد أن «وقف الحرب ليس فورياً ولا غير مشروط، بل مرتبط بموافقة الطرفين كشرط أساسي، وعلى رأسها موافقة حماس، وهو ما يجعل التنفيذ صعباً لأن بعض الفصائل قد ترفضه.»

وقال الحوارات: «هذا الشرط الأخير يُعطى كحافز، لكنه يواجه مشكلة أن كل الفصائل لن توافق على وقف إطلاق النار. برأيي يمكن تطبيقه في أكثر من منطقة تسيطر عليها إسرائيل. كما أن تبادل الأسرى يعد نقطة رابعة مهمة للناس، وقد يتضمن الإفراج عن قيادات بارزة مثل مروان البرغوثي وآخرين، وهو ما يعزز الثقة الشعبية. عدد المفرج عنهم قد يتراوح بين 250 و1700 معتقل، رغم أن هذه الخطوة قد تواجه بمعارضة اليمين الإسرائيلي، لكنها تعتبر تنازلاً كبيراً.»

وتساءل: «أين سيكون مصير هؤلاء الأسرى؟ هل سيبقون في غزة أم سيخرجون منها؟»

وأضاف: «الخطة تتضمن العفو عن عناصر حماس الراغبين في التسليم، وهي محاولة إسرائيلية لتفكيك التنظيم، لكنها قد تواجه برفض داخلي واتهامات بالخيانة تؤدي إلى انقسام. في الجنوب قد يخرج بعض قادة حماس، بينما يبقى الشمال متمسكاً بسلاحه.»

ولفت الحوارات إلى أن «المساعدات الإنسانية ستُستخدم كأداة ضغط، فقد كانت متوقفة بسبب الحرب، والآن توظف كأداة من أدوات الصراع. الجيد أن الخطة تنص على إدخالها عبر الأمم المتحدة، وهذه خطوة مهمة لأنها تنهي السيطرة المباشرة لإسرائيل والولايات المتحدة على الملف الإنساني.»

وأضاف: «الخطة تتحدث عن لجنة تكنوقراطية فلسطينية برعاية دولية لإدارة غزة، وهو قرار صعب التحقيق، لأنه يضعف الشرعية الفلسطينية ويجعل المرجعية لجنة دولية وليس منظمة التحرير أو السلطة الوطنية، وفي ذلك انتقاص من السيادة.»

وقال إن «الخطة الاقتصادية لإعمار غزة تبقى رهينة الاستقرار الأمني، وهذا الاستقرار من الصعب تحقيقه بسرعة، ما يعني أن الإعمار لن يبدأ فوراً، وسيبقى الناس في ظروف صعبة لفترة طويلة، كما حدث في العراق.»

وأشار إلى أن «إنشاء منطقة اقتصادية خاصة لربط غزة بالاقتصاد العالمي سيصطدم بالحصار البحري الإسرائيلي الذي لم تتطرق الخطة لرفعه. هناك مقترحات لإقامتها قرب العريش أو رفح، لكن العقبة ستبقى إسرائيل.»

وتابع: «فقرة حرية المغادرة والعودة قد تبدو ضمانة ضد التهجير، لكنها قد تتحول إلى وسيلة للترحيل الناعم، فالوضع الإنساني المدمر سيدفع الناس للمغادرة طوعاً، ومع غياب خطة بديلة للسكن والإعمار، ستسهل الهجرة ويصبح حق العودة مشروطاً بإسرائيل.»

وأوضح الحوارات أن «بند نزع السلاح وتدمير البنية العسكرية لحماس شبه مستحيل عملياً، ويجب إعادة صياغته ليكون مقبولاً. ربما يصاغ كـ'تسليم السلاح” بدلاً من 'نزع السلاح” لأن الصيغة الحالية تظهر حماس في موقع المستسلم، وهو ما لن تقبل به الحركة.»

وحول الضمانات، قال: «الخطة تطرح ضمانات إقليمية، لكن لا ثقة بأن إسرائيل ستلتزم. قد تكون مصر وقطر وربما الأردن ضامنين لحماس، بينما أمريكا ضامن لإسرائيل. شخصياً أشكك بجدية الضمانات الأمريكية لإسرائيل. لا يمكن قبول قوة استقرار إلا إذا كانت ذات صبغة دولية وبمشاركة عربية، وإلا فستُعتبر انتداباً أو احتلالاً.»

وأضاف: «الانسحاب الإسرائيلي التدريجي يثير الشكوك، فالمطلوب من حماس تسليم سلاحها والأسرى فوراً (كاش)، بينما إسرائيل تقدم وعوداً مؤجلة (شيك مؤجل)، ولا أحد يضمن أن لهذه الوعود رصيداً.»

وحذر الحوارات قائلاً: «إذا رفضت حماس الخطة، فهذه أخطر نقطة، إذ قد تفرض إسرائيل أمراً واقعاً يؤدي إلى تقسيم غزة فعلياً، خصوصاً في الجنوب، مع استمرار الحرب في الشمال. هذا سيناريو خطير لأنه يكرّس تقسيم القطاع.»

وتطرق إلى «بنود حوار الأديان والتسامح»، معتبراً أنها «تتطلب عقوداً طويلة وحجم الفجوة والرفض كبير جداً، كما أن ربط التنمية بالإصلاح السياسي والمناهج سيحتاج تنازلات فلسطينية ضخمة، بينما لا يُطلب من إسرائيل شيء مماثل.»

ورأى الحوارات أن «النقطة الإيجابية الوحيدة هي بند الحوار السياسي الفلسطيني–الإسرائيلي، لأنه يعيد مسار السلام إلى الواجهة ضمن ضغط المنظومة الدولية.»

وختم قائلاً: «المشهد معقد جداً عسكرياً وأمنياً. الخشية أن تنجح إسرائيل في الحصول على ما تريد وتبقى في غزة بحكم الأمر الواقع، بينما الخيارات الأخرى صعبة: استمرار العدوان والتدمير أو تقسيم القطاع. برأيي، أمام حماس 48 ساعة فقط لاستثمار الوقت المتبقي للوصول إلى صيغة سياسية مقبولة، لأن السياق العسكري انتهى، وما تبقى هو المجال السياسي للتفاوض.»