في مشهدٍ سياسي يموج بالتساؤلات والتوقعات، تلوح المرحلة المقبلة في الأفق كمرحلة هدوء حذر، لا يشي سكونها بالركود، بل يحمل في طياته ترقُّبًا متوتِّرًا لما ستسفر عنه تطورات عدة، قد تُعيد رسم خارطة المشهد الأردني. أولى هذهِ التطورات وأكثرها حساسية، تتمثَّل في المسار القضائي المتَّصل بجماعة الإخوان المسلمين، والذي أصبح أكثر وضوحًا بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الداخلية مازن الفراية، حيث أعلن رسميًّا عن إغلاق الحزب ومصادرة ممتلكاته، مشددًا على أنَّ 'حزب جماعة الإخوان المسلمين' ليسَ حزبًا شرعيًّا في المملكة، وأنَّ الحكومة لن تتهاون في تطبيق القانون.وقد جاء هذا الإعلان استكمالًا لمسار قانوني بدأ في عام 2020، حين تم تجميد حزب الإخوان المسلمين، ورغم هذا التجميد، بقيت الجماعة نشطة عبر التحالف مع حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يضم أغلبية أعضائها؛ لكن مع ما أُعلن مؤخَّرًا من تطورات أمنية، تتعلَّق بالاشتباه بارتباط بعض الأفراد بخلية مصنَّفة أمنيًّا، اتخذ الحزب قرارًا داخليًّا بتجميد عضويتهم، في خطوة وُصفت بأنَّها احترازية، لكنها تُثير تساؤلات حول عمق الاختراقات وتداعياتها على مستقبل الحزب ذاته.وهنا يبرز سؤال محوري:ما مصير حزب جبهة العمل الإسلامي بعد حظر ما يُسمى بـ'جماعة الإخوان المسلمين' المُنحلة في الأردن؟ وهل يمكنه أن ينفصل فعليًّا عن امتداداته الأيديولوجية والتنظيمية التي ظلت مرتبطة بالجماعة لعقود، أم أنَّ انفكاكه سيبقى شكليًّا في عين الدولة، وموضع شك دائم؟وفي ظل هذا المناخ، تُطرح تساؤلات مشروعة، وربما مقلقة:هل يمكن أن تتجه بعض الأطراف المحسوبة على التيار الإسلامي إلى أنماط غير علنية من التنظيم، في ظل مخاوف من دعم إقليمي محتمل، كما يُتداول في بعض التحليلات الإقليمية؟هذا الاحتمال، وإن كان حتى اللحظة غير مؤكد، إلا أنَّ تجارب التاريخ تُشير إلى أن الإقصاء الكامل دون بدائل قد يُنتج احتقانًا قابلًا للانفجار، وهنا تُختبر حكمة الدولة، لا في التشدد وحده، بل في قدرتها على التحصين، وتقديم بدائل وطنية جامعة تمنع خلق فراغ تستغله القوى الراديكالية أو الخارج، كما أؤمن بحكمة وقدرة الدولة الأردنية من تفادي هذهِ المُعقيات والعقبات، فالدولة الأردنية ذات حكمة وتوازن.بموازاة هذا التَّرقُّب، تتهيأ البلاد لتعديل وزاري وشيك هو الأول على حكومة جعفر حسان منذ تشكيلها. هذا التعديل يُتوقع أن يشمل حقائب سيادية وخدمية، ويُلامس مفاصل الأداء التنفيذي، في محاولة لضخ دماء جديدة في إدارة المرحلة المقبلة. كما أنَّ بعض المواقع العُليا في الدولة مرشحة للتغيير، خصوصًا في ظل إعادة ترتيب البيت الداخلي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.إنَّ هذه المرحلة، وإنْ بدت للوهلة الأولى ساكنة، إلا أنها حبلى بإمكانات متعددة؛ فكل خطوة قادمة، وكل قرار يُتّخذ، سيكون له ما بعده. إنها مرحلة 'ما قبل الانفراج أو الاشتباك'، حيث تُعاد الحسابات وتُوزن الكلمات وتُراقب التحركات بصمتٍ دقيق.نحو صمت سياسي مُمنهج؟إنَّ قرار إغلاق حزب الإخوان المسلمين لا يُمكن فصله عن التحولات الجذرية في فلسفة الدولة الأردنية تجاه مفهوم 'التنظيم السياسي المستقل'. ويبدو أنَّ الدولة تُعيد صياغة علاقتها بالمجال السياسي، في إطار مراجعة أعمق لمنظومة المشاركة والتنظيم، وهو ما يمكن قراءته كتوجه لإعادة الهيكلة الجذرية.ومن موقعي كمؤيد لفكرة الدولة ومؤسساتها، أُدرك أنَّ التعامل مع الأحزاب يجب أنْ يقوم على أُسس من القانون والسيادة. غير أنَّ قراءة المشهد تتطلب أيضًا الاعتراف بأنَّ هذا الحزب، على الرغم من اختلافي الجذري معه فكريًّا وتنظيميًّا، كان يُمثّل حالة شعبية حاضرة في الذاكرة السياسية والاجتماعية، شئنا أم أبينا. وبالتالي، فإنَّ قرار إغلاقه لا يُعد فقط تفكيكًا لكيان سياسي، بل تفريغًا للمجال العام من إحدى أبرز تعبيراته التي كانت قائمة بالفعل.وهذا ما يجعل السؤال اليوم أكبر من الحزب نفسه:هل نحن أمام فراغ سياسي؟ أم أنَّ هذا الفراغ قد يخلق تمردًا صامتًا ينتظر لحظته؟لكن في العمق، تبقى المسألة مفتوحة على احتمالات أكبر من الصمت.ومن هُنا، ثمَّة مؤشرات على تحوّل محتمل في التعبير السياسيِّ من الإطار المؤسسيِّ إلى مساراتٍ قد تكون غير مألوفة، ما يستدعي من الدولة تحصينًا مضاعفًا عبر توسيع هامش المشاركة وضمانات التعبير. نحن أمام لحظة تختبر فيها الدول مدى قدرتها على التحوّل من منطق السيطرة إلى منطق الاحتواء الذكي، قبل أن تسبقها الأحداث.هذا التحليل لا يُمثِّل موقفًا سياسيًّا مؤيدًا أو معارضًا لأيِّ طرف، بل يُقدّم قراءة نقدية وموضوعية للمشهد كما هو. فلا أنتمي لأي تيار سياسي، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين أو حزب جبهة العمل الإسلامي، وأكتب من موقع التحليل الحر والمستقل، ومن إيمانٍ راسخ بالدولة ومشروعها الوطني.فالأردن العظيم، صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات.حفظ وحمى الله المملكة الأردنية الهاشمية قيادةًوجيشًاوشعبًا

