اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٧ كانون الأول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- ما هدف برنامج 'البيت الإماراتي الثقافي' في تركيا؟
تعزيز التبادل الثقافي والتعريف بالهوية الإماراتية لدعم السياحة والتقارب بين الشعبين.
- ما حجم نمو السياحة بين الطرفين منذ 2019؟
ارتفعت بنسبة أكثر من 50%.
تفتح الإمارات وتركيا مسارات تعاون جديدة تمتد من الثقافة إلى السياحة، في مشهد يعكس اتساع الشراكات الثنائية وتنوع أدواتها.
ويُظهر الحراك المتصاعد بين الجانبين كيف تتحول المبادرات الثقافية والفعاليات المشتركة إلى منصات اقتصادية واسعة، تعزز التبادل التجاري وتنشّط حركة الزوار وتدعم التكامل في قطاعات حيوية تشكّل مستقبل العلاقات بين البلدين.
سياحة وتجارة متنامية
ويعكس نمو الحركة السياحية المتبادلة حجم التحوّل الجاري في العلاقات الإماراتية التركية، حيث باتت السياحة بوابة رئيسية لمدّ جسور اقتصادية وثقافية أوسع.
وأكد سفير الإمارات لدى أنقرة، سعيد ثاني الظاهري، أن حركة السياحة بين البلدين نمت بأكثر من 50% منذ عام 2019، موضحاً أن 1.2 مليون زائر من الإمارات ودول مجلس التعاون قصدوا تركيا خلال العام الماضي، في حين استقبلت الإمارات 250 ألف سائح تركي في 2024.
وجاء حديث الظاهري خلال لقاء صحفي على هامش فعاليات برنامج 'البيت الإماراتي الثقافي' بأنقرة، في 30 نوفمبر 2025، وهو برنامج يُتوقع أن يستقطب أكثر من 10 آلاف زائر ويُسهم في فتح مسارات جديدة في الثقافة والإبداع والسياحة.
وأشار السفير إلى أن هذه الفعاليات لا تقتصر على تعزيز التبادل الثقافي، بل تدعم حملات السياحة المشتركة وتطوير مسارات جديدة، إضافة إلى تعزيز الترويج المتبادل بين هيئات السياحة وشركات الطيران وتشجيع تبادل المهرجانات والشراكات في السياحة الثقافية.
كما استعرض السفير التراث الطبيعي الإماراتي والحرف اليدوية والثراء الغذائي، مؤكداً دورها في توسيع جاذبية الهوية الثقافية بين الشعبين.
وتكتسب هذه الأنشطة قوة دفع إضافية بفضل النمو التجاري المتصاعد؛ إذ ارتفع حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا إلى 39.13 مليار دولار في 2024 بنمو سنوي بلغ 7.61%.
كما ارتفعت واردات الإمارات من تركيا بنسبة 10% لتبلغ 19.42 مليار دولار، في حين زادت صادراتها إلى تركيا بنسبة 14.4% لتصل إلى 14.77 مليار دولار.
ووفق السفير، فإن البلدين يمتلكان القدرة على تعزيز دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطوير أدوات التجارة الرقمية وشراكات الابتكار للحفاظ على هذا الزخم.
ويشير الظاهري إلى أن الوصول إلى هدف 50 مليار دولار في التجارة المتوسطة المدى يتطلب تعميق التعاون في قطاعات اللوجستيات والتكنولوجيا الزراعية والطاقة المتجددة والتصنيع والتجارة الرقمية، وهي قطاعات تمثل أكثر من 60% من التجارة الحالية.
كما ضخت الإمارات منذ 2020 استثمارات تتجاوز مليار دولار في قطاعات التكنولوجيا والإلكترونيات والنقل والعقارات في تركيا، إضافة إلى تعهدات تتجاوز 50 مليار دولار في الموانئ واللوجستيات والطاقة.
ويؤكد الظاهري أن تركيا، التي تُعد من أكبر 20 اقتصاداً صناعياً وتضم 350 منطقة صناعية منظمة وأكثر من 1.5 مليون عامل في القطاع الصناعي، تمتلك بنية تحتية متقدمة في صناعات السيارات والآلات والإلكترونيات والمنسوجات، ما ينسجم مع توجهات الإمارات في تطوير سلاسل التوريد.
انعكاسات إيجابية
ويؤكد الكاتب والخبير الاقتصادي د. يوسف كاتب أوغلو أن موضوع الثقافة والسياحة يشكل مستقبل العلاقات الإماراتية التركية، كما أن التقارب السياسي انعكس بشكل واضح على المسار الثقافي المشترك، ما ساهم في إعادة الدفء للعلاقات بعد تجاوز الخلافات السابقة.
ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن تركيا تمثل واحدة من أهم الوجهات السياحية للدول العربية، وأن ازدياد الحركة السياحية بين الإمارات وتركيا عزز التكامل الاقتصادي.
