في خطوة استراتيجية لتعزيز الشمول المالي، أعلن البنك المركزي المصري عن موافقته لإطلاق خدمة استقبال الأموال من الخارج عبر تطبيق 'إنستاباي'، الذي يُعد جزءًا من الشبكة القومية للتحويلات المالية.

يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه التطبيق توسعًا ملحوظًا، مع استعدادات لتمكين التحويلات من دول الخليج إلى مصر في الأشهر المقبلة.

التطبيق الذي يتيح إجراء المعاملات المالية بطريقة سريعة وآمنة يواصل تقديم خدمات مبتكرة، ما يعكس توجهات الدولة نحو التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد الوطني، وهذه الخطوة ستسهل على المصريين العاملين بالخارج إرسال أموالهم إلى عائلاتهم في مصر، عبر قنوات رسمية وآمنة، مع الاستفادة من الأمان العالي والتقنيات الحديثة التي يوفرها التطبيق.

وفي السطور التالية، يتحدث عدد من الخبراء عن معايير الأمان في التطبيق، وآلية الحماية من القرصنة والاختراق، وأيضًا عن الاحتياطات التي يجب أخذها في الاعتبار أثناء عمليات التحويل.

قال إيهاب نصر، وكيل محافظ البنك المركزي لأنظمة الدفع الإلكترونية، في تصريحات صحفية، إن الخدمة ستبدأ بإتاحة التحويلات من دول الخليج إلى مصر خلال شهرين، بالتعاون مع بنوك مركزية خليجية، مضيفًا أن البنوك ستحدد رسوم التحويل وفقًا للعملة والدولة المرسلة، على أن تُصرف الأموال للمستفيدين بالجنيه المصري.

ويتيح 'إنستاباي' حاليًا تحويل الأموال بين الحسابات البنكية داخل مصر لحظيًا وسداد الفواتير، ويستعد لإضافة خدمة الدفع عبر 'QR Code' للتجار قبل نهاية العام، ما يعزز من انتشار التطبيق وخدماته المصرفية.

بحسب تصريحات السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، وصل عدد المصريين في الخارج 14 مليونًا

وتحدث الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، أن تطبيق 'إنستاباي' يُعد أحد أكثر التطبيقات أمانًا على مستوى المعاملات المالية الإلكترونية، حيث يتمتع بأعلى معايير الأمان والخصوصية، ويمتثل للضوابط الصارمة التي يضعها البنك المركزي المصري.

وأوضح 'رمضان'، في حديثه مع 'الدستور'، أن التطبيق يعتمد بشكل رئيسي على البيانات البيومترية، مثل بصمة الإصبع والعين، لتأمين الدخول وإتمام المعاملات، وقال: 'هذه البيانات فريدة لكل مستخدم، ولا يمكن تكرارها، ما يجعل من الصعب اختراق الحسابات أو تسريب المعلومات'.

وأشار إلى أن البيانات التي يجمعها التطبيق تقتصر على الأساسية منها فقط، مثل تاريخ الميلاد، ولا يُسمح له بالوصول إلى بيانات العملاء البنكية أو المالية بشكل مباشر، مضيفًا: 'التطبيق مصمم بحيث يطلب المصادقة البيومترية في كل مرة يستخدمه العميل، وحتى إذا ظل التطبيق مفتوحًا لأكثر من 30 ثانية دون استخدام، فإنه يُغلق تلقائيًا ويطلب تسجيل الدخول مجددًا'.

وتطرق إلى تفاصيل المعاملات المالية، موضحًا أنه عند إجراء أي تحويل مالي عبر التطبيق، يتم إصدار رقم مرجعي (OTP) لكل معاملة، إلى جانب إيصال إلكتروني لضمان شفافية العملية، مشيرًا إلى أن التحويلات تتم بشكل مشفر بالكامل بين العميل والبنك، بما يضمن حماية المعلومات من أي محاولات اختراق.

وفيما يخص التعامل مع التحويلات الخاطئة، أوضح أنه يمكن للعملاء استرداد أموالهم من خلال تقديم طلب إلى البنك يُعرف بـ'طلب النوايا الحسنة'، وذكر أن البنك يتواصل مع المستلم للتحقق من الخطأ، وإذا رفض المستلم إعادة المبلغ، وتُتخذ الإجراءات القانونية بالتعاون مع مباحث الإنترنت.

