الوقائع الإخباري: أخبرنا أرسطو أن لدينا 5 حواس، وأن العالم يتكون من 5 عناصر، ولم نعد نؤمن بذلك. وتشير أبحاث حديثة إلى أننا قد نمتلك في الواقع عشرات الحواس.

وبسبب انشغالنا الدائم أمام الشاشات، ومصادر التفاعل الاجتماعي الأخرى، نتجاهل في كثير من الأحيان حواسنا باستثناء السمع والبصر، مع أنها تعمل باستمرار.

فعندما نكون أكثر انتباهاً، نشعر بخشونة ونعومة الأسطح، ونشعر بتيبس أكتافنا، وندرك ليونة الخبز.

تضافر الحواس بصيغة أخرى، تكاد تكون جميع تجاربنا متعددة الحواس. فنحن لا نرى ونسمع ونشم ونلمس بشكل منفصل، بل تحدث جميعها في آن واحد ضمن تجربة موحدة للعالم من حولنا ولأنفسنا.

أي أن ما نشعر به يؤثر على ما نراه، وما نراه يؤثر على ما نسمعه. فالروائح المختلفة في الشامبو قد تؤثر على كيفية إدراكنا لملمس الشعر. مثلاً، تجعل رائحة الورد الشعر يبدو أكثر نعومة.

ويمكن للنكهات الموجودة في الزبادي قليل الدسم أن تجعله أكثر غنىً وكثافةً في الفم دون إضافة المزيد من المستحلبات.

وبحسب ورقة بحثية نشرها 'ذا كونفيرسيشن'، للدكتور بيري سميث من جامعة لندن، يتأثر إدراك الروائح في الفم، والتي تصل إلى الممرات الأنفية، بلزوجة السوائل التي نتناولها.

مذاق الطماطم على الطائرة ويشير الباحث إلى أنه في حين أن إدراكنا للمذاق المالح والحلو والحامض يقلّ في وجود الضوضاء البيضاء، إلا أن نكهة ومذاق الطماطم وعصيرها لا يتأثران بضجيج الطائرة، بل يعزز هذا الضجيج النكهة اللذيذة.

وقد اكتشف سميث وزميله السير كولين بلاكيمور تأثير ضجيج الطائرة على مذاق الطماطم في تجارب تحققت من كيف يُمكن لتعديل صوت أن يُؤثر على شعور الشخص بخفة أو ثقل جسمه.

وبينت التجارب كيف تساعد الأدلة الصوتية الموجودة في متحف تيت بريطانيا للفنون، والتي تُخاطب المستمع كما لو كان النموذج في اللوحة يتحدث، الزوار على تذكّر المزيد من التفاصيل البصرية للوحة.

ماذا عن التوت؟ وكشفت تجارب سميث وبلاكيمور أن حاسة التذوق التي تميز المالح، والحلو، والحامض، والمر، ليست هي ما يتفاعل مع النعناع، ​​والمانجو، والبطيخ، والفراولة، والتوت.

فنحن ليس لدينا مستقبلات للتوت على اللسان، كما أن نكهة التوت ليست مزيجاً من الحلو والحامض والمر.

ولا توجد معادلة رياضية لنكهات بعض أنواع الفاكهة كالتوت، بل ندركها من خلال عمل اللسان والأنف معاً. فالشم هو الذي يساهم بالجزء الأكبر فيما نسميه التذوق.

عدد الحواس لدى الإنسان وأفاد الدكتور تشارلز سبنس من مختبر الحواس المتعددة في أكسفورد، أن زملاءه في علم الأعصاب يعتقدون أن عدد الحواس يتراوح بين 22 و33 حاسة.

وتشمل هذه الحواس الإحساس بالوضع، الذي يمكّننا من معرفة مكان أطرافنا دون النظر إليها.

ويعتمد إحساسنا بالتوازن على الجهاز الدهليزي في قنوات الأذن، بالإضافة إلى حاسة البصر والإحساس بالوضع.

الإحساس الداخلي وتحريك الأطراف ومن الأمثلة الأخرى الإحساس الداخلي، الذي نستشعر من خلاله التغيرات في أجسامنا، مثل زيادة طفيفة في معدل ضربات القلب والشعور بالجوع.

كما أن لدينا إحساساً بالتحكم عند تحريك أطرافنا: وهو شعور قد يغيب لدى مرضى السكتة الدماغية الذين قد يعتقدون أحياناً أن شخصاً آخر يحرك أذرعهم.

وهناك أيضاً إحساس الملكية. يشعر مرضى السكتة الدماغية أحياناً، مثلاً، أن ذراعهم ليست ذراعهم، حتى وإن كانوا لا يزالون يشعرون بأحاسيس فيها.

ويعني ذلك أن بعض الحواس التقليدية هي مزيج من عدة حواس.

فاللمس، على سبيل المثال، يشمل الألم، والحرارة، والحكة، والإحساس اللمسي. عندما نتذوق شيئًا ما، فإننا في الواقع نختبر مزيجًا من ثلاث حواس: اللمس، والشم، والتذوق، والتي تتحد معًا لتكوين النكهات التي ندركها في الطعام والشراب.

وهو ما يدعم فكرة فرضية تعدد الحواس، والتي قد يتراوح عددها ما بين 22 و33 حاسة لدى الإنسان.