مرحلة تحول تاريخية يشهدها القطاع الصحي في المملكة العربية السعودية ضمن رحلة رؤية المملكة 2030، ومن ذلك برامج المعايير الوطنية التي ينفذها ويعدها المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية 'سباهي' وتعزز بدورها منظومة الجودة والسلامة الصحية، لتجسّد بذلك التزام المملكة بتحسين وتطوير جودة الخدمات الصحية وضمان سلامة المرضى، وتقديم رعاية إنسانية شاملة تواكب أرقى المعايير والممارسات العالمية.

تُعد برامج المعايير الوطنية التي ينفّذها 'سباهي' أداة إستراتيجية لتوحيد المفاهيم والممارسات بين مختلف المنشآت الصحية، وتعزيز ثقافة التميّز في الأداء، إذ تم تصميمها بعناية وفق أفضل المعايير العالمية لتلبية احتياجات القطاع الصحي وتحسين تجربة المرضى، بما يسهم في تقديم خدمات وقائية وعلاجية وتثقيفية متكاملة تُسهم في تعزيز الصحة العامة للمجتمع.

ولمواصلة ذلك أطلق المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية 'سباهي' حزمة جديدة من برامج المعايير الوطنية التي تستهدف تخصصات نوعية وذات أولوية قصوى للمجتمع والقطاع الصحي.

حيث تُمثّل المعايير الوطنية لمراكز الرعاية الصحية الأولية في نسختها الثانية الأساس الذي تُبنى عليه منظومة الرعاية الصحية الحديثة. فهي تركز على ضمان استمرارية الرعاية، وتعزيز كفاءة الأطباء والممرّضين في تقديم خدمات فعّالة وآمنة، ودعم البرامج الوطنية للوقاية من الأمراض المزمنة. ومن خلال هذه المعايير، تصبح المراكز الصحية أكثر قدرة على تقديم خدمات عالية الجودة تُسهم في تحسين صحة الفرد والمجتمع.

ويأتي استحداث وتدشين المعايير الوطنية لمراكز السكتة الدماغية لتُجسّد أحد أبرز ملامح التحول في الرعاية الحرجة والطارئة، بتركيزها على رفع جاهزية المراكز الطبية للتعامل السريع مع الحالات الطارئة، من خلال تحسين سرعة التشخيص والتدخل العلاجي، وضمان توفر الكفاءات والتجهيزات اللازمة لإنقاذ الأرواح وتقليل المضاعفات. وهي خطوة متقدمة نحو بناء منظومة متكاملة للرعاية العاجلة، تتماشى مع مستهدفات التحول الصحي في تعزيز الاستجابة السريعة للحالات الطارئة.

وفي جانب الصحة النفسية، أطلق المركز المعايير الوطنية لمستشفيات الصحة النفسية تأكيدًا على اهتمام المملكة المتزايد بهذا المجال الحيوي. إذ تُعنى بتحسين جودة الرعاية النفسية والتأهيلية، وتعزيز بيئة آمنة تحترم حقوق المرضى وتضمن جودة الخدمات المقدمة. كما تدعم هذه المعايير تدريب الكوادر العاملة وتطبيق أفضل الممارسات العالمية، بما يسهم في بناء منظومة متكاملة للصحة النفسية تدعم جودة الحياة وتتماشى مع مستهدفات برنامج جودة الحياة أحد برامج رؤية السعودية 2030.

إلى ذلك يعكس إطلاق المعايير الوطنية لمراكز ووحدات السكري، الاهتمام بمواجهة التحديات الصحية المزمنة عبر نهج وقائي شامل. إذ تركز على التوعية والوقاية والتشخيص المبكر والعلاج والمتابعة المستمرة، مع تعزيز التنسيق بين مختلف مستويات الرعاية الصحية. وتُعد هذه المعايير خطوة محورية نحو تحسين جودة حياة مرضى السكري وتقليل العبء الصحي والاقتصادي الذي يتسبّب به هذا المرض المزمن.

إن إطلاق هذه الحزمة من برامج المعايير الوطنية ينسجم مع برنامج تحول القطاع الصحي الذي يهدف إلى تعزيز جودة الرعاية الصحية وتحقيق الكفاءة والاستدامة. فالالتزام بالمعايير الوطنية لا يقتصر على تحسين جودة الخدمات فقط، بل يرسّخ مفهوم الحوكمة والشفافية، ويدعم التمكين المؤسسي للمنشآت الصحية لتقديم رعاية متمحورة حول الإنسان.

نواصل في 'سباهي' مسيرة رائدة في تنفيذ وإعداد برامج المعايير الوطنية التي تمثل الركيزة الأساسية لتحسين جودة الرعاية الصحية وضمان سلامة المرضى في مختلف القطاعات. إذ يعمل المركز ضمن إطار استراتيجي متكامل وواضح الرؤية مستهدفًا تعزيز الكفاءة والفاعلية ورفع مستوى الأداء، إيمانًا بدوره المحوري في دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030 في بناء نظام صحي رائد عالميًا.

لا يفوتني أن أتقدم بالشكر والتقدير إلى كافة فرق وأعضاء اللجان الوطنية الفنية لإعداد المعايير الوطنية من خبراء وأكاديميين ومتخصصين على جهودهم المخلصة وعطاءهم المهني في إعداد وتطوير هذه المعايير التي تمثل أساس الجودة وسلامة المرضى في منشآتنا الصحية.