سلطت صحيفة الإندبندنت البريطانية الضوء على المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في السودان، الذي كشف تفاصيله كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مسعد بولس، مؤكدًا أن واشنطن عرضت هدنة إنسانية تمتد مبدئيًا لثلاثة أشهر، قابلة للتمديد إلى تسعة، تمهيدًا لعملية انتقالية تنتهي بتشكيل حكومة مدنية مستقلة.

مقترح أمريكي بخطوات متدرجة نحو الاستقرار

قال بولس في تصريحات نقلتها الإندبندنت ويني شفق التركية، إن الجيش السوداني وقوات 'الدعم السريع' أبديا ترحيبًا مبدئيًا بالمبادرة، لكنهما يدرسان البنود الفنية وآليات التنفيذ والمراقبة.

وأوضح أن الاتصالات تجري بشكل منفصل مع كل طرف، في ظل غياب مفاوضات مباشرة بين الجانبين.

المقترح – وفق بولس – يأتي بدعم من مصر والإمارات والسعودية، ويستند إلى مبادئ 'بيان جدة'، مع تأكيد الالتزام بسيادة السودان ووحدة أراضيه، ورفض أي حل عسكري.

من الهدنة إلى الانتقال السياسي

تتضمن الورقة الأمريكية هدنة إنسانية أولية لتسهيل دخول المساعدات العاجلة، تعقبها مرحلة انتقالية تمتد لتسعة أشهر، تتيح إطلاق حوار سياسي شامل بين الجيش والدعم السريع والقوى المدنية، وصولًا إلى تشكيل سلطة تنفيذية مشتركة تشرف على مرحلة انتقالية مدتها ثلاث سنوات.

وتتضمن البنود الرئيسية للمقترح:

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن القاهرة استضافت جولة المشاورات الأخيرة بقيادة بولس، وسط ضغوط مصرية أمريكية لتثبيت وقف النار ومنع توسع رقعة القتال.

فرنسا تدين الفظائع في الفاشر وتدعو إلى وقف النار

أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو عن قلق بلاده العميق إزاء سقوط مدينة الفاشر، محذرًا من 'وقوع فظائع جسيمة ضد المدنيين'، وداعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وقال بارو خلال زيارة إلى إقليم لواريه إن 'الوقائع الموثقة تشير إلى مجازر وعمليات اغتصاب ونهب وتهجير قسري'، مطالبًا بمحاسبة الجناة.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن 'الوساطة الأمريكية خطوة أولى مهمة'، لكن المطلوب الآن هو التزام الطرفين بالقانون الإنساني الدولي وإنهاء هذه المأساة.

المحكمة الجنائية الدولية تحذر من جرائم حرب

في بيان شديد اللهجة، أعلن مكتب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية أن الانتهاكات في مدينة الفاشر قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأشار البيان إلى 'نمط واسع من العنف' في دارفور منذ أبريل 2023، مذكرًا بالحكم الصادر سابقًا ضد علي كوشيب كمثال على أن 'المساءلة ممكنة'، وداعيًا المنظمات والأفراد إلى تقديم الأدلة عبر القنوات الرسمية الآمنة.

تركيا تدعو العالم الإسلامي إلى التحرك

في موازاة التحركات الغربية، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العالم الإسلامي إلى التحرك العاجل لإنقاذ المدنيين في السودان، قائلًا: 'لا يمكننا أن نصمت أمام المجازر في الفاشر'.

وأكد أردوغان، خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، أن 'المسؤولية الكبرى تقع على عاتق العالم الإسلامي'، داعيًا إلى التضامن بين الدول الإسلامية ودعم وحدة السودان.

نزوح جماعي وأزمة إنسانية غير مسبوقة

بحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من 12 مليون سوداني منذ اندلاع الحرب، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

وأكدت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 36 ألف مدني فروا من شمال كردفان خلال أسبوع واحد، بينما كشف مرصد مشاد لحقوق الإنسان أن عدد القتلى في الفاشر تجاوز 10 آلاف، مع دفن الجثث في مقابر جماعية لإخفاء الأدلة.

وأفادت شبكة أطباء السودان بأن 'الدعم السريع' لا تزال تحتجز آلاف المدنيين وتمنع خروجهم من المدينة، وسط تفاقم الوضع الصحي والغذائي.

تصاعد المعارك في كردفان وتكثيف القصف الجوي

ميدانيًا، كثف الجيش السوداني غاراته الجوية على مواقع 'الدعم السريع' في شمال كردفان، بينما أعلنت الأخيرة السيطرة على مدينة بارا.

وفي جنوب الولاية، تحدثت تقارير عن تحركات عسكرية ضخمة لقوات الدعم السريع نحو مناطق دلامي وهبيلا لتعزيز الحصار على مدينة الدلنج.

مشاورات سياسية في أوروبا وتحركات بريطانية

اختتمت في مدينة نيون السويسرية مشاورات غير رسمية بين القوى المدنية والسياسية السودانية، انتهت إلى توافق على ضرورة الوقف الفوري للحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة.

وفي لندن، أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تقديم خمسة ملايين جنيه إسترليني كمساعدات إضافية، مؤكدة أن بلادها 'ستواصل دعم أي جهد دولي لإنهاء الحرب وحماية المدنيين'.

كما عقد مبعوث منظمة 'إيقاد' إلى السودان اجتماعًا مع وفد تحالف 'تأسيس'، أكد خلاله أن المفاوضات الشاملة هي الطريق الوحيد لإنهاء الصراع وبناء مستقبل مستقر للسودان.