اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١١ أب ٢٠٢٤
وليد منصور -
أثار تقرير الوظائف في الولايات المتحدة مخاوف من أن أكبر اقتصاد في العالم يتجه نحو الركود، كما هوت أسواق الأسهم الأمريكية، وانتشر الخوف إلى بلدان أخرى. وتراجع مؤشر توبكس الياباني بنسبة %15 عن أعلى مستوياته الأخيرة، وانخفض المؤشر الرئيسي في ألمانيا بنسبة %7، مما يؤكد أنه عندما تعطس أمريكا، يصاب كل مكان في العالم بالزكام.
وأفاد تقرير حديث على الإيكونوميست، بأن أحدث البيانات تشير إلى أن الاقتصاد العالمي ليس في خطر، وأن الذعر الذي أصاب الأسواق ربما يكون في غير محله.
وتطرق التقرير إلى سوق العمل، مبيناً أن معدل البطالة في أمريكا ارتفع من أدنى مستوى له عند %3.4 في أبريل 2023 إلى %4.3 في يوليو، حيث أن التاريخ يشير إلى أن زيادة بهذا الحجم تميل إلى مصاحبة انخفاض في الناتج الاقتصادي، وهو ما يؤدي بدوره إلى المزيد من الارتفاع في البطالة والإفلاس.
وأوضح أن هذه الدورة قد تكون مختلفة، كما تشير أسواق العمل في أجزاء أخرى من العالم. فمنذ أشهر، كان معدل البطالة يرتفع ببطء في كل مكان تقريباً. فقد ارتفع معدل البطالة في ألمانيا من أدنى مستوى له مؤخرا عند %2.9 إلى %3.4 اليوم. وصعد في بريطانيا من %3.6% إلى %4.4، في حين انتقل في أستراليا من %3.5 إلى %4.1.
وذكر التقرير أن ارتفاع البطالة في كثير من الأحيان له سبب مشترك: تخفيف صرامة سوق العمل في نهاية جائحة كوفيد-19، مشدداً أنه قبل وقت ليس ببعيد، كان أصحاب العمل، الذين يعانون من نقص العمالة والطلب المرتفع للغاية، يوظفون أي شخص تقريباً. أما الآن، وبعد أن استقرار الأوضاع، فقد أصبحوا قادرين على التمييز.
وعلاوة على هذا، ترتفع معدلات البطالة جزئياً بسبب التغيرات، التي طرأت على قوة العمل في العالم المتقدم. فقد بلغ معدل مشاركة قوة العمل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مؤخراً أعلى مستوياته على الإطلاق.
وكشف التقرير أن نمو الوظائف لا يزال قوياً إلى حد كبير. فخلال الربع الماضي ارتفع معدل التوظيف بنسبة %0.8 في أستراليا و%0.6 في كندا. ورغم أن معدل التوظيف في اليابان انخفض بنسبة %0.03، فإن هذا يشكِّل الاستثناء في العالم المتقدم. ومن الصعب أيضاً التوفيق بين ضعف سوق العمل المفترض ونمو الأجور، الذي يتجاوز بسهولة معدل التضخم في مختلف الاقتصادات المتقدمة.
نمو الأرباح
وقال تقرير الإيكونوميست إنه إذا كانت القصة عن الوظائف دقيقة إلى حد معقول، فإن القصة عن نتائج الشركات أقل دقة، ومن خلال النظر في مجموعة من البيانات، فلا يوجد الكثير من الأدلة على التباطؤ.
وأضاف أنه في حالة الركود النموذجي، تنخفض أرباح الشركات، ولكن في الوقت الحالي تعمل الشركات في جميع أنحاء العالم بشكل جيد. وتشير الأبحاث، التي أجراها دويتشه بنك، إلى أنه في الربع الأول من هذا العام، بلغ نمو أرباح الشركات العالمية أعلى مستوى له في سبعة أرباع. ويبدو أن الأداء القوي استمر في الربع الثاني، علماً أن أرباح الشركات الأمريكية قد نمت بأكثر من %10 على أساس سنوي.
في السادس من أغسطس، أعلنت شركة أوبر، وهي تطبيق لتأجير السيارات، عن نتائج جيدة. كما تجاوزت حصة الشركات الأوروبية توقعات المحللين للأرباح. وفي كوريا الجنوبية كانت أرباح الربع الثاني أفضل من المتوقع.
الظروف الاقتصادية
ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد ككل يقدم لنا قصة مماثلة، حيث إن مؤشر التتبع الأسبوعي للنشاط الاقتصادي الأمريكي، والذي يصدره بنك الاحتياطي الفدرالي في دالاس، لا يظهر أي علامة ضعف، إذ أن مؤشر مديري المشتريات العالمي، الذي يتتبع الظروف الاقتصادية لا يزال قوياً.
وتابع: على الرغم من تباطؤ معدل التوسع في يوليو، فقد ظل من بين أفضل المعدلات المسجلة على مدى العام الماضي، حيث إن مؤشر النشاط الحالي، الذي يصدره بنك غولدمان ساكس، يعطي سبباً آخر للتفاؤل، خاصة أن هذا المؤشر، الذي ينشر على فترات ويتم تجميعه من مجموعة من المصادر، يعطينا لمحة عن الاتجاه الذي يتجه إليه الناتج المحلي الاجمالي في مختلف أنحاء العالم، وهذا المؤشر يبدو أقوى قليلاً مما كان عليه خلال معظم العام الماضي.
وأكد التقرير أن بعض الاقتصادات تكافح مع ضعف النمو، بما في ذلك النمسا وفرنسا. ولكنها تبدو مريضة منذ عام على الأقل، والوضع أفضل كثيراً مما كان عليه قبل بضعة أشهر.
انخفاض التضخم
وأشارت الإيكونوميست إلى أن التضخم تحسن، فبعد أن بلغ ذروته عند %10 في أواخر عام 2022، انخفض التضخم في متوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشكل مطرد. ففي يونيو، ارتفعت الأسعار المتوسطة في مختلف أنحاء الكتلة بنسبة %2.6 على أساس سنوي، وهو ما يقترب من هدف البنوك المركزية البالغ %2. والآن خفضت نحو ربع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التضخم إلى هذا المستوى أو أقل.
وبينت في تقريرها أن التضخم السنوي في إيطاليا أقل من %1، في حين أن نمو أسعار المستهلك في فرنسا وألمانيا يسير على المسار الصحيح تقريباً. ومن عجيب المفارقات أن المخاوف بشأن الركود انتشرت في الوقت، الذي يبدو فيه العالم على استعداد لتنفيذ «هبوط ناعم»، حيث تعمل البنوك المركزية على خفض التضخم إلى المستوى المستهدف دون التسبب في أضرار اقتصادية كبيرة.
الاقتصاد العالمي يتمتع بصحة جيدة
يرى تقرير الإيكونوميست أن المخاوف بشأن الاقتصاد قد تتحول مع مرور الوقت إلى مخاوف ذاتية التحقق. فمع هبوط أسواق الأسهم، قد تبدأ الأسر في القلق بشأن المستقبل أو تشعر بالفقر، مما يدفعها إلى التراجع عن الإنفاق. وقد تلغي الشركات المترددة خططها الاستثمارية، مبيناً أنه لم يتم التغلب على التضخم بعد، حتى وإن كان قد انخفض، ومع تقلب أسعار السلع الأساسية فقد يرتفع مرة أخرى. وتستمر أسعار الفائدة المرتفعة في التأثير على الاقتصاد العالمي. ولكن حتى الآن، لا يزال الاقتصاد العالمي يتمتع بصحة جيدة.