اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ١٦ حزيران ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
كتب : الدكتور احمد الوكيل - في ظل ما يشهده الإقليم من اضطرابات متصاعدة، وصراعات محتدمة تضع شعوب المنطقة في مهب التهديدات والمخاطر، يبرز الموقف الأردني كصوت عاقل، ثابت وواضح في الدفاع عن السيادة الوطنية، ورفض أن يكون الأردن ساحة لتصفية الحسابات أو ميدانًا للحروب بالوكالة.
لقد أثبتت القيادة الأردنية، وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني، أن السيادة الأردنية خط أحمر، لا يمكن تجاوزه من أي طرف، سواء كان في سياق مغامرة إسرائيلية متهورة أو مناورة إيرانية محسوبة أو غير محسوبة العواقب. فالأردن لا يخضع للابتزاز، ولا يُستخدم كورقة ضغط في صراعات الآخرين، بل يتصرف من منطلق مصلحة وطنية عليا، تضع أمن المواطن وسلامة الأرض فوق كل اعتبار.
منذ بدايات الأزمة الإقليمية المتصاعدة، شدد الأردن – مرارًا وتكرارًا – على أنه ليس طرفًا في الصراع بين إيران وإسرائيل، ولا يمكن أن يُستدرج أو يُستغل لتصفية حسابات تتجاوز حدوده. فالأردن يرفض أن يُستغل جغرافيًا أو سياسيًا أو عسكريًا، من أي طرف كان، وتؤكد القيادة الأردنية أن القرار الوطني مستقل لا يُملى عليه من قِبل أحد، مهما كان حجم الضغوط أو الإغراءات.
عندما تقوم طائرات مسيرة باختراق الأجواء الأردنية، أو حين يُشك في أن أي عمل خارجي يمكن أن يهدد أمن البلاد، فإن الرد الأردني واضح: الدفاع عن الأرض والسماء واجب مقدس. لقد قامت القوات المسلحة الأردنية، وسلاح الجو تحديداً، بعمليات دقيقة وحاسمة في التصدي للطائرات المسيّرة التي خرقت المجال الجوي، في تأكيد عملي على أن الأردن لن يتسامح مع أي تهديد لأمنه، ولن يسمح بأن يُستخدم كبوابة لإيصال الرسائل بين الأطراف المتصارعة.
في مقابل هذا الحزم في حماية السيادة، يُظهر الأردن اتزانًا سياسيًا وإنسانيًا يُحسب له، حيث يواصل دعم الأشقاء الفلسطينيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي، سياسيًا عبر التحركات الدولية، وإنسانيًا عبر المساعدات والقوافل الطبية والإنزالات الجوية، دون أن يتورط في مغامرات عسكرية لا طائل منها.
أما ما تفعله إسرائيل من تصعيد غير مبرر، وتطرف سياسي يقوده أمثال نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، فإنه لا يهدد فلسطين وحدها، بل يزعزع استقرار المنطقة بأكملها. والأردن، بما له من علاقات ومكانة دولية، يتحرك بثقة وعقلانية لإيقاف هذا النزيف الإنساني والسياسي، دون أن يسمح بأن يُستدرج إلى حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
من جهة أخرى، يُدرك الأردن أن إيران ليست وصية على الشعوب العربية، وأن سيادته ليست مجالاً مفتوحًا لاختبار نفوذها أو إرسال رسائلها عبر الأجواء الأردنية. فالعلاقات مع إيران تُبنى على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل، وحين يتم تجاوز ذلك، فإن الأردن يتصرف بما تمليه عليه كرامته وسيادته ومصلحة شعبه.
في ظل هذه التحديات، يُولي جلالة الملك أهمية خاصة لـالوحدة الوطنية، ويحث على الوعي والعقلانية، في مواجهة حملات التضليل ومحاولات دفع الأردن إلى الفوضى أو الاستقطاب. فالوعي الشعبي هو صمام الأمان، والمؤسسات الوطنية – الأمنية والعسكرية والمدنية – تتحرك بتناغم لحماية الجبهة الداخلية، ومواجهة أي اختراقات.
السيادة الأردنية ليست حالة مؤقتة أو خاضعة للحسابات الظرفية. إنها جوهر الدولة وكرامتها ومشروعها التاريخي. والأردن، بقيادته الحكيمة، لا يسمح بأن يكون مجرد مساحة عبور لمشاريع الآخرين، بل يبقى كما هو دائمًا: صاحب قرار، وصوت عروبي ثابت، وموقف سيادي لا يُساوم عليه.