اخبار الكويت
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٩ أيلول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- ما أهمية نادي 'الصداقة الكويتية – الصينية'؟
يعدّ منصة للتواصل بين الشباب الكويتي والصينيين المقيمين في البلاد.
- كيف يعكس التعاون الثقافي بين الكويت والصين توجهات المنطقة؟
يجسد توجه الخليج لتعزيز القوة الناعمة والانفتاح على آسيا.
تتجه العلاقات الكويتية الصينية إلى آفاق جديدة، لا تقتصر على الشراكات الاقتصادية والتجارية، بل تمتد إلى فضاءات التبادل الثقافي وبناء الجسور بين الشعوب.
ففي ظل رؤية الكويت 2035، وما تحمله من تطلعات للانفتاح على مراكز القوة العالمية، يبرز الجانب الثقافي بوصفه ركيزة موازية للدبلوماسية الرسمية، وأداة لتعزيز الفهم المتبادل وترسيخ الحضور في بيئة دولية متسارعة التحولات.
ومن هذا المنطلق، باتت المبادرات الشعبية والمؤسساتية إحدى أهم وسائل الدفع باتجاه حوار حضاري يربط الكويت وبكين، ويمنح علاقتهما بعداً إنسانياً وحضارياً يتجاوز الأرقام والمصالح.
جسور ثقافية
ضمن هذا الإطار، جاء تدشين 'نادي الصداقة الكويتية – الصينية' في 7 سبتمبر 2025، برعاية الشيخة د.العنود الدعيج الصباح، وبمساندة السفارة الصينية في الكويت، ليشكل منصة للتواصل بين الشباب الكويتي والصينيين المقيمين في البلاد.
ويسعى النادي، الذي ضمّ عند انطلاقه مجموعة من الأطباء والمثقفين وخريجي الجامعات الصينية، إلى تيسير الحوار المباشر مع الصين بعيداً عن حواجز اللغة، وتوفير مساحة لتبادل الخبرات والمعرفة الثقافية.
وأكدت الرئيسة الفخرية للنادي، الشيخة العنود، أن الهدف هو تجسير العلاقات الشعبية بما يواكب طموحات 'رؤية الكويت 2035'، معتبرة أن المبادرة ثمرة شغف حقيقي بالثقافة الصينية ولغتها.
وأشارت في تصريحات نشرتها صحيفة 'النبأ' الكويتية، إلى أن المشروع يتزامن مع إصدارها لكتاب 'تاريخ العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والكويت(1960 – 1991) '، الذي يلخص تجربتها الأكاديمية ويوثق مسار العلاقات الثنائية في ثلاثة محاور: السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
من جهته، شدد القائم بأعمال السفارة الصينية، ليو شانغ، على أن النادي سيمنح دفعة قوية لعلاقات الصداقة بين البلدين، واصفاً أعضاءه بأنهم 'سفراء كويتيون للصين'.
ولفت إلى أن الشيخة العنود، التي تجيد اللغة والخط والرسم الصيني، أصبحت جزءاً فاعلاً في التبادل الثقافي منذ أعوام، مؤكداً أن هذه المبادرة تواكب الحراك الثقافي الصيني المرتبط بقمم دولية، مثل قمة منظمة شنغهاي للتعاون.
وتنوعت مساهمات الأعضاء المؤسسين بين دعوات لتخصيص قسم للغة الصينية في جامعة الكويت (عبدالله النقي)، وتعزيز التعاون الطبي عبر الاستفادة من خبرات المستشفيات الصينية (د.محمد العبيدي)، واقتراح إدخال الرياضة والأنشطة الاجتماعية كجسر للتواصل (شريفة الخميس).
فيما شدد راكان الحسيني على اعتماد الجامعات الصينية رسمياً لتسهيل الابتعاث، معتمداً على خبرته بعد سبع سنوات من الإقامة في بكين.
القوة الناعمة
ويقول المحلل السياسي إبراهيم دشتي إن الدول الحديثة تستخدم نهج القوة الناعمة، وهو أسلوب أكثر فعالية من استخدام القوة العسكرية، مشيراً إلى أن الصين تستخدم هذا النهج في تعاملها مع دول العالم، خاصة دول الخليج، نظراً لأهميتها الاقتصادية.
ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن الصين، كقوة اقتصادية صاعدة، يجب أن تكون جزءاً من أي معادلة مستقبلية في المنطقة، خاصة مع توجه العالم نحو التعددية القطبية.
ويوضح دشتي أن المبادرات الصينية تجاه الكويت ليست وليدة اليوم، فكانت هناك محاولات سابقة لإنشاء استثمارات ضخمة بهدف تحويل الكويت إلى مركز اقتصادي يربط الصين بأوروبا.
ويوضح أن هذه المبادرات لم تنجح في الماضي بسبب الضغوط الأمريكية، لكن دول الخليج تحاول الآن التحرر من هذا النفوذ. ويرى أن دول الخليج بحاجة للتوجه نحو الصين للاستفادة من خبراتها في مجالات متعددة.
ويعتقد أن الابتعاثات الطلابية إلى الصين يجب أن تحظى بنصيب أكبر، حيث يعتبرها أكثر أماناً وملاءمة للطلاب الخليجيين مقارنة بالدول الغربية التي تعاني من مشاكل اجتماعية وأمنية.
