اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥
الرياض - الثقافي
في إطار أمسية ثقافية حملت عنوان «الصين التي عرفتها»، وضمن برنامج أمسيات الشريك الأدبي الثقافية، استضاف مقهى «12 حاسة» لقاءً أدبيًا ناقش حضور الصين في المشهد الثقافي والأدبي السعودي من زوايا متعددة، بعيدًا عن الطرح السياسي والاقتصادي التقليدي، وذلك ضمن حوار مفتوح شهد تفاعلًا لافتًا من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.
وجاءت الأمسية بحضور ضيفها فهد عريشي، المهتم بالشأن الصيني ولديه تجربته المباشرة في الصين، فيما أدار الحوار داوود، خريج الأدب العربي من الأردن، الذي قاد النقاش بأسلوب تفاعلي أتاح تعميق الأسئلة وتوسيع دائرة الحوار بين المنصة والجمهور.
وتناول اللقاء مجموعة من المحاور الفكرية والأدبية التي شكّلت الإطار العام للأمسية، وفي مقدمتها محور «حضور الصين في الأدب السعودي الحديث»، حيث نوقشت صورة الصين كما انعكست في كتابات الأدباء السعوديين، خاصة في أدب الرحلة والمقالات الثقافية، وكيف تشكّلت هذه الصورة من خلال التجربة المباشرة والمعايشة والاحتكاك اليومي بالمجتمع الصيني، وما إذا كانت هذه الكتابات قد أسست لنمط سردي أو تصوري خاص بالصين في الوعي الأدبي السعودي.
كما تطرق اللقاء إلى أشكال تمثّل الصين في أدب الرحلة والرواية والشعر، مع التأكيد على أن هذه التجربة ما تزال في طور التشكّل، وتحتاج إلى وقت وتراكم معرفي قبل إطلاق أحكام نقدية نهائية حول ملامحها أو اتجاهاتها.
وشكّل محور «دور الأدب في تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب» أحد المرتكزات الرئيسة للأمسية، حيث جرى التأكيد على أن الأدب يُعد لغة إنسانية قادرة على تجاوز الاختلافات الحضارية والجغرافية، وأداة فاعلة لبناء جسور الحوار والتقارب بين الثقافات، وتصحيح الصور النمطية، متى ما انطلق من تجربة صادقة ورؤية إنسانية عميقة.
وخلال مداخلاته، أشار الأستاذ عبدالله الحسني إلى أن حضور الصين في أدب الرحلة السعودي، كما في مؤلفات الرحالة والباحث عبدالله بن ناصر العبودي، يُعد امتدادًا طبيعيًا لتقاليد أدب الرحلة العربي، التي رسّخها أدباء عرب كبار مثل جبران خليل جبران وغادة السمان وغيرهما من أعلام الأدب العربي، مؤكدًا أن من المبكر أو غير المنصف إطلاق أحكام نهائية على تجربة حضور الصين في الأدب السعودي، سواء في مجال الرواية أو الشعر، نظرًا لحداثة التجربة وتعدد مساراتها وتنوع زوايا مقاربتها.
من جانبه، عبّر الدكتور لطيف، أستاذ اللغة العربية في جامعة شنغهاي، عن سعادته بما يشهده المشهد الثقافي السعودي من زخم لافت في الأمسيات والفعاليات الأدبية التي تتناول الصين، معتبرًا أن هذا الحراك الثقافي يسهم في تعزيز الحوار الحضاري والتقارب الإنساني بين الشعبين السعودي والصيني، ويفتح آفاقًا أوسع لفهم متبادل يقوم على المعرفة والاحترام والتفاعل الثقافي العميق.
وفي مداخلة لافتة، أشار الأستاذ عوضة الدوسي إلى مرور طريق الحرير قديمًا بمحافظة القنفذة، موضحًا أن باحثين في مجال الآثار عثروا على شواهد وآثار صينية في المحافظة، تعبّر عن مرحلة مبكرة من تاريخ العلاقات بين الصين وجزيرة العرب، وتؤكد عمق التواصل الحضاري والتجاري بين الطرفين منذ قرون بعيدة.
كما شهدت الأمسية تداخلات متعددة من الحضور، استعرضوا خلالها تجاربهم الثقافية والمعيشية والتعليمية في الصين، وانطباعاتهم عن المجتمع الصيني والأدب والحياة اليومية، الأمر الذي أضفى على اللقاء طابعًا تفاعليًا ثريًا، عزّز من قيمة الحوار وأكد أهمية اللقاءات الثقافية في توسيع آفاق المعرفة المتبادلة.
واختُتمت الأمسية بـ «حوار مفتوح مع الجمهور»، أُتيح خلاله طرح الأسئلة وتبادل الرؤى، في تأكيد على أهمية هذه اللقاءات بوصفها منصات حوار معرفي تسهم في تعميق الفهم المتبادل بين الثقافات.
وأكدت الأمسية في مجملها أن الأدب يظل أحد أكثر المسارات قدرة على بناء الجسور بين الثقافات، وأن الحديث عن الصين في الأدب السعودي ما يزال مساحة مفتوحة للتجربة والبحث والاكتشاف، وأن مثل هذه الفعاليات، ضمن أمسيات الشريك الأدبي الثقافية، تمثل خطوة مهمة في ترسيخ الحوار الثقافي وتعزيز التفاهم بين الشعبين السعودي والصيني عبر الأدب والفكر.










