ويلفت كاتب أوغلو إلى أن النمو السياحي شمل زيادة ملحوظة في عدد الزوار، سواء من الإمارات أو من دول الخليج، مع تسجيل أعداد كبيرة من السياح الأتراك إلى الإمارات، ما انعكس إيجاباً على نمو العلاقات الاقتصادية.
ويشير إلى أن القطاعات الاقتصادية المستفيدة من هذا التعاون تشمل السياحة والطاقة المتجددة وتقنية المعلومات والبيع الرقمي والاتصالات، إضافة إلى عدد من القطاعات الأخرى التي تدعم المصالح المشتركة بين الإمارات وتركيا.
كما يؤكد أن النشاط الثقافي المتنامي يلعب دوراً محورياً في تعزيز التعاون، من خلال فعاليات ومعارض البيت الإماراتي الثقافي في تركيا، ومعاهد تعليم اللغة التركية في الإمارات، والندوات والمهرجانات المشتركة التي تدعم التبادل الثقافي بين الطرفين.
ويضيف كاتب أوغلو أن تركيا تدعم جميع الاتفاقيات والشراكات متعددة القطاعات، وتقدم التسهيلات لحضور المؤتمرات ومجالس الأعمال، ما يعكس تنامياً في التعاون الثقافي والاقتصادي بين الإمارات وتركيا.
ويرى أن هذا التعاون المشترك يعزز العلاقات الاقتصادية من خلال زيادة حجم التجارة البينية غير النفطية، بما في ذلك التكنولوجيا والصناعات الدفاعية واللوجستية والعقارات والنقل، مشيراً إلى أن تركيا تعتبر الإمارات منصة استراتيجية لتسويق منتجاتها عالمياً، مستفيدة من المناطق الحرة والخبرة اللوجستية الإماراتية.
ويعتقد كاتب أوغلو أن الاتفاقيات الاقتصادية الشاملة والشراكات المتعددة بين البلدين ستعكس نتائج إيجابية مستمرة، وتعزز العلاقات الثنائية على صعيد الاقتصاد والثقافة، وترسخ موقعهما كشركاء استراتيجيين في المنطقة.
جسور ثقافية وانسانية
ويشكّل البعد الثقافي والإنساني أحد أكثر مسارات التعاون بين الإمارات وتركيا حيوية خلال الأعوام الأخيرة، إذ بات ركيزة تعكس عمق التقارب بين الشعبين، وتتقدم بخطوات واثقة عبر مبادرات ومعارض وفعاليات تتصل بالهوية والإنسان والتنمية المجتمعية.
ويبرز هذا الحراك المتنامي في مشاريع تُعنى بالمرأة والطفولة والبحث العلمي والفنون، مقدّماً نموذجاً لعلاقات تعتمد على التلاقي الحضاري والقيم المشتركة أكثر من اعتمادها على المصالح السياسية وحدها.
وإلى جانب القطاعات الاقتصادية والاستثمارية، شهدت زيارة الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، إلى تركيا في 16 يوليو 2025، توقيع اتفاقيات بشأن الحماية المشتركة للمعلومات المصنفة، ومجال السياحة والضيافة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال البحوث في المناطق القطبية.
وأشارت صحيفة العين الإماراتية، في يوليو الماضي، إلى تعاون إماراتي تركي بنّاء على مختلف الأصعدة الثقافية والإنسانية والأكاديمية لدعم علاقات البلدين التاريخية ومواجهة التحديات المشتركة.
وشهدت علاقات البلدين محطات لافتة تؤكد هذا التوجّه، أبرزها افتتاح معرض أم الإمارات في أنقرة خلال يونيو 2025، وهو حدث عكس التقدير التركي الملموس للدور الإنساني والريادي للشيخة فاطمة بنت مبارك.
وسلّط المعرض الأضواء على الدور الريادي للمرأة الإماراتية وإنجازاتها المتنوعة، فضلاً عن استعراض آفاق التبادل الثقافي والمعرفي بين الشعبين.
وبرزت المشاركة الإماراتية في مؤتمر الموهوبين والمتفوقين بإزمير التركية، في مايو 2025، كمسار إضافي لتعزيز التواصل الأكاديمي وتبادل الخبرات.
وكانت عملية الإغاثة الإماراتية عقب زلزال فبراير 2023 قد شكّلت مثالاً واضحاً على التضامن الإنساني، بعدما قدّمت أكبر دعم إغاثي لتركيا، مجسدةً عمق الروابط الإنسانية بين البلدين.
ويظهر من هذا الزخم المتواصل أن العلاقات الثقافية والإنسانية بين الإمارات وتركيا أصبحت إحدى أهم ركائز التقارب الثنائي، بما يحمله من تأثير طويل المدى على المجتمعات وواقع التنمية وقيم التلاقي الإنساني.










































