خبير اقتصادي: ارتفاع الذهب يعكس قلقا عالميا غير مسبوق.. والاقتصاد الأردني من المستفيدين #عاجل

مالك عبيدات - قال الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عايش إن الارتفاع الكبير في أسعار الذهب يعبر عن حالة من القلق العالمي غير المسبوق، في ظل ضبابية التوجهات الاقتصادية والسياسية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتزايد التوترات الجيوسياسية في العالم.

وأضاف عايش لـ الاردن24 أن العالم يعيش اليوم مرحلة 'اللايقين الاقتصادي'، فالمستثمرون لا يعرفون أي الأسواق أكثر أماناً، سواء في ظل الاضطرابات بين روسيا وحلف الناتو، أو ما يجري في الشرق الأوسط وخاصة في غزة، إلى جانب حالة الغموض المتعلقة بالسياسات النقدية الأميركية والرسوم الجمركية العالمية.

وأشار إلى أن الذهب أصبح ملاذاً دفاعياً ضد حالة الضبابية، موضحاً أن ارتفاعه المستمر يعد بمثابة 'إنذار مبكر' لأزمات سياسية واقتصادية قد تتفاقم، وإن لم تقع فعلياً بعد.

وبيّن عايش أن التوقعات السابقة كانت تشير إلى إمكانية تجاوز الذهب حاجز 4000 دولار للأونصة بنهاية العام الحالي، غير أن هذا الهدف تحقق مبكراً في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، وهو ما يعزز التقديرات بأن أسعار الذهب قد تتجاوز حاجز 5000 دولار خلال الشهرين المقبلين في حال استمرار الظروف الحالية.

وحول انعكاسات هذا الارتفاع على الاقتصاد الأردني، أوضح عايش أن أحد أبرز المكاسب تمثلت في ارتفاع قيمة احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية، حيث تجاوزت قيمتها 23.8 مليار دولار، مدعومة بارتفاع قيمة الذهب لتصل إلى نحو 9 مليارات دولار، وهو مستوى غير مسبوق يغطي واردات المملكة لتسعة أشهر متتالية.

ورأى عايش إن هذا التطور يمثل 'فأل خير' على صلابة الاحتياطي النقدي الأردني وقدرته على مواجهة التغيرات الإقليمية والدولية.

وفي المقابل، نبه عايش إلى أن ارتفاع الذهب مرتبط جزئياً بانخفاض الدولار الأميركي أمام العملات الأخرى، ومع ارتباط الدينار بالدولار فإن هذا يعني ارتفاع أسعار السلع المستوردة على الأردنيين، رغم أن انخفاض كلفة الديون المقومة بالدولار يشكل عاملاً إيجابياً نسبياً.

وأشار عايش إلى أن هناك فئات مستفيدة من ارتفاع الذهب، مثل الأفراد والمستثمرين الذين يحتفظون به، بينما يتضرر آخرون، خصوصاً المقبلين على الزواج أو شراء الحلي، ما يدفع لتأجيل المناسبات أو تقليص حجم الإنفاق، وهو ما يترك أثراً اجتماعياً مباشراً.

وحول احتمالات تراجع الأسعار، أوضح عايش أن الهبوط لا يحدث فجأة إلا في حال تجمعت عدة عوامل دولية في وقت واحد، من أبرزها: عودة الفيدرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة أو تثبيتها، وتراجع التوترات بين روسيا وأوروبا، والتوصل إلى اتفاقيات تجارية بين أميركا والصين، وتحسن عوائد السندات العالمية، وتوقف البنوك المركزية عن شراء الذهب.

وقال عايش إن أي انخفاض محتمل سيكون مؤقتاً، لأن الذهب تاريخياً يرتفع على المدى المتوسط والطويل نتيجة استمرار الأزمات والتوترات الدولية.

وأضاف عايش أن وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الساحة السياسية العالمية، مع تهديداته المستمرة وحالة 'الوعيد الدائم'، يزيد من حدة التوتر العالمي، وهو ما يدفع المستثمرين إلى التمسك بالذهب كملاذ آمن. كما أن أزمة إغلاق الحكومة الأميركية إذا طال أمدها، ستؤدي بدورها إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار.

وختم عايش حديثه بالتأكيد على أن الذهب بلغ مستويات لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث، إذ ارتفعت أسعاره بأكثر من 50% خلال عام واحد، وهو ارتفاع غير مسبوق منذ عقود.

وأشار إلى أن هذا الصعود الحاد يحمل دلالة تحذيرية واضحة من احتمال وقوع اضطرابات مالية أو اقتصادية عالمية، لكنه في الوقت ذاته يمثل عائداً مغرياً للمستثمرين الذين وجدوا في المعدن الأصفر 'الملاذ الآمن الوحيد' وسط عاصفة عدم اليقين.