اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢١ نيسان ٢٠٢٥
وليد منصور -
حتى وقت قريب، كان تجار النفط يشتكون من صعوبة تحقيق الأرباح في سوق خام راكد ومتحرك ضمن نطاق ضيق. لكن بعد ما حدث خلال فترة الأسبوعين ونصف الأسبوع الماضية، قد يكون هذا مثالاً على مقولة: «احذر مما تتمناه».
وأفادت وكالة بلومبيرغ بأنه في تلك الفترة القصيرة، انتقل سوق النفط من حالة ركود إلى تقلبات حادة في الأسعار. وكانت الشرارة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 2 أبريل، عن فرض تعريفات جمركية شاملة، مما صعّد من حدة الحرب التجارية. وبعد أقل من يوم، فاجأت منظمة «أوبك+» الأسواق بإعلانها عن خطط لزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع من المتوقع.
وأشارت إلى أن هذه الصدمات المزدوجة قد تسببت في تراجع العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي بنسبة تقارب %7، وهو أكبر هبوط منذ غزو روسيا لأوكرانيا، في حين قفز المقياس الرئيسي للتقلبات إلى أعلى مستوى له منذ ستة أشهر. لكن تجار النفط يقولون إن هذا الاضطراب في السوق أصبح بالقدر نفسه من الصعوبة لتحقيق الأرباح، نظراً لتسارع الأحداث وتناقضها، مما يؤدي إلى تقلبات غير متوقعة في الأسعار.
خطوة خاطئة
برينت بيلوت، الرئيس التنفيذي للاستثمار في «كايلر كابيتال»، كان من بين المتداولين، الذين تمنوا في وقت سابق هذا العام عودة التقلبات. وقد أجبرته ظروف السوق حتى على البحث عن فرص ربح في أسواق سلع أخرى لأول مرة في مسيرته، بما في ذلك تأسيس قسم لتجارة المعادن. لكن هذا الاضطراب المفاجئ باغته، وأدى إلى خسائر في بعض رهاناته.
وقال بيلوت في مذكرة للعملاء: «لقد وقعت في الفخ. لم تكن مجرد خطوة خاطئة صغيرة، أو توقع أخطأ بفارق بسيط، بل اندفعت بكل قوتي إلى جدار من الطوب. كنت أعتقد فعلاً أن جولة ترامب الجديدة من الحديث عن الرسوم الجمركية ستكون معتدلة».
ورغم أن عودة التقلبات وفرت دفعة مؤقتة في حجم التداول، فإنها تهدِّد سيولة السوق على المدى البعيد.
خروج المستثمرين
وأشارت تريسي ألين، محللة في «جيه بي مورغان تشيس»، إلى أن خروج المستثمرين من أسواق النفط والوقود أدى إلى صافي تدفق خارجي بلغ ملياري دولار في الأسبوع المنتهي في 11 أبريل، كما تراجعت أحجام التداول على طول منحنى العقود الآجلة إلى مستويات أواخر مارس، وانخفضت الفائدة المفتوحة في عقود خام غرب تكساس الوسيط بعد القفزة الأولية، مع انسحاب المستثمرين بدلاً من المخاطرة بتوقع الخطوة التالية لترامب بشأن الرسوم الجمركية.
من جانبه، قال رايان فيتزماوريس، كبير إستراتيجيي السلع في «ماركس»: «هذا النوع من التقلبات المدفوعة بالعناوين الإخبارية، لا يكون في العادة إيجابياً على السيولة، إذ تتسع الفجوة بين أسعار العرض والطلب وتتراجع الأحجام مع انسحاب المشاركين من السوق».
وأضاف: «غالباً ما يؤدي ذلك إلى حلقة مفرغة لمزيد من التقلب، تجبر الصناديق النظامية على تقليص مراكزها وفقاً لحجم تحركات السوق».
صناديق التحوط
وأوضحت «بلومبيرغ»، في تقريرها، أن الحرب التجارية المتسارعة أجبرت المستثمرين على إعادة النظر في رؤيتهم الكاملة للسوق خلال أيام معدودة في أكثر من مناسبة. وأظهرت بيانات من «آيس فيوتشرز يوروب» أن صناديق التحوط غيَّرت مواقفها تجاه خام برنت بأسرع وتيرة على الإطلاق في الأسبوع المنتهي في 8 أبريل. وفي الوقت نفسه، انخفضت الرهانات الصافية على ارتفاع أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2009، بعد أن كانت قد بلغت أعلى مستوى لها في ستة أسابيع قبل ذلك بأيام، وفقاً للجنة تداول السلع الآجلة.
ومنذ صدور هذه البيانات، أعلن ترامب عن تجميد لمدة 90 يوماً لزيادة الرسوم الجمركية على عشرات الدول، إلى جانب رفع التعريفات الجمركية على الصين إلى %145.
وفي حين انسحب المتداولون من المراهنات المباشرة على أسعار النفط، اتجهوا إلى اتخاذ مراكز تداول مبنية على الفروقات السعرية، والتي تنطوي على مخاطر محدودة. وأضاف المضاربون الأسبوع الماضي أكبر عدد من رهانات الفروقات في خام غرب تكساس الوسيط منذ عام 2007، بينما ارتفعت المراكز المماثلة في خام برنت بأسرع وتيرة منذ عام 2020.
تثبيت تكلفة الشراء
أكد التقرير ظهور مؤشرات على أن مستهلكي النفط يسعون لتفادي التقلبات عبر تثبيت تكلفة الشراء، وهي من أكبر التكاليف التي يتحملونها. فقد أضاف وسطاء المبادلات المالية أكبر عدد من المراكز الطويلة في خام برنت وغاز التدفئة الأوروبي على الإطلاق الأسبوع الماضي، في خطوة تعتبر عادة مؤشراً على تحوط المستهلكين الصناعيين من تقلبات مستقبلية.