اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥
نجوى العمري
يُعد التعلم مدى الحياة أحد المبادئ الأساسية في التنمية البشرية، فهو يعتبر امتدادًا للعملية التعليمية التي بدأت منذ الطفولة وحتى سن الشيخوخة. ومن خلال المنظور الأنثروبولوجي، التعلم لا يتوقف عند سن معين أو مرحلة دراسية محددة، أو ظروف قهرية، لأنه عملية متتابعة تمتد طوال حياة الإنسان، لذلك وفي هذا العالم لا يعد التعلم المستمر مجرد خيار، بل ضرورة ملحة؛ فالمعرفة والمهارات التي اكتسبناها في مرحلة معينة قد تصبح غير كافية مع مرور الوقت، لأن التعلم يُمَكن الأفراد من اكتساب مهارات جديدة، كما يمكنهم من الحفاظ على كفاءتهم المهنية، ويزيد من قدرتهم على التكيف في هذا العصر، ويشعرهم بأنهم في حالة تطور دائم.
قبل عدة أيام تبادلت أطراف الحديث مع إحدى السيدات حول عملية التعلم، وأخبرتني أن التعليم يقترن بالعمر، والقدرات، والإمكانات،لا بالرغبة والبحث، وأن وجود الوظيفة سيكون كافيًا لتحقيق الاستقرار المادي والمعنوي. في الحقيقة تعجبت من مصادرتها لذلك الحق التعليمي المتاح وحصره لفئات محددة، ودهشت من نمطها الفكري؛ خاصة أنها ذات شهادة تعليمية عالية، وتساءلت لماذا يقترن العلم بالعمر وبالوظيفة وبالجداول الزمنية؟ لماذا يُرهن السعي في الحياة بالمواقيت؟ لماذا يكون الاستقرار الوظيفي عائقًا في البحث والعلم والمعرفة؟ في اعتقادي أن الاكتفاء المعرفي قد يحد من التطور الشخصي والمهني والاجتماعي، لأن التعلم و اكتساب المعرفة وتطوير المهارات لا يقتصر على مرحلة معينة، بل يمتد طوال حياة الفرد، فالتعلم المستمر ليس رفاهية، بل ضرورة للنجاح والاستقرار في الحياة المعاصرة، أيضًا تؤكد الأنثروبولوجيا أن التعلم لا يقتصر على المدارس والجامعات، بل يحدث أيضًا من خلال كل مصادر التعلم داخل وخارج المؤسسات الرسمية، ومن خلال ما يحدث في العمل والأسرة والمجتمع، مثل التعلم المجتمعي، والتعلم الذاتي، ونقل الخبرات بين الأجيال، وذلك بهدف تطوير معارف الفرد ومهاراته وقدراته المهنية والثقافية.
الاستثمار في التعلم المستمر هو استثمار في مستقبل أكثر إشراقًا وإمكانات لا حدود لها، ودعم للتنمية البشرية المستدامة.










