وأضاف: 'إذا كان التحويل تم إلى رقم لا يملك محفظة إلكترونية، فإن العملية تُلغى تلقائيًا، ويُعاد المبلغ إلى حساب المرسل، ومع ذلك، يُفضل دائمًا إبلاغ البنك للتأكد من استكمال الإجراءات بشكل صحيح'، مشددًا على أهمية التحقق من صحة البيانات قبل إجراء أي تحويل مالي، حيث قال: 'غالبية الأخطاء تحدث نتيجة إدخال رقم مستلم خاطئ يشابه الرقم الصحيح، ما يسبب إرباكًا، لذا، يجب التأكد بدقة قبل إتمام العملية'.

واختتم حديثه بالقول: 'إنستاباي تطبيق آمن للغاية، ويُصنف ضمن شبكة المدفوعات اللحظية (PSP)، لذلك، فإنه خيار مثالي للمستخدمين الراغبين في إجراء معاملات مالية موثوقة وسريعة'، موضحًا أن التطبيق يتيح للمستخدمين إجراء تحويلات مالية بين الحسابات والمحافظ البنكية باستخدام رقم الهاتف، البريد الإلكتروني، أو رموز QR، ما يجعله من بين الأدوات الأكثر تقدمًا وسهولة في الاستخدام.

فيما أكد وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، أن إتاحة تحويلات المصريين بالخارج عبر تطبيق 'إنستاباي' خلال الشهرين المقبلين، يعكس جهود الدولة في تحقيق التحول الرقمي وتعزيز الشمول المالي، مشيرًا إلى الخدمة ستعمل على تعزيز التعاملات المالية مع البنوك في دول الخليج.

وأشار 'حجاج'، في حديثه، إلى أن الخطوة تأتي بعد نجاح تطبيقات المحافظ الإلكترونية و'إنستاباي' داخل مصر، حيث اعتاد المواطنون التعاملات غير النقدية عبر الإنترنت، ما ساهم في ترسيخ ثقافة الدفع الرقمي في مختلف القطاعات.

وحذر من عمليات الاحتيال المرتبطة بتطبيقات الدفع، مؤكدًا ضرورة التأكد من صحة الحسابات المحول إليها الأموال وعدم مشاركة بيانات حساسة مثل كلمات المرور لتجنب الوقوع ضحية للنصب الإلكتروني.

وأوضح الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج خلال أغسطس إلى 2.6 مليار دولار مقابل 1.6 مليار دولار في نفس الشهر من عام 2023، بنسبة زيادة بلغت 65.5%، يعكس استقرار سوق النقد الأجنبي ومرونة سعر الصرف بالبنوك بعد القضاء على السوق الموازية.

وأشار 'غراب'، في حديثه، إلى أن السماح للبنوك المصرية باستقبال التحويلات المالية من الخارج عبر تطبيق 'إنستاباي'، يوفر خدمة التحويلات بسهولة وسرعة في عدد من الدول، ويُعد خطوة مهمة لدعم زيادة تحويلات المصريين بالخارج، ما يعزز الثقة في الاقتصاد الوطني.

ولفت إلى أن تحويلات المصريين بالخارج تُعد ثاني أكبر مصدر للعملة الصعبة بعد التصدير، حيث تسهم بشكل مباشر في تعزيز الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، الذي بلغ 46.9 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي، كما تساعد في استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار من خلال زيادة المعروض من النقد الأجنبي.

وأضاف أن هذه التحويلات، إلى جانب استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، أسهمت في قدرة البنوك على تلبية احتياجات المستوردين وإغلاق قوائم الانتظار بالكامل، متوقعًا استمرار تحويلات المصريين بالخارج في الارتفاع خلال الفترة المقبلة بفضل المبادرات الجاذبة والخدمات البنكية المتطورة مثل 'إنستاباي'.

بحسب أحدث إحصائيات البنك المركزي المصري، كانت تحويلات المصريين من الخارج قد انخفضت في الربع الثالث في عام 2023 إلى 4.54 مليار دولار بدلًا من 6.44 مليار دولار في نفس الوقت من العام السابق، كما وصلت إلى 8.15 مليار دولار في الربع الثالث في عام 2021.