في مشهدٍ سياسي يموج بالتساؤلات والتوقعات، تلوح المرحلة المقبلة في الأفق كمرحلة هدوء حذر، لا يشي سكونها بالركود، بل يحمل في طياته ترقُّبًا متوتِّرًا لما ستسفر عنه تطورات عدة، قد تُعيد رسم خارطة المشهد الأردني.

أولى هذهِ التطورات وأكثرها حساسية، تتمثَّل في المسار القضائي المتَّصل بجماعة الإخوان المسلمين، والذي أصبح أكثر وضوحًا بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الداخلية مازن الفراية، حيث أعلن رسميًّا عن إغلاق الحزب ومصادرة ممتلكاته، مشددًا على أنَّ 'حزب جماعة الإخوان المسلمين' ليسَ حزبًا شرعيًّا في المملكة، وأنَّ الحكومة لن تتهاون في تطبيق القانون.

وقد جاء هذا الإعلان استكمالًا لمسار قانوني بدأ في عام 2020، حين تم تجميد حزب الإخوان المسلمين، ورغم هذا التجميد، بقيت الجماعة نشطة عبر التحالف مع حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يضم أغلبية أعضائها؛ لكن مع ما أُعلن مؤخَّرًا من تطورات أمنية، تتعلَّق بالاشتباه بارتباط بعض الأفراد بخلية مصنَّفة أمنيًّا، اتخذ الحزب قرارًا داخليًّا بتجميد عضويتهم، في خطوة وُصفت بأنَّها احترازية، لكنها تُثير تساؤلات حول عمق الاختراقات وتداعياتها على مستقبل الحزب ذاته.

وهنا يبرز سؤال محوري:

ما مصير حزب جبهة العمل الإسلامي بعد حظر ما يُسمى بـ'جماعة الإخوان المسلمين' المُنحلة في الأردن؟ وهل يمكنه أن ينفصل فعليًّا عن امتداداته الأيديولوجية والتنظيمية التي ظلت مرتبطة بالجماعة لعقود، أم أنَّ انفكاكه سيبقى شكليًّا في عين الدولة، وموضع شك دائم؟

وفي ظل هذا المناخ، تُطرح تساؤلات مشروعة، وربما مقلقة:

هل يمكن أن تتجه بعض الأطراف المحسوبة على التيار الإسلامي إلى أنماط غير علنية من التنظيم، في ظل مخاوف من دعم إقليمي محتمل، كما يُتداول في بعض التحليلات الإقليمية؟

هذا الاحتمال، وإن كان حتى اللحظة غير مؤكد، إلا أنَّ تجارب التاريخ تُشير إلى أن الإقصاء الكامل دون بدائل قد يُنتج احتقانًا قابلًا للانفجار، وهنا تُختبر حكمة الدولة، لا في التشدد وحده، بل في قدرتها على التحصين، وتقديم بدائل وطنية جامعة تمنع خلق فراغ تستغله القوى الراديكالية أو الخارج، كما أؤمن بحكمة وقدرة الدولة الأردنية من تفادي هذهِ المُعقيات والعقبات، فالدولة الأردنية ذات حكمة وتوازن.

بموازاة هذا التَّرقُّب، تتهيأ البلاد لتعديل وزاري وشيك هو الأول على حكومة جعفر حسان منذ تشكيلها. هذا التعديل يُتوقع أن يشمل حقائب سيادية وخدمية، ويُلامس مفاصل الأداء التنفيذي، في محاولة لضخ دماء جديدة في إدارة المرحلة المقبلة. كما أنَّ بعض المواقع العُليا في الدولة مرشحة للتغيير، خصوصًا في ظل إعادة ترتيب البيت الداخلي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

إنَّ هذه المرحلة، وإنْ بدت للوهلة الأولى ساكنة، إلا أنها حبلى بإمكانات متعددة؛ فكل خطوة قادمة، وكل قرار يُتّخذ، سيكون له ما بعده. إنها مرحلة 'ما قبل الانفراج أو الاشتباك'، حيث تُعاد الحسابات وتُوزن الكلمات وتُراقب التحركات بصمتٍ دقيق.

نحو صمت سياسي مُمنهج؟

إنَّ قرار إغلاق حزب الإخوان المسلمين لا يُمكن فصله عن التحولات الجذرية في فلسفة الدولة الأردنية تجاه مفهوم 'التنظيم السياسي المستقل'. ويبدو أنَّ الدولة تُعيد صياغة علاقتها بالمجال السياسي، في إطار مراجعة أعمق لمنظومة المشاركة والتنظيم، وهو ما يمكن قراءته كتوجه لإعادة الهيكلة الجذرية.

ومن موقعي كمؤيد لفكرة الدولة ومؤسساتها، أُدرك أنَّ التعامل مع الأحزاب يجب أنْ يقوم على أُسس من القانون والسيادة. غير أنَّ قراءة المشهد تتطلب أيضًا الاعتراف بأنَّ هذا الحزب، على الرغم من اختلافي الجذري معه فكريًّا وتنظيميًّا، كان يُمثّل حالة شعبية حاضرة في الذاكرة السياسية والاجتماعية، شئنا أم أبينا. وبالتالي، فإنَّ قرار إغلاقه لا يُعد فقط تفكيكًا لكيان سياسي، بل تفريغًا للمجال العام من إحدى أبرز تعبيراته التي كانت قائمة بالفعل.

وهذا ما يجعل السؤال اليوم أكبر من الحزب نفسه:

هل نحن أمام فراغ سياسي؟ أم أنَّ هذا الفراغ قد يخلق تمردًا صامتًا ينتظر لحظته؟

لكن في العمق، تبقى المسألة مفتوحة على احتمالات أكبر من الصمت.

ومن هُنا، ثمَّة مؤشرات على تحوّل محتمل في التعبير السياسيِّ من الإطار المؤسسيِّ إلى مساراتٍ قد تكون غير مألوفة، ما يستدعي من الدولة تحصينًا مضاعفًا عبر توسيع هامش المشاركة وضمانات التعبير. نحن أمام لحظة تختبر فيها الدول مدى قدرتها على التحوّل من منطق السيطرة إلى منطق الاحتواء الذكي، قبل أن تسبقها الأحداث.

هذا التحليل لا يُمثِّل موقفًا سياسيًّا مؤيدًا أو معارضًا لأيِّ طرف، بل يُقدّم قراءة نقدية وموضوعية للمشهد كما هو. فلا أنتمي لأي تيار سياسي، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين أو حزب جبهة العمل الإسلامي، وأكتب من موقع التحليل الحر والمستقل، ومن إيمانٍ راسخ بالدولة ومشروعها الوطني.

فالأردن العظيم، صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات.

حفظ وحمى الله المملكة الأردنية الهاشمية قيادةًوجيشًاوشعبًا