اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥
عماد بن محمد العباد
العبارة التوعوية الأكثر التصاقا بذاكرتي خلال مراحل التعليم العام هي «لا للمخدرات»، كنا نسمعها بشكل دوري ونراها مكتوبة على معظم جدران المدارس وفي الإذاعة المدرسية، وعلى أغلب المنشورات وفي التلفزيون والإذاعة، عبارة بليدة مباشرة تلقن الطلاب الرد التلقائي في حال تعرضوا لإغراءات المروجين، لذلك لم تصمد كثيرا في العقل الباطن، حين تأتي لحظة الانزلاق الحقيقية؛ فالوعي بخطورة الإدمان يتجاوز مجرد التلقين إلى الإدراك التام بأن هذا الطريق منحدر شديد الانزلاق، خطواته الأولى تبدو يسيرة وتحت السيطرة، لكنها سرعان ما تأخذ صاحبها إلى هاوية لا تملك فيها أكثر الأقدام ثباتاً القدرة على التوقف.
تذكرت تلك العبارة وأنا أشاهد فيديو صادما لنجم «نيكلوديون» السابق، الممثل الأمريكي «تايلور تشيس»؛ فذاك الطفل الذي كان يوماً رمزاً للتألق ينتظره مستقبل باهر، ظهر مؤخراً في فيديو صادم بهيئة يرثى لها وملابس بالية، ليعلن للعالم كيف يمكن لقرار خاطئ واحد في لحظة طيش أن يبدل ملامح النجومية بالبؤس، ويحول الحياة الرغيدة إلى رحلة تشرد ومعاناة لا تنتهي.
المخدرات عالم مرعب مخادع، وللأسف لا يزال الكثيرون -وخصوصا الأحداث وصغار السن- يقعون ضحايا لها، تبدو التجربة الأولى وكأنها رحلة إلى مدينة مسحورة تحفل بمختلف الملذات الوهمية لكن تلك الرحلة هي خط ذهاب دون عودة، تسرق روح المتعاطي وتعيد جسدا خاويا من الحياة ومعبأ بكل أصناف الألم والخواء ليصبح عبئا على نفسه وعلى أهله وعلى كل من يحيط به.
المشكلة الحقيقية هي أننا إعلاميا لم نستطع أن نصل لمرحلة توضح حجم الخطر، أن نجعل الرسالة المضادة للتعاطي تتمدد في عقل المراهق لدرجة تجعل منه أن يرفض حتى أبسط البدايات التي تضعه عرضة للإدمان، السيجارة الأولى، تجربة الكحول، الحشيش والماريوانا، حبوب الهلوسة كل تنازل يبدأ بتجربة هو باب يفتح لعالم الإدمان.
أعتقد أن بوابة التحصين الأولى تبدأ من مخاطبة الجيل الناشئ، غرس رفض التجربة مهما كانت صغيرة يبدأ من عمر صغير من المدارس تحديدا. ويجب أن يتم ذلك عبر أساليب مبتكرة توضح خطورة التجربة الأولى حتى لو كان ذلك بأسلوب الصدمة، استهداف المدارس بحملات مكثفة تقوم عبر الحوار المباشر مع متعاطين سابقين تعافوا من الإدمان وصور وفيديوهات لعواقب التعاطي أو حتى الاقتراب من باب التجربة ستكشف حجم معاناة رحلة الإدمان وبالتالي تقلل من وقوع الضحايا.
الحرب ضد المخدرات لا تقل أهمية عن الحرب على الإرهاب، فالإدمان يسرق عضوا مهما من المجتمع ويحوله إلى مسخ وبقايا بشرية، بل ويحول حياته وحياة من حوله إلى معاناة لا تنتهي، وبدون حرب حقيقية تبدأ بالوقاية أولا وثانيا وثالثا، وتنتهي بالحرب على المروجين لن نتمكن من الفوز في هذه المعركة أو على الأقل تقليص خسائرها إلى أدنى حد.










































