اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٢ حزيران ٢٠٢٥
أثار استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد صورة جديدة للثقب الأسود العملاق الواقع في مركز مجرة درب التبانة، المعروف باسم 'القوس A*' (Sagittarius A*)، جدلاً علمياً واسعاً، بعد أن شكك عدد من الخبراء في دقة النموذج المعتمد، رغم ما وصفه الباحثون بأنه إنجاز تقني غير مسبوق.
وقد كشف فريق دولي من العلماء عن صورة محسّنة للثقب الأسود، جرى إنشاؤها بواسطة نموذج ذكاء اصطناعي مدرّب جزئياً على بيانات معقدة جُمعت من تلسكوب 'أفق الحدث' (EHT). هذه البيانات كانت في السابق تعتبر مشوشة للغاية وغير صالحة للاستخدام العلمي، لكن الفريق نجح – بحسب ما أعلن – في استخراج تفاصيل جديدة منها.
ووفقًا للدراسة المنشورة هذا الشهر في مجلة Astronomy & Astrophysics، توصل الفريق إلى أن الثقب الأسود ربما يدور بسرعة تقارب الحد الأقصى الممكن، وأن محور دورانه قد يكون موجهًا نحو الأرض.
لكن هذا التقدير لم يمر دون انتقادات، إذ أبدى البروفيسور راينهارد غينزل، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2020، تحفظه على دقة النتائج، قائلاً: 'أنا متفهم ومهتم بما يحاولون تحقيقه، لكن الذكاء الاصطناعي ليس عصا سحرية'، في إشارة إلى احتمالية انحراف النموذج بفعل ضعف جودة البيانات الأصلية.
ويعتمد تلسكوب 'أفق الحدث' على تقنية تُعرف باسم 'القياس التداخلي لخط الأساس الطويل جداً'، والتي تستخدم أطوالًا موجية راديوية تصل إلى المليمتر لقياس الضوء المحيط بالثقب الأسود. لكن هذه التقنية تواجه صعوبات كبيرة بسبب تداخل بخار الماء في الغلاف الجوي، ما يجعل البيانات عرضة للتشويش.
الباحث مايكل يانسن، من جامعة رادبود في هولندا، وأحد مؤلفي الدراسة، أوضح أن نموذج الذكاء الاصطناعي 'صُمم خصيصاً للتعامل مع هذه البيانات المعقدة، التي لم يكن من الممكن تفسيرها بالوسائل التقليدية'.
الصورة الجديدة، التي أظهرت أربع حلقات ذهبية حول بقعة مظلمة، تأتي في سياق الجهود المتواصلة منذ عقود لفهم بنية وسلوك الثقوب السوداء فائقة الكتلة، خصوصاً تلك الواقعة في قلب مجرتنا، والتي تم تصويرها لأول مرة عام 2022 باستخدام شبكة تلسكوبات EHT.
ومن شأن تحديد سرعة دوران 'القوس A*' أن يوفر أدلة مهمة حول كيفية تفاعل الإشعاع مع الثقوب السوداء العملاقة، ويساعد في تفسير استقرار القرص المحيط بها والمكوّن من الغاز والمادة الساخنة.
ورغم التشكيك في دقة النموذج الحالي، يخطط الفريق العلمي لاستخدامه لاحقًا مع بيانات أحدث، ومقارنتها بنتائج المراقبة الحقيقية، في خطوة تهدف إلى تحسين دقة المحاكاة وصقل أدوات التحليل المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وفي ظلّ التسارع الهائل في توظيف الذكاء الاصطناعي في علوم الفضاء، يبقى التحدي الأكبر هو الموازنة بين القدرة الحسابية الهائلة لهذه الأدوات، وضرورة التحقق من نتائجها علميًا وموضوعيًا.