غزة – سبأ:

حذّر الخبير المختص بالشأن الاقتصادي، أحمد أبو قمر، اليوم الاثنين، من تداعيات خطيرة لاستمرار العدو الإسرائيلي في منع إدخال الأوراق النقدية الجديدة إلى قطاع غزة، إلى جانب سحب العملة التالفة دون استبدالها.

واعتبر أبو قمر، في حديث لوكالة (شهاب) الفلسطينية، هذه السياسات، حربًا اقتصادية ممنهجة فاقمت معاناة المواطنين الفلسطينيين في غزة ودفعت بالقطاع المالي والمصرفي نحو السوق السوداء بشكل شبه كامل.

وأوضح أن أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة ذات أبعاد سياسية بالدرجة الأولى، وليست اقتصادية، مشيرًا إلى أن سلطات العدو ترفض أي تدخلات أو حلول عبر سلطة النقد الفلسطينية، وتُعطّل جميع المحاولات الرامية لإدخال السيولة، ما أدى عمليًا إلى تحييد سلطة النقد قسرًا بقرارات العدو الإسرائيلي.

وقال الخبير الاقتصادي إن هذه السياسات تتقاطع مع مخططات التهجير التي تتبناها حكومة اليمين المتطرف الصهيونية، وتشكل خرقًا واضحًا لبروتوكول باريس الاقتصادي، الذي ينص على تنظيم إدخال السيولة اللازمة إلى الأراضي الفلسطينية، وسحب الفائض والتالف منها واستبداله بأوراق صالحة للتداول، بما يضمن استقرار المعروض النقدي.

وأشار إلى أن أخطر نتائج الأزمة تمثلت في سيطرة السوق السوداء على القطاع المالي والمصرفي، حيث بات عدد محدود من التجار يتحكمون بالتعاملات النقدية، ويفرضون شروطهم على المواطنين، بما في ذلك رفض فئات نقدية معينة كفئة العشرة شواكل، أو قبول فئات أخرى وفق أهوائهم.

وأكد أن هذا الواقع فتح الباب واسعًا أمام الاستغلال والابتزاز، في ظل غياب أي دور فعلي لسلطة النقد، ما ألحق خسائر فادحة بالمواطنين الذين يضطر كثير منهم للتخلي عن عملتهم التالفة أو غير المقبولة بنصف قيمتها أو أقل.

وبيّن أبو قمر أن من تداعيات الأزمة أيضًا ما يُعرف بـ'الشيكل الخامل'، نتيجة تكدس العملة في جيوب المواطنين دون القدرة على استخدامها، الأمر الذي يشل الحركة الاقتصادية ويعمّق حالة الانتظار والترقّب لأي انفراجة.

وتطرق إلى أزمة “التكييش”، واصفًا إياها بالأخطر، حيث بلغت نسب العمولات في بعض الفترات، وتحديدًا في سبتمبر الماضي، نحو 52%، ما أدى إلى اقتسام الأموال بين التاجر والمواطن، وخسارة ملايين الدولارات من الحسابات المصرفية، وتآكل الثقة بالبنوك الفلسطينية.

ولفت إلى تفاقم ما يُعرف بأزمة السعرين، حيث باتت أسعار السلع تختلف بين الدفع النقدي والدفع عبر التطبيقات أو الوسائل الإلكترونية، وغالبًا ما يكون السعر النقدي أقل، ولو بهامش بسيط، ما يعكس تشوهًا خطيرًا في السوق.

وشدد أبو قمر على أن الدفع الإلكتروني، رغم أهميته في تعزيز الشمول المالي، لا يمكن أن يكون بديلًا عن إدخال السيولة النقدية، وسحب العملة التالفة، وتعزيز التعامل بجميع الفئات النقدية.

وحذّر من أن استمرار الأزمة دون حلول سيقود إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في قطاع غزة المحاصر من قبل جيش العدو الإسرائيلي.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، بعد حرب إبادة جماعية صهيونية استمرت عامين متواصلين، غير أن جيش العدو الإسرائيلي يمارس خروقات يومية للاتفاق، وما يزال يمنع دخول غالبية المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

إكــس