اخبار تونس
موقع كل يوم -أنباء تونس
نشر بتاريخ: ٤ نيسان ٢٠٢٥
لنفترض جدلا أن ما حصل فى تونس قبل و يوم 14 جانفى 2011 هى ثورة ضد الاستبداد كما يصفها من ركبها و صعد على أكتافها الى سدة الحكم من رموز الإسلام السياسي و معارضي الصالونات فهل يجب التساؤل لماذا فشلت هذه 'الثورة'؟ لماذا سقطت كل مؤشرات النمو الى الحضيض و لماذا ارتفعت نسبة البطالة و غلاء المعيشة الى هذا الحدّ الجنوني غير المسبوق؟
سؤال آخر مهم أو نقل عدة أسئلة أخرى منها كيف ترعرع الفكر الارهابى فى عهد حكم حركة النهضة و روافدها من المتزلفين الذين شاركوها الحكم و صمتوا على كل جرائمها بما فيها الاغتيالات السياسية و التخابر مع دول أجنبية و تلقي أموال مشبوهة و تنفيذ أجندات قذرة وراءها دول مثل قطر و تركيا؟
كيف استطاعت حركة النهضة تحويل وزارة الداخلية بكل هياكلها و إداراتها و أعوانها الى مزرعة خاصة أنشأت فيها جