السوسنة - أكد استشاري العلاج الدوائي للأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي أن الموسم الشتوي الحالي يحمل مزيجا من الفيروسات المتغيرة التي تتطلب استعدادا واعيا حيث يدخل الأردن مرحلة صحية تستوجب الحذر دون تهويل.

وبين أن الأردنيين والنظام الصحي يواجهان تحديات جديدة، تتمثل في انتشار أمراض الجهاز التنفسي، خاصة مع تزامن عدة فيروسات تتطور باستمرار.

وتشير تقارير وكالة الأمن الصحي البريطانية (UKHSA) إلى ظهور سلالتين جديدتين من فيروس كورونا، السلالة 'XFG' المعروفة باسم 'ستراتوس'، و'NB.1.8.1' المعروفة باسم 'نيمبوس'، وقد انتشرت هاتان السلالتان بسرعة في أوروبا مع الانتقال من الخريف إلى الشتاء.

وأضاف بلعاوي أن التحورات الفيروسية طبيعية ومتوقعة لفيروسات الـRNA، وأن السلالتين الجديدتين تمتازان بسرعة الانتشار وقدرتهما على تجاوز السلالات السابقة، لكن حتى الان لا تسببان شدة أكبر للأشخاص الأصحاء.

ومع ذلك، حذر من وصف الإصابات بأنها 'طفيفة' بشكل مطلق، قائلا 'هذا المصطلح نسبي، فكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة، وهم نسبة كبيرة في مجتمعنا، قد تتفاقم حالتهم الصحية مع المتحورات الجديدة'.

وأشار إلى أن التركيز يجب أن يكون على حماية الفئات الهشة وضمان حصول مرضى الضغط والسكري والجهاز التنفسي على الجرعات المعززة من اللقاح.

ويبدي المجتمع الطبي الأردني قلقا من انتشار سلالة متحورة من إنفلونزا A من فئة H3N2 الفرعية 'K'، والتي تمتاز بقدرة أعلى على المراوغة المناعية.

ونوه بلعاوي إلى أن هذه الإنفلونزا تختلف عن نزلات البرد المعتادة، إذ تسبب حمى عالية، إرهاقا مطولا، وآلاما شديدة في الجسم، حيث وصفها بأنها 'ابن عاق' لعائلة الإنفلونزا، نظرا لارتباط H3N2 تاريخيا بمعدلات أعلى من الاستشفاء، مؤكدا أن الطفرة الحالية تجعل جهاز المناعة أقل قدرة على التعرف على الفيروس سريعا، ما يؤدي إلى بداية حادة للمرض.

ويتوقع الخبراء أن هذا التزامن بين الإنفلونزا المتحورة وكوفيد-19 والفيروس المخلوي التنفسي (RSV) قد يشكل ما يسمى بـ'الوباء الثلاثي'، مضيفا ضغوطا محتملة على مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات.

وشدد بلعاوي على ضرورة التوقف عن شراء المضادات الحيوية عند أول ارتفاع للحرارة أو شعور باحتقان الحلق، مؤكدا أن علاج الفيروسات المتحورة بالمضادات الحيوية غير مجد، بل يزيد من مقاومة الميكروبات ويضر بالبكتيريا النافعة في الجسم.

واعتبر أن أسس العلاج تعتمد على الراحة، الإكثار من السوائل، وخافضات الحرارة، مؤكدا أن الحرارة هي وسيلة الجسم لمحاربة الفيروس، وليس دليلا على عدوى بكتيرية تستدعي المضاد الحيوي.

وعلى الرغم من التحورات، أكد بلعاوي أن لقاح الإنفلونزا يبقى أداة وقائية مهمة لتقليل شدة المرض، مبينا أنه قد لا يمنع وقوع الحادث، لكنه يقلل الأضرار بشكل كبير، فاللقاح يساعد على تخفيف الأعراض ومنع وصول الحالات الحرجة إلى العناية المركزة، خصوصا لدى كبار السن ومرضى القلب والرئة.

ونبه إلى أن التجمعات المنزلية والمقاهي المكتظة، خصوصا تلك التي تستخدم 'الأراجيل'، تؤدي إلى زيادة قابلية الإصابة بالفيروسات، إذ أن الالتزام بالنظافة الشخصية، البقاء في المنزل عند ظهور الأعراض، وارتداء الكمامة في المرافق الصحية، يشكل مسؤولية مجتمعية تساهم في الحد من انتشار الأمراض.

ولفت بلعاوي إلى أن سلاحنا هو الوعي العلمي لا الخوف، فالأردن قادر على مواجهة هذا الشتاء بسلام إذا تم التركيز على التطعيم للفئات الهشة، والاستخدام الرشيد للأدوية، والالتزام بالسلوكيات الصحية المسؤولة.