أكّد الناقد الفني ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي الأسبق شريف الشوباشي، أن المشهد الدرامي والسينمائي في مصر بحاجة إلى مراجعة جادة وشاملة، في ظل تحوُّل الفن من صناعة واعية تحمل رسالة إلى تجارة هدفها الأول الربح فقط، مؤكدًا أن تلك المعادلة المختلة أثّرت سلبًا على مضمون الأعمال المقدّمة وغيّبت دور الفن في تشكيل وعي المجتمع.

وقال شريف الشوباشي خلال مشاركته في برنامج 'خط أحمر' الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم،: 'كثيرًا ما يردد المنتجون حججًا تتعلق بالربح على حساب القيمة، لكن التاريخ يثبت أن منتجي الأربعينيات والخمسينيات كانوا يهدفون للربح أيضًا، ومع ذلك قدّموا أعمالًا عظيمة ما زالت خالدة في وجدان الجماهير مثل الأرض والمليونير وأفلام إسماعيل ياسين التي خدمت قضايا مجتمعية، وعززت الانتماء الوطني دون أن تتخلى عن عنصر الجذب الجماهيري'.

وأضاف: 'لا أحد يطلب من صناع الدراما أن يخسروا، فالفن صناعة في النهاية، لكن النجاح الحقيقي أن تحقق أرباحًا من عمل راقٍ وهادف يحمل رؤية وقيمة، وليس من محتوى فارغ يُنسى بمجرد مغادرة قاعة العرض'.

وأشار إلى أن الأزمة الأكبر تكمن في غياب التوازن داخل الشخصية العربية، موضحًا: 'إما انغلاق تام أو انفتاح مفرط.. لا نعرف التوسط، رغم أن ديننا وموروثنا الحضاري يؤمن بأن خير الأمور الوسط'.

واستعرض الشوباشي التجربة المصرية في إدارة الفن خلال العقود الماضية، قائلًا إن الدولة في عهد عبد الناصر كانت تسيطر بشكل كامل على السينما، ثم جاء عهد السادات بإطلاق حرية شبه مطلقة دون تدخل، مما أدى إلى فوضى الإنتاج وظهور ما عُرف بسينما المقاولات، مضيفًا: 'سمعت وزراء ثقافة يقولون بالحرف: مالناش دعوة بالسينما'.

وشدد الشوباشي على ضرورة تفعيل دور المؤسسات الداعمة لصناعة السينما كما هو الحال في فرنسا وألمانيا وسوريا رغم ما تمر به من أزمات، مشيرًا إلى أن هذه الدول تدعم صانع الفيلم صاحب الفكرة والورق القوي، وتوفر له غطاء إنتاجيًا يسمح له بالتحليق فنيًا دون أن يخشى الإفلاس.