في وقتٍ ما زالت فيه بعض قضايا المرأة تُعالج بخجل على الشاشات، تأتي النجمة يسرا لتكسر الصمت، من خلال بطولتها لفيلمها الجديد، الذي يحمل اسم «الست لما»، الذي بدأ تصويره مؤخرًا في القاهرة، ويُعدّ من أكثر الأعمال المرتقبة هذا العام، لما يتضمنه من طرح صريح وجريء لقضايا العنف الممنهج ضد النساء، وتفكيك للمنظومة الاجتماعية التي تُعيد إنتاج هذا العنف في صور مختلفة، بحسب زهرة الخليج.

قصة اجتماعية لا تُهادن:

الفيلم من تأليف كيرو أيمن ومصطفى بدوي، وإخراج خالد أبو غريب، وهو عمل إنساني يقف على مفترق طرق بين الفن والمواجهة، ولا يبحث عن التجميل أو التخفيف، بل يُسلّط الضوء على الواقع بكل ما فيه من تناقضات ووجع وصمت.

يسرا، التي لطالما كانت صوتًا نسائيًا فنيًا واعيًا، تعود في «الست لما» بشخصية تُحاكي مئات النساء اللواتي يعانين الظلم في صمت، وتُجسد شخصية إعلامية مؤثرة في الأربعينيات من عمرها، تتميز بشخصية صارمة وعقلانية تقود النضال النسوي، وتؤمن بقدرة المرأة على إحداث التغيير. ومع ذلك، تخفي صدمة نفسية عميقة، تترك أثرًا واضحًا على علاقتها بالرجال. فهي شخصية تحمل على كتفيها أثقال الماضي والحاضر، لكنها لا تتنازل عن حقها في العدالة، وتقرر أخيرًا أن «تقول لا» في وجه السلطة الذكورية، سواء داخل الأسرة أو المجتمع.

حبكة تتشابك فيها مصائر النساء:

السيناريو يُقدّم بناءً دراميًا مركبًا، حيث لا تتمحور القصة حول شخصية واحدة، بل تتقاطع فيها مجموعة من الحكايات النسائية المؤثرة، التي تلتقي جميعها عند جدار واحد (العنف).

وفاء (ياسمين رئيس): شابة متحررة، خريجة جامعة مرموقة، تتعرض لواقعة تحرش عنيفة داخل سيارة أجرة، ما يدخلها في دوامة من الألم والقلق، ويطرح الفيلم من خلالها تساؤلات حقيقية عن معنى الأمان في المساحات العامة.

فاطمة (درة): امرأة ثلاثينية نشأت في دار أيتام، تحمل حلم الأمومة داخلها منذ الطفولة، لكنه يتحول إلى كابوس بعد زواجها من رجل أناني قاسٍ، يؤدي دوره محمد جمعة، الذي يُجسّد شخصية يمارس عليها التسلط العاطفي يوميًا، دون شعور منه بالذنب.

منى (رانيا منصور): امرأة تبدو مستقرة ظاهريًا في زواجها من محمود البزاوي، لكنها تُفاجأ بانكشاف أسرار تقلب حياتها رأسًا على عقب، ما يدفعها لإعادة تعريف ذاتها من جديد.

الكوميديا السوداء:

يأتي دور الثنائي انتصار وعمرو عبدالجليل؛ ليُقدّما نوعًا من الكوميديا السوداء، حيث يلعبان دور زوجين على حافة الانهيار، لكنهما يتعاملان مع الواقع بنوع من السخرية السوداء، التي تُخفف من وطأة المشاهد الأخرى.

يسرا: الدور الأقرب للواقع:

في تصريحات سابقة لها، وصفت يسرا هذا الدور بأنه «من أكثر التجارب التمثيلية تحديًا»، مؤكدة أنها تشعر بأن الشخصية تشبه كثيرات من النساء في محيطها الواقعي، وأضافت: «هذا الفيلم لا يمنح بطلاته حلولًا جاهزة، بل يُجبرهن على طرح الأسئلة التي نخاف من طرحها».

الفن.. ساحة مواجهة:

«الست لما» يطرح سؤالًا مهمًا: هل لا تزال السينما قادرة على لعب دورها في طرح القضايا المجتمعية الكبرى؟.. يبدو أن الفريق القائم على هذا العمل يراهن على ذلك بشدة، مستندًا إلى حبكة واقعية، وإخراج يميل إلى البساطة في الصورة، والغزارة في المعنى.

وإلى الإخراج، حيث يعتمد على المدرسة الواقعية الحديثة، حيث تعكس الكاميرا تفاصيل الحياة اليومية، وتُقدّم المشاهد بعفوية مدروسة، تجعل المشاهد يشعر كأنه يتلصص على حياة حقيقية، لا مجرد تمثيل.

الفيلم يضم قائمة لامعة من النجوم، منهم: يسرا، وماجد المصري، وياسمين رئيس، ودرة، ومحمد جمعة، وعمرو عبدالجليل، وانتصار، ومحمود البزاوي، ورانيا منصور، ومحمد أنور. إضافة إلى ضيوف الشرف: حمدي الميرغني، وأحمد صيام، في دورين قصيرين، ومؤثرين.