اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة عمون الاخبارية
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
الإغلاق المالي في الولايات المتحدة لم يعد حدثًا استثنائيًا، بل أصبح مشهدًا يتكرر كل بضع سنوات مع تعثر تمرير الموازنة في الكونغرس. غير أن ما يجري اليوم يتجاوز كونه خلافًا سياسيًا داخليًا، لأنه يطل على عالم يزداد هشاشة بعد أزمات متلاحقة، من الجائحة إلى الحروب والتقلبات الاقتصادية.
القلق من الإغلاق لا يرتبط فقط بتوقف بعض المؤسسات الحكومية أو تأخر صدور البيانات الاقتصادية، بل بما يحمله من رسائل سلبية للأسواق. فالمستثمرون يهربون إلى الذهب، والدولار يتقلب، وثقة العالم في 'المركز المالي الأول' تهتز كلما تعطلت مؤسسات الدولة الأقوى اقتصاديًا.
التجارب السابقة تعطي صورة أوضح. ففي أطول إغلاق سابق عام 2018–2019، تعطلت حياة نحو 800 ألف موظف، وخسر الاقتصاد الأميركي مليارات الدولارات. وهذه ليست مجرد أرقام جامدة، بل قصص أسر فقدت مصدر دخلها مؤقتًا، وشركات تضررت بسبب تراجع الإنفاق الحكومي.
اليوم، التحدي أكبر. فالاقتصاد العالمي أكثر ترابطًا، والدول المرتبطة بالدولار أكثر عرضة للتقلبات. أي تباطؤ في أميركا يعني طلبًا أقل على صادرات العالم، وضغوطًا إضافية على موازنات الدول المنتجة للنفط، وارتفاعًا في كلفة الديون على الدول النامية.
وليس بعيدًا، هناك بعد سياسي لا يقل خطورة. فالصورة التي تعكسها هذه الإغلاقات تضعف الثقة في قدرة الولايات المتحدة على إدارة شؤونها، وتفتح المجال أمام منافسين مثل الصين لتعزيز خطابهم حول إصلاح النظام المالي العالمي.
أما التوقعات، فترى تحليلات اقتصادية أن الإغلاق هذه المرة قد يستمر لأسابيع، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الأميركية وتصاعد الخلافات الحزبية. صحيح أن الإغلاقات الطويلة تظل نادرة، لكن تكرارها يكفي لإثارة الشكوك في استقرار أكبر اقتصاد في العالم.
في النهاية، الإغلاق المالي الأميركي ليس مجرد أزمة داخلية، بل كرة ثلج تتدحرج نحو بقية العالم. وكلما طال أمدها، كلما تعاظمت آثارها على الأسواق والدول المرتبطة بالدولار. وربما آن الأوان ليعيد العالم التفكير في بدائل تقلل من تبعيته لنظام مالي يتوقف على مفاوضات سياسية داخلية قد تنكسر عند أول أزمة.