اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥
في مارس 2019، قبالة سواحل جنوب غرب أستراليا، وثق العلماء مشهدًا غير مسبوق: عصابة مكونة من 12 حوت أوركا (Orcas) تحاصر أضخم مخلوق على وجه الأرض -حوتًا أزرق بالغًا- وتفتك به، ملتهمة قطعًا ضخمة من لحمه قبل أن يلفظ أنفاسه.
لم يكن هذا الحادث استثناءً، بل بداية لسلسلة من السلوكيات 'المرعبة' التي أعادت طرح السؤال العلمي القديم: هل تزداد هذه الكائنات ذكاءً؟
التشريح الدماغي: ذاكرة عاطفية فائقة
لفهم ما يحدث، يجب النظر أولًا داخل جمجمة الأوركا. تؤكد ديبورا جايلز، باحثة الأوركا في جامعة واشنطن، أن هذه الكائنات تمتلك 'أدمغة معقدة للغاية'، حيث أن الأجزاء المسؤولة عن الذاكرة والعاطفة لديها أكثر تطورًا بشكل ملحوظ مما هي عليه في الدماغ البشري.
لكن، هل يعني هذا تطورًا بيولوجيًا مفاجئًا؟
ينفي جوش ماكينيس، عالم البيئة البحرية وينقل عنه موقع Live Scince، ذلك موضحًا أن التغير التشريحي للدماغ يستغرق آلاف السنين.
ويضيف أن ما نراه الآن هو 'تعلم اجتماعي' سريع؛ الأوركا تتعلم حيلًا جديدة وتنقلها لبعضها البعض، مما يجعل المجموعة ككل تبدو أكثر ذكاءً.
من 'الجراحة' إلى 'اللعب القاتل'
يرصد العلماء ثلاثة أنماط سلوكية برزت مؤخرًا وتؤكد فرضية 'الثقافة المتناقلة':
– الجراحة الدقيقة (جنوب أفريقيا والمكسيك): تخصصت ذكور الأوركا في اصطياد أسماك القرش وشقها ببراعة لانتزاع 'الكبد' فقط وتركه ينزف، وهي مهارة تتطلب دقة عالية وتنتقل عبر المحيطات.
– قطع اللسان (أستراليا): عند مهاجمة الحيتان الضخمة، لوحظ أن الأوركا تدخل رؤوسها داخل فم الحوت الحي لتأكل لسانه كوجبة مفضلة، وهو تكتيك يتطلب تنسيقًا جماعيًا.
– ألعاب الموت (المحيط الهادئ): تم توثيق قيام الأوركا باللعب بصغار خنازير البحر (Porpoises) وقذفها كالكرة حتى الموت دون أكلها، كنوع من التدريب لصغارها على صيد السلمون.
هل هي سلوكيات جديدة حقًا؟
يحذر مايكل فايس، عالم البيئة السلوكية، من الانجراف وراء حداثة المشاهد. بعض هذه السلوكيات – مثل أكل ألسنة الحيتان – قد تكون عادات قديمة لم نوثقها سابقًا إلا بفضل انتشار الكاميرات وتزايد حركة القوارب.
وكما في المجتمعات البشرية، تخضع الأوركا لـ 'موجات اجتماعية' (Trends)؛ تظهر سلوكيات وتختفي كنوع من الموضة.
البصمة البشرية: نحن من يدفعهم للابتكار
تشير الأدلة إلى أن الإنسان يلعب دورًا غير مباشر في هذا التطور.
التغير المناخي وذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية أجبر الأوركا على ابتكار طرق صيد جديدة لفرايس أكثر شراسة لا تعتمد على الجليد.
كما أن الصيد الجائر للسلمون أدى لتفكك الروابط الاجتماعية لبعض المجموعات، مما دفعها للبحث عن بدائل، بما في ذلك سرقة الأسماك من شباك الصيادين، في مغامرة تنتهي أحيانًا بموت الأوركا نفسها.
ورغم هذه القائمة المرعبة من المهارات، يطمئن العلماء أن الأوركا، حتى الآن، لم تبدِ أي اهتمام بتوجيه مهاراتها القاتلة نحو البشر.










































