كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن تفاقم الأزمة الإنسانية في الفاشر، حيث يواجه نحو 130 ألف طفل أوضاعاً بالغة الخطورة نتيجة القتال المستمر بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، وتشير المنظمة إلى أن المدينة باتت معزولة تماماً عن خطوط الإمداد منذ أشهر، مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الطبية، وسط مخاوف من ارتفاع أعداد الوفيات بين الأطفال إن لم يتم التدخل العاجل.

الحصار يفاقم معاناة المدنيين

فرضت قوات الدعم السريع حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ أبريل 2024، ما أدى إلى قطع طرق الإمداد الأساسية ومنع وصول المساعدات الإنسانية، ومع اشتداد المعارك داخل المدينة، أصبح المدنيون، وخاصة الأطفال، عرضة للمجاعة والأمراض والأوضاع المعيشية القاسية، حيث توقفت معظم المرافق الصحية والمدارس عن العمل، وتراجعت خدمات الكهرباء والمياه إلى أدنى مستوياتها.

سوء تغذية وأوبئة قاتلة

تؤكد تقارير اليونيسف أن آلاف الأطفال في الفاشر يعانون من سوء التغذية الحاد بعد توقف برامج التغذية العلاجية نتيجة انقطاع الإمدادات، كما تتفشى أمراض مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك على نطاق واسع في ظل انهيار النظام الصحي بالكامل، مع تزايد الوفيات بين الأطفال بسبب نقص الدواء وضعف الرعاية، وأشارت المنظمة إلى أن بعض المراكز الطبية لم تعد قادرة حتى على استقبال الحالات الحرجة بسبب غياب الوقود والمستلزمات الطبية.

انتهاكات جسيمة بحق الأطفال

رصدت تقارير ميدانية أكثر من 1100 انتهاك جسيم ضد الأطفال في الفاشر، شملت القتل والتشويه والعنف الجنسي والتجنيد الإجباري من قبل الجماعات المسلحة، وأكدت الأمم المتحدة أن هذه الانتهاكات تشكل خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، داعية جميع الأطراف المتحاربة إلى الكف عن استهداف المدنيين، وخاصة الفئات الأضعف مثل النساء والأطفال.

دعوات دولية لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات

جددت اليونيسف، بالتعاون مع منظمات إنسانية دولية، مطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار في الفاشر من أجل حماية المدنيين واستئناف العمليات الإنسانية، كما دعت إلى فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية دون عوائق، مؤكدة ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتفادي وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق في شمال دارفور.

تحذيرات من كارثة إنسانية قريبة

تختتم اليونيسف بيانها بالتنبيه إلى أن استمرار الأزمة الإنسانية في الفاشر قد يؤدي إلى انهيار كامل للأوضاع المعيشية، ما لم يتم وقف القتال وتوفير المساعدات خلال الأيام المقبلة، وأشارت إلى أن الوضع في المدينة يمثل اختباراً حقيقياً لالتزام المجتمع الدولي بحماية الأطفال في مناطق النزاع، في وقت تتزايد فيه الأزمات الإنسانية في السودان بشكل غير مسبوق.