لم تكد «رينا ديفيس» المقيمة في مدينة، سانت بيترسبرج، بفلوريدا الأمريكية، تتعافى من تداعيات إعصار «هلين» المدمر، الذي ضرب الولاية قبل أسبوعين، حتى تعرضت لصدمة نفسية، نتيجة الكارثة التى خلفها إعصار «ميلتون» الأشد خطورة، مما أدخلها في نوبة بكاء مستمرة، لخشيتها من فقدان منزلها وممتلكاتها، نتيجة قوة الإعصار، ووصول سرعة الرياح إلى 120 ميلاً (193 كيلومترًا) في الساعة.

حالة «رينا ديفيس» أقل مأساوية من «نيندا مينيجاس» بعدما غمرت المياه منزلها المتنقل، فخسرت كل ممتلكاتها، بسبب إعصار «ميلتون» وأصبحت تعيش، حاليا، في فندق، بعد عمليتي إخلاء، في أقل من، 10 أيام، نتيجة الإعصارين المدمرين، بينما أصبح المحارب القديم «والتر سموتز» وزوجته، بلا مأوى، إثر تعرض منزلهما للتدمير، ويعيشان في سياراتهما، وسط رعب مما يحملة المستقبل، بعد الإعصار «ميلتون».

ورغم أن «ميلتون» من الفئة الخامسة (المقياس الأكبر للأعاصير) منذ السابع من أكتوبر الجاري، بسرعة رياح تصل لـ175 ميل (282 كم) في الساعة، إلا أنه عند وصوله لليابسة على سواحل فلوريدا، وصل للفئة الثالثة، لكنه تسبب في خسائر كبيرة في الولاية، ليس فقط بسبب تدمير حوالي 500 ألف منزل، والبنية التحتية، وإجلاء الآلاف من سكان المناطق المتضررة، فيما تتتراوح التقديرات الإجمالية للأضرار بين 60 و75 مليار دولار، معظمها في محيط خليج، تامبا وساراسوتا، الأكثر تأثرا بالدمار.

التقديرات نفسها، تشير إلى أن تكلفة إعادة الإعمار قد تصل إلى 123 مليار دولار، وفي حال تفاقم تداعيات الإعصار «ميلتون» ووصوله إلى الفئة الرابعة، فإن التكلفة قد تزيد إلى 174 مليار دولار، إثر الفيضانات الشديدة والرياح العاتية، واحتمال ارتفاع عدد المنازل المدمرة إلى 700 ألف، إلى جانب خسائر القطاع السياحي، نتيجة إغلاق العديد من الفنادق والمرافق السياحية في الولاية.

يتوقع محللون وصول خسائر شركات التأمين، نتيجة الإعصار، إلى 100 مليار دولار، لاسيما أن الأضرار طالت موانئ حيوية، كميناء، تامبا، الرئيسي، المخصص لنقل الوقود في الولاية، كما تعرضت قاعدة، ماكديل، الجوية التابعة لقيادة العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي، لإخلاء قواتها وطائراتها (Boeing KC-135 Stratotanker) المخصصة للتزود بالوقود جوا، لاسيما المقاتلات الجوية الأمريكية العاملة في منطقة الشرق الأوسط.

عقد وزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، اجتماعا مع كبار القادة العسكريين لمناقشة جهود الاستجابة للإعصار، فيما تعرضت مئات المحولات الكهربائية للتدمير، وتم تسجيل انقطاع واسع للتيار الكهربائي عن مناطق عدة في الولاية، تضرر منه حوالي 2.7 مليون شخص.

بدأ الإعصار، ميلتون، في التحرك نحو الشمال الغربي، مؤثرًا على جزر الكاريبي، قبل اتجاهه إلى الساحل الجنوبي لفلوريدا، ضاربا العديد من المدن الساحلية في الولاية. وتعد منطقة البحر الكاريبي وخليج المكسيك وشمال المحيط الأطلسي وشرق ووسط شمال المحيط الهادي من المناطق النشطة في الأعاصير، والفيضانات والخسائر كبيرة، عند وصولها للسواحل.

«ميلتون»، أحد أخطر الأعاصير التي تعرضت لها ولاية فلوريدا، نتيجة التحديات المناخية التي تواجهها المناطق الساحلية، وتأثيرها الكارثي اجتماعيا واقتصاديا، رغم التحذيرات المبكرة الصادرة عن السلطات المحلية في الولاية، وإنشاء مراكز إيواء، بينما شهدت جهود الإغاثة مشاركة واسعة من قبل الوكالات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.

خلال العقد الماضي، تعرضت فلوريدا لمجموعة متنوعة من الأعاصير، تسببت في عمليات تدمير واسعة للسواحل، وخسائر بمليارات الدولارات: أندرو، في أغسطس عام 2014.. إيرما، في سبتمبر 2017، الذي كان الأقوى تاريخيا، بعدما وصلت للفئة الخامسة.. مايكل في أكتوبر 2018، وكان هو الآخر من الفئة الخامسة.

تتابعت كوارث الأعاصير في فلوريدا، لاحقا: دوريان، في سبتمبر 2019، من الفئة الخامسة.. إلسا، في يوليو 2021.. أيدان، في أغسطس 2021.. نيكول، في نوفمبر 2022.. إيرين، في سبتمبر 2023.. هيلين، من الفئة الرابعة، وبلغت سرعة الرياح 210 كيلومترات في الساعة.. وإعصار ميلتون، في أكتوبر 2024. تشكل الأعاصير تهديدًا كبيرًا للولايات الساحلية.

الأعاصير، عواصف قوية تتشكل فوق المياه الدافئة، مصحوبة برياح قوية وأمطار غزيرة، تُعرف بالعواصف المدارية، نتيجة تغيرات المناخ والظروف البيئة، خاصة في المحيط الأطلنطي، الذي تنشط فيه الأعاصير، خلال الفترة من يونيو إلى نوفمبر، حيث تنشط الظواهر المناخية المتطرفة، وتتكوّن العواصف الرعدية، سريعة الدوران فوق المياه الاستوائية أو شبه الاستوائية.