اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
في قلب العاصمة السّعودية، حيث تتقاطع الطّموحاتُ مع الحلم الكبير لرؤية 2030 يطلُّ معرض الرّياض الدّولي للكتاب 2025 كأكثر من مجرَّد تظاهرة ثقافية، بل إنّه إعلان صريح بأنّ المملكة تدخل عصر صناعة المعرفة من أوسع أبوابها.
تحت شعار 'الرّياض تقرأ' يتحوَّل المعرض إلى منصَّة استراتيجيَّة تعيد تعريف علاقة الفرد بالكتاب ليس بوصفه وسيلةً للتَّعلُّم فحسب، بل كأداة لتشكيل المجتمعات وتوسيع آفاق الحوار بين الثقافات، هنا يلتقي أكثر من 2000 دار نشر ووكالة تمثل 25 دولة، ويصغي الجمهور إلى 115 متحدِّثًا بين مفكّرين ومؤلّفين وصُنَّاع محتوى من مختلف القارَّات، المشهد أقرب إلى قمَّة فكريَّة عابرة للحدود منه إلى معرضٍ تقليديٍّ للكتاب.
اللغة الرَّقميَّة لها نصيبٌ، والفنون تجد مكانها، والطفل والأسرة يتقدَّمان في المشهد بما يجعل من الرِّياض مختبرًا مفتوحًا لصناعة المستقبل الثقافي، ومن خلال 200 فعّالية مصاحبة و30 جلسة حوارية و45 ورشة عمل، تصبح العاصمة أشبه بمدينةٍ نابضة بالأسئلة والإجابات بالجدل المعرفيِّ والإبداعيّ الذي تحتاجه أيُّ أمَّةٍ تخطو بثقة نحو العالميَّة.
ولعلَّ اختيار جمهوريَّة أوزبكستان ضيفَ شرف هذا العام، يعكس بوضوح رغبة المملكة في بناء جسور ثقافيَّة جديدة مع آسيا الوسطى، حيث التّاريخ الإسلاميّ والثقافة المشتركة يلتقيان مع الحاضر والمستقبل، إنَّها إشارةٌ ذكيّة إلى أنَّ السّعوديّة لا تتعامل مع الثقافة كرمزٍ داخلي فحسب، بل كقوة ناعمة تعيد رسم خرائط التَّواصل الحضاري.
الدّكتور عبداللطيف الواصل الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنَّشر والتَّرجمة يصف المعرض بأنَّه فرصةٌ كبيرة للناشرين والمشاركين المحلِّيين والدّوليين لتوسيع جمهورهم وعرض إنتاجهم الثقافيّ والأدبيّ، لكن ما يفعله المعرض في العمق أبعدُ من ذلك إنَّه يرسِّخ المملكة كمركز ثقافي عالميّ ويعزِّز من اقتصاد المعرفة الذي تسعى رؤية 2030 إلى وضعه في صميم التَّحوُّل الوطنيّ.
زيارة المعرض ليست تجربةً عابرة، إنَّها طقسٌ ثقافيٌّ متجدِّد حين يمشي الزَّائر بين أجنحته، يلتقي بعالم كامل من الأفكار، مِن ورش عملٍ تغرسُ مهاراتِ الغد، إلى نقاشاتٍ فكرية تكسر الحواجز، وصولًا إلى مساحات الطِّفل التي تبني جيل المستقبل.
السُّؤال الأعمق الذي يطرحه المعرض هذا العام: هل نحن أمام لحظةٍ تاريخيَّة حيث تطرق الرِّياض أبواب العالم الثقافي؟ يبدو أنَّ الجواب قد بدأ يتَّضح، فالمملكة لا تكتفي باستضافة معرض دوليٍّ بل تصنع من الكتاب جسرًا اقتصاديًّا ومعرفيًّا وحضاريًّا يعيد تعريف مكانتها في الخريطة العالميَّة.