كشفت أبحاث علمية حديثة عن إمكانية اعتماد الشوكولاتة الداكنة، الغنية بالكاكاو، كعلاج طبيعي واعد للاكتئاب، وهو ما يعيد تسليط الضوء على تراث طبي قديم تبنته حضارات أمريكا الوسطى منذ آلاف السنين.

وبحسب تقرير نشره موقع 'Psychology Today'، فإن هذه النتائج العلمية الحديثة تعزز الموروث التقليدي الذي اعتبر الكاكاو مادة ذات خصائص علاجية وروحية، حيث استخدمته الحضارات القديمة كمشروب طبي في الطقوس والعلاج، خصوصًا لتحفيز الأعصاب وتحسين الهضم ومساعدة الضعفاء على استعادة طاقتهم.

تكمن الفعالية النفسية للشوكولاتة الداكنة في مركب 'الثيوبرومين'، أحد المكونات الطبيعية في الكاكاو، والذي يعمل بطريقة مشابهة للكافيين ولكن بتأثيرات أكثر تدرجًا واستقرارًا، ويرتبط هذا المركب بمستقبلات محددة في الدماغ تؤثر في اليقظة والمزاج، دون التسبب في توتر أو هبوط حاد في الطاقة كما تفعل المنبهات التقليدية.

وفي سياق التجارب السريرية، أظهرت دراسة عشوائية أن تناول 30 غرامًا من الشوكولاتة الداكنة بنسبة 85% يوميًا ساهم في تحسين المزاج وزيادة تنوع بكتيريا الأمعاء، مما يدعم الفرضية القائلة بأن الشوكولاتة تؤثر إيجابًا عبر 'محور الأمعاء والدماغ'.

كما أظهرت دراسة واسعة شملت أكثر من 13 ألف مشارك أمريكي أن الذين تناولوا الشوكولاتة الداكنة بانتظام، انخفضت لديهم معدلات أعراض الاكتئاب بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بغيرهم، ولفتت الأبحاث إلى أن التأثير كان واضحًا فقط في الشوكولاتة التي تحتوي على نسب عالية من الكاكاو، لا سيما تلك التي تتجاوز 85%.

وفي دراسة نوعية أُجريت على نساء في سن اليأس، أظهر تناول 12 جرامًا يوميًا من الشوكولاتة الداكنة بنسبة 78% لمدة ثمانية أسابيع، انخفاضًا ملحوظًا في درجات الاكتئاب مقارنةً بمن تناولن شوكولاتة الحليب، ما يعزز إمكانية استخدامها ضمن خطط علاجية طبيعية مخصصة لفئات معينة.

ومع تراكم الأدلة العلمية، يستعيد الباحثون اليوم ما كانت تعرفه الشعوب القديمة منذ أكثر من 3.500 عام، حين اعتبر الكاكاو هبة إلهية تعالج النفس والجسد، وبينما يتزايد الاهتمام العالمي بالعلاجات الطبيعية، تبرز الشوكولاتة الداكنة كخيار فعّال وآمن ضمن مسارات جديدة لمكافحة الاكتئاب.