اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
إن ما ذكره الأستاذ محمد علي الحريبي، المدير التنفيذي لمركز يافع للدراسات ورئيس الرابطة الإعلامية، هو شهادة حق ووفاء تُجسّد عُمق وحجم الدور الذي لعبه الشهيد الدكتور علي جار الله في الساحة السياسية والإنسانية. لقد كان رحيله خسارة لقامة فكرية وسياسية نادرة، تجاوزت بصمتها حدود الجغرافيا.
1. العقلية السياسية الرائدة والمُنذرة
وُصف جار الله بأنه من 'العقليات السياسية التي نادرًا ما تجدها'، إذ كان له دور مؤسس وبارز في خدمة القضية الجنوبية، حيث ساهم في إيصالها إلى ما وصلت إليه من زخم. هذا الدور لم يأتِ من فراغ، بل بدأ من منبره الإعلامي الأول، صحيفته 'القضية'، مروراً بالقنوات التلفزيونية، قبل أن ينتقل إلى العمل المؤسسي عبر مركز يافع.
رغم هذا العطاء، كان الشهيد يحمل ألمًا عميقًا؛ ففي السنوات الأخيرة، 'وبعد أن شاهد الواقع في الجنوب، كان يتألم كثيرًا'، وهذا الألم دليل على صدق انتمائه وإخلاصه لقضيته.
2. مركز يافع: منارة للحوار والوحدة الوطنية
كان مركز جار الله اليافعي للدراسات تجسيداً لرحابة فكره وشجاعته. فقد كان:
مفتوحًا للجميع دون تصنيف، و**'رحباً فيه يتحدث كل إنسان بحرية'**.
ملتقى وطنياً شاملاً: كان المركز مفتوحًا لكل من أراد المشاركة في الندوات 'من كل محافظات اليمن'، ومكانًا يجتمع فيه 'الجنوبيون من المهرة إلى باب المندب'، في محاولة عملية 'لإخراج النخب من حالة العزلة والقطيعة'.
لقد كان شعاره 'الحرية للرأي: قل ما تريد وقل ما في قلبك فأنت حر' يجد تطبيقاً عملياً صارماً. فخلال أكثر من 60 ندوة، 'لم يسيء الدكتور جار الله لأحد أو يقطع حديثه، كان يستمع'، مشاركاً في 'جمع الآراء وتوثيق مخرجات كل لقاء'، مما أكد احترافيته وإخلاصه في العمل المؤسسي.
3. همّ الأمة ونذر التضحية
كان الشهيد جار الله يحمل قضيتين على عاتقه، هما هاجسه الأكبر: معاناة الجنوبيين والقضية الفلسطينية.
شخصية استثنائية: كان يرى نفسه ضمن 'زعماء أمة لأنه كان يحمل هم أمة'.
نذر الشهادة: وفي تجسيد أسمى لصدق موقفه، أشار في إحدى الندوات للدكتور أبو رجب بقوله: 'أنا نذرت بنفسي شهيدًا من أجل فلسطين'. كما كان من إنجازات مركزه 'إنعاش الانتماء في قلب النخب لفلسطين'.
4. الشجاعة والخصال الحميدة
عرفه الحريبي رجلاً 'شجاع مهاب، لا يخاف لومة لائم'، وكانت روحه عالية لا يختزلها أحد. كان 'واسع الصدر مع رفاقه وإن كان يختلف معهم'، ولم يكن أنانياً، بل كان كريمًا ومعطائًا. وإلى جانب جديته وإخلاصه في العمل، كان مرحًا وصادقًا ومخلصًا، مما جعل العمل معه تجربة فريدة.
في الختام، يظهر الشهيد علي جار الله كشخصية جامعة ونادرة، مزجت بين القيادة السياسية الفاعلة، والشجاعة الفكرية، والانفتاح على الجميع، والالتزام المطلق بقضايا الأمة، حتى ارتقى شهيداً بعد أن نذر نفسه.
رحم الله الشهيد علي جار الله رحمة واسعة.