ويلفت دشتي إلى أن العلاقة بين الخليج والصين يمكن أن تكون أكثر تكافؤاً وتكاملاً، على عكس العلاقة مع الغرب، ويردف أن سياسة الصين التي تعتمد على القوة الناعمة تشجع على بناء علاقة متوازنة ومستدامة.
بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور أسعد كاظم شبيب، إن الحضور الصيني في الشرق الأوسط أصبح لافتاً، وأن بكين تستخدم أدوات 'القوة الناعمة' مثل الاستثمار والاقتصاد والإعلام، لترسيخ نفوذها.
ويؤكد لـ'الخليج أونلاين' أن هذه الأدوات تعبر عن دبلوماسية مدروسة تهدف إلى إبراز القوة الاقتصادية الصينية التي تزعج الولايات المتحدة والنظام الدولي.
ويشير شبيب إلى أن الكويت مؤهلة للقيام بدور حلقة الوصل الثقافي بين الخليج والصين، نظراً لما تمتلكه من مقومات ثقافية تجمع بين الشرق والغرب، بما يُمكّن الكويت من أن تكون بوابة لانفتاح خليجي أكبر نحو الصين.
ويوضح أن التعاون الثقافي بين الجانبين سيفتح آفاقاً واسعة، ويسهم في تعزيز التبادل الثقافي بينهما، لافتاً إلى أن الصين تسعى بقوة لتدريس اللغة الصينية في العالم العربي، في حين أن لديها معاهد وجامعات متخصصة في تدريس اللغة العربية لمواطنيها.
ويردف شبيب أن هذا التعاون سيجعل العلاقة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل ترسخها في قيم ثقافية لضمان استدامتها على المدى الطويل.
ويؤكد أن الصين تسعى من خلال هذا التعاون إلى تحقيق أهداف استراتيجية، تتمثل في تثبيت وجودها كقوة اقتصادية عالمية، وموازنة النفوذ الغربي في المنطقة.
كما يرى شبيب أن الصين تحاول استعادة التوازن الثقافي من خلال نشر ثقافتها الشرقية، في ظل هيمنة الثقافة الغربية على البلدان العربية والإسلامية.
تعاون ثقافي
وإذا كان 'نادي الصداقة الكويتية – الصينية' يمثل مبادرة شبابية تعكس الاهتمام المتبادل بين الجانبين، فإن الجهود المؤسسية الرسمية بدورها تسير في الاتجاه ذاته لتعزيز الحوار الثقافي والتواصل الشعبي.
وفي هذا السياق، أشار السفير الصيني لدى الكويت، تشانغ جيانوي، في مقالة نشرتها صحيفة الجريدة في مارس 2025، إلى أن التبادل الثقافي بين البلدين يشهد وتيرة متسارعة، تعكس حرص الطرفين على ترسيخ التقارب بين الشعبين.
ومن الناحية العملية، باتت الرحلات الجوية المباشرة من الكويت إلى مدينة قوانغتشو تسير ثلاث مرات أسبوعياً، وهو ما يسهّل حركة السياحة والتجارة والتعليم.
كما احتضنت الكويت أول مركز ثقافي صيني في منطقة الخليج، الذي تحول إلى منصة نشطة لنشر الثقافة الصينية من خلال تنظيم سلسلة من الفعاليات الفنية والمعارض والأنشطة التفاعلية، ما أسهم في تعريف المجتمع الكويتي بالتراث الصيني التقليدي والمعاصر.
وأضاف جيانوي أن السفارة الصينية في الكويت حرصت على تنظيم فعاليات ثقافية متنوعة، من بينها استضافة فرق فنية صينية لتقديم عروض في الكويت، الأمر الذي لاقى اهتماماً متزايداً من الأوساط المحلية.
وترافق ذلك مع نشاط ملحوظ في التبادل بين وسائل الإعلام ومراكز البحوث والشباب والطلاب، ما ساعد على انتقال العلاقات الشعبية من مستوى 'التعارف والتفاهم' إلى مستوى أعمق من 'التقارب والتآزر'.
ويرى السفير أن العلاقات الممتدة منذ أكثر من 54 عاماً تواصل ترسيخ مكانتها، مستفيدة من توجه الصين نحو الانفتاح عالي المستوى والتنمية ذات الجودة المرتفعة عبر ما يعرف بـ'التحديث الصيني النمط'.
وهو ما يفتح المجال أمام الكويت لتعزيز شراكاتها مع الصين، سواء في المجالات الثقافية والإنسانية أو في الإطار الاقتصادي والتجاري.
ويعكس هذا التلاقي الثقافي بين الكويت والصين توجهاً خليجياً أوسع نحو الانفتاح على آسيا وتعزيز أدوات 'القوة الناعمة' في المنطقة؛ فبينما تسعى دول الخليج إلى تنويع شراكاتها الاستراتيجية، تمثل المبادرات الثقافية والتعليمية جسراً موازياً للعلاقات الاقتصادية والسياسية.
ومن خلال 'نادي الصداقة' والمركز الثقافي الصيني والبرامج المشتركة، تبرز الكويت كحلقة وصل قادرة على ترجمة هذا التوجه الخليجي إلى مشاريع عملية تفتح آفاقاً جديدة للحوار والتعاون مع بكين.


































