يوسف القبلان

هل يحتاج النكد الوظيفي إلى تعريف؟ العلاقة النفسية والمهنية بين الموظف والمنظمة التي يعمل فيها هي التي تؤسس لحالة السعادة المهنية أو النكد الوظيفي.

مصدر النكد الوظيفي قد يكون الموظف نفسه أو بيئة العمل بمكوناتها المختلفة، ليست المنظمة دائماً هي المتهم الثابت.

يبدأ النكد من الموظف إذا كان سلوكه يتسم باللامبالاة، علاقته غير جيدة مع رئيسه ومع زملائه، يضيع الوقت في الدوران والأحاديث والانتقاد، يمارس دور وكالة الأنباء، سلبي يرى كل الأشياء سلبية، متفرج ومتذمر ينشر النكد والسلبية والإحباط بين الجميع، يعتمد على زميل العمل في أداء عمله مقابل مصلحة خاصة، لديه بنك من المبررات للدفاع عن أخطائه ومخالفته للنظام.

من مصادر النكد أن تكون أولويات المدير البحث عن الأخطاء من أجل إظهار القوة وتطبيق نظام العقوبات، وليس التحفيز على الإنجاز والتميز والإبداع وتقدير ذلك مادياً ومعنوياً. ومن مصادر النكد مكافأة الموظف الذي يمارس التسويف، ومحاسبة الموظف المتميز لأنه تأخر خمس دقائق عن بداية ساعات العمل!

عزلة المدير، وعدم وجود جسور تواصل مع زملاء العمل، القرارات المتسرعة التي تتخذها الإدارة التي لا تتوفر لها الحيثيات الكافية هي سبب من أسباب إيجاد أجواء عمل غير إيجابية، تقييم الأداء بمعايير غير مهنية، أو من خلال جزئية تتجاهل الصورة الشمولية هو تقييم يفتقد للموضوعية.

التركيز على شخص واحد أو مجموعة محددة من الموظفين بشكل دائم في المسؤوليات وفرص التقدم هو استثمار غير منطقي للموارد البشرية، ليس من العدل أن يتحمل شخص واحد في الإدارة ضغوط العمل بينما البقية متفرغون للثرثرة، غير ملتزمين بساعات العمل، يستمتعون بالإجازات، لا يتلقون اتصالات خارج ساعات العمل للتكليف بمهمة عاجلة أو اجتماع طارئ.

من مصادر النكد الوظيفي نسبة الانجاز إلى غير أهله، قد ينجز مدير إدارة مشروعاً تطويراً بنسبة 90 % ثم ينتقل إلى إدارة أخرى وبعد أن يكتمل المشروع ينسب الإنجاز إلى الإداري الجديد دون ذكر للمسؤول الأول.

من مصادر النكد السلوك المتعالي للمدير، تعليمات، وقرارات، واجتماعات مع فئة حصرية، وجسور تواصل مقطوعة كأنما يعمل عن بعد لدرجة تصل أن يكون من أمنيات الموظفين مشاهدة المدير والتحدث معه!

العمل بدافع الرغبة وليس الهيبة يجعل بيئة العمل بيئة يسودها الإخلاص والتعاون ومبدأ النجاح للجميع، والتركيز على الجوهر والنتائج والنزاهة، والترحيب بتعدد الآراء وأفكار التطوير والإبداع بمعايير موضوعية.

بيئة العمل بلا نكد هي البيئة التي تعمل وفق أهداف واضحة وأنظمة وإجراءات معروفة للجميع، وثقافة تعمل على تعزيز مبادئ العدالة والجودة والتقدير والاحترام، بيئة تجمع بين الانتماء والولاء وتقوي العلاقة المهنية والإنسانية بين الأفراد والمنظمة بما يساهم في تحقيق الأهداف المشتركة.