اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
يراقب أكماتبيك أورايموف في حديقته البنائين وهم يشيدون منزله المستقبلي... ورشة قد تبدو كسائر الورش المشابهة، مع فارق أساسي يتمثل في مادة البناء المستخدمة المتمثلة في كتل من الأرزّ، وهي مادة بيئية واقتصادية تكتسب شعبية متزايدة في قرغيزستان.
يقول أحد سكان كيزيل كيا في جنوب هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى 'اخترتُ قشور الأرزّ بعد دراسة خيارات أخرى: فهي عملية للتدفئة ولتوفير المال والبناء'
قبل اتخاذ القرار، تحقق أكماتبيك أورايموف أولا 'بأمّ عينيه' من هذه المادة المسماة 'قشور الأرزّ'، والتي يتم الحصول عليها بفصل الحبوب عن قشرتها.
ويوضح لوكالة فرانس برس 'ليس لدي أي شك في جودتها. لم يكن الناس على علم بها، ولكن عندما رأوا موقع البناء، اهتموا بها واتصلوا بي'.
تجذب تقنية البناء هذه اهتمام العلماء من مختلف القارات بوصفها بديلا من الأسمنت.
في العديد من الدراسات الجامعية الحديثة - في الصين والهند وإسبانيا، وفي قارتي إفريقيا وأميركا الجنوبية - يُسلّط الخبراء الضوء على خصائص الأرزّ في مجال الطاقة والاقتصاد والفيزياء والبيئة في مواجهة تحديات المناخ.
على سبيل المثال، يُقلل استخدام قشور الأرزّ من الحاجة إلى الأسمنت الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه، ويُسهم بنحو 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وفق إحصاءات المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2023.
- عزل حراري -
تعيش يخفال بوريفا في قرية بمنطقة جبلية قاحلة، وقد اختارت أيضا الأرزّ للإفادة خصوصا من خصائصه العازلة، كما أثبت العلماء.
بفضل الموصلية الحرارية المنخفضة للأرزّ، يبقى منزلها 'دافئا في الشتاء وباردا في الربيع'.
وتقول بوريفا 'نوفر في استهلاك الفحم. فالجدران تحتفظ بالحرارة والبرودة جيدا'.
بُنيت هذه المنازل بفضل براعة نور سلطان تابالدييف، أحد رواد هذه العملية في آسيا الوسطى.
يوضح نور سلطان الذي لم ينتظر قراءة الدراسات العلمية قبل البدء بهذه الأعمال 'خطرت لي هذه الفكرة وأنا طفل، أثناء عملي في النجارة مع والدي'.
في السابعة والعشرين، بنى بالفعل '300 منزل' خلال خمس سنوات، بدايةً بنشارة الخشب، ثم بالأرزّ.
ويوضح نور سلطان لوكالة فرانس برس أن الطوب 'مصنوع من 60% من قشور الأرز، والباقي من الطين والإسمنت وغراء خالٍ من المواد الكيميائية'.
في ورشته الحرفية، حيث يتصاعد غبار الأرزّ، يعمد عمال يحمون وجوههم إلى ضغط الطوب ويهرعون لتجفيفه، ويساعدون زبائن في تحميله.
بمجرد أن يجف، يصبح هذا الطوب متينا كالأسمنت بفضل السيليكا، وهو أكسيد معدني. وفي ما يتعلق بالسلامة من الحرائق، صرّح مسؤول إقليمي في وزارة الطوارئ لوكالة فرانس برس بأنه 'لا يرى أي خطر يُذكر في هذه المنازل'.
- 'مشاكل بيئية' -
بالنسبة لنور سلطان، المادة الخام في متناول اليد، إذ إن منطقة باتكن، حيث يعيش، تستحوذ على ثلث إنتاج الأرزّ في قرغيزستان.
يوضح رائد الأعمال أن 'نفايات الأرزّ تُرمى في الحقول، وتحترق ببطء، وتُلحق ضررا بالبيئة، ولا تُستخدم كسماد. لذلك قررنا إعادة تدويرها'.
تزداد هذه المشكلة خطورة لدى كبار منتجي الأرز، مثل الهند حيث 'تملأ 31,4 مليون طن من قشور الأرزّ مكبات النفايات وتُسبب مشاكل بيئية'، وفق دراسة نشرتها في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 دار النشر العلمي 'سبرينغر نيتشر'.
ويُضيف نور سلطان 'المزارعون سعداء بإزالة نفايات الأرزّ لأن تراكمها يُشكل خطر نشوب حرائق' في الحظائر في حال سوء التهوية.
وهذا ينطبق على المُزارع عبدي محمد ساباروف الذي يُشير إلى أكوام النفايات.
يقول ساباروف 'بعد حصاد الأرز وتجفيفه، يتبقى حوالى 40% من النفايات التي ليست لدينا أي وسيلة لمعالجتها'، وهو وضع يُشير إلى 'نقص مرافق المعالجة المُنظّمة' في قطاع الأرز، وفق السلطات.
هذه الوفرة من الأرزّ تجعل هذا الطوب أرخص من طوب الإسمنت، وهو عامل حاسم في جنوب قرغيزستان، حيث يبلغ متوسط الرواتب الشهري حوالى 240 دولارا.
كما أن الإسمنت في قرغيزستان هو الأغلى في آسيا الوسطى، ويمكن إضافته إلى قائمة المنتجات الحساسة اجتماعيا، مثل الخبز أو الزيت، للتحكم في سعره.
يحلم نور سلطان حاليا بأتمتة الإنتاج للتوسع دوليا وتنفيذ مشاريع أخرى.
ويقول 'أريد الذهاب إلى كازاخستان لصنع الطوب من القصب المطحون والقش'.