اخبار اليمن
موقع كل يوم -نيوز يمن
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
وسط خلفية من التحديات الأمنية والاقتصادية التي يعاني منها القطاع الزراعي في اليمن، يواصل مشروع طريق النصر الزراعي في الساحل الغربي تقدّمه بخطى ثابتة، مدعومًا من دولة الإمارات العربية المتحدة، ليشكل ركيزة حيوية للتنمية الزراعية واللوجستية في المناطق الريفية.
ويُعدّ هذا الطريق أكثر من مجرد طريق معبّد؛ فهو شريان حياة يربط المزارعين بالمناطق الحضرية والأسواق، ويسهّل نقل المحاصيل الزراعية بكفاءة أعلى وتكلفة أقل. في ظل الضغوط التي يمارسها النزاع على القطاع الزراعي، يمكن لمشروع من هذا النوع أن يساهم بشكل ملموس في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز النمو الاقتصادي المحلي.
بالمشروع، يُفتح أمام المزارعين آفاق لتحقيق دخل مستدام، حيث يقلّ الوقت والتكلفة في نقل المحاصيل، مما يزيد من هامش الربحية ويمنحهم قدرة أكبر على المنافسة في الأسواق.
تُشير بيانات المشروع إلى أن الشركة المنفذة قد بدأت فعليًا في فرش طبقة الإسفلت في المقطع الثاني من الطريق، الذي يمتد على طول 37 كيلومترًا بعرض 8 أمتار، مع أكتاف جانبية لضمان استدامة الاستخدام. بعد الانتهاء من رش مادة الأساس (MC)، تم توزيع طبقة إسفلت بسُمك يصل إلى 7 سنتيمترات.
وتقع إدارة تنفيذ المشروع تحت إشراف شعبة الإسكان بالمقاومة الوطنية، برعاية الفريق الركن طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي، وبتمويل ودعم مباشر من الإمارات.
ولا يقتصر المشروع على تعبيد الطريق فحسب، بل يشمل بنية تحتية متطورة: تم التخطيط لإنشاء 165 عبارة أنبوبية وصندوقية لسير المياه، بالإضافة إلى جسر معلق بطول 150 مترًا وارتفاع 4 أمتار. كما شُهد تنفيذ أعمال تشجير على جوانب الطريق لحماية المسار من زحف الرمال وتحسين الجانب البيئي والجمالي للمشروع.
المهندس المشرف على المشروع، صلاح المليكي، قال إن جميع الأعمال تُنفّذ وفق المواصفات الدولية، ما يضمن قدرة الطريق على استيعاب المركبات الثقيلة والمعدات الزراعية الكبيرة، وهي سمة مهمة لدعم النشاط الزراعي المكثف والنقل اللوجستي للمزارع.
ويمتد طريق النصر الزراعي لمسافة نحو 80 كيلومترًا، من مديرية موزع في محافظة تعز، مرورًا عبر مديرية حيس في محافظة الحديدة، وصولًا إلى رأس العارة في محافظة لحج. هذا الامتداد الجغرافي يمنح المشروع أهمية استراتيجية كبيرة، إذ يربط بين مناطق زراعية رئيسية ويسهم في تقليص الصعوبات التي يواجهها المزارعون في عملية نقل محاصيلهم إلى الأسواق.
اقتصاديًا، يسهم الطريق في تحسين ربحية المزارعين عبر خفض التكاليف اللوجستية والوقت اللازم للوصول إلى الأسواق، ما يزيد من صافي الدخل المزارع. هذا التحول يمكن أن يدعم الاستدامة الاقتصادية للمزارع الصغيرة والمتوسطة، ويحفّز نموًا في القطاع الزراعي الريفي.
من جهة أخرى، يُتوقع أن يعزز المشروع من تدفق المحاصيل الزراعية إلى الأسواق المحلية والحضرية والساحلية، مما يقلّل من الاعتماد على الواردات الزراعية في بعض المناطق، ويسهم في تحقيق مستوى أعلى من الأمن الغذائي.
كما أن الطريق يُعد دعامة لوجستية مهمة: تصميمه لاستقبال المركبات الثقيلة والمعدات الزراعية يعني تسهيل نقل البذور والأسمدة والمحاصيل والآلات، ما يعزز فعالية العمل الميداني ويخفّض من الخسائر الناتجة عن صعوبة الوصول إلى الحقول.
ويدعم المشروع التزام الجهات الداعمة، خصوصًا الإمارات، بتطوير البنية التحتية الزراعية وتنمية المناطق الريفية في اليمن. هذا النوع من المشاريع قد يجذب استثمارات إضافية في القطاعات الزراعية واللوجستية، ويعزز مبادرات التنمية الريفية بشكل عام.
من الناحية الاجتماعية، لا يقتصر دور الطريق على الجانب الاقتصادي: فهو يعزّز الروابط بين القرى والمزارع، ويسهم في التماسك الاجتماعي من خلال تسهيل التنقل والوصول إلى الخدمات الأساسية. إلى ذلك، تمثّل أعمال التشجير على جانبي الطريق مؤشرًا على وعي بيئي مهم، حيث تساعد على منع زحف الرمال، وتثبيت التربة، وتقليل التآكل، مما يضمن استدامة البنية التحتية.
ويبقى مشروع طريق النصر الزراعي استثمارًا استراتيجيًا كبيرًا في التنمية الريفية اليمنية، يربط بين الزراعة والتنمية والبيئة في آن معًا، إن استمرارية هذا المشروع بدعم إماراتي وإشراف محلي قد تجعله نموذجًا ناجحًا لبناء قدرات محلية، وتعزيز الربط بين المناطق الداخلية والسواحل، وتوفير فرص تنموية طويلة الأمد.
ويرى المراقبون أن طريق النصر الزراعي يمثل أكثر من مجرد طريق، فهو أمل للمزارعين، وأداة للتمكين الاقتصادي، ورمزًا للاستقرار والتنمية في الساحل الغربي لليمن.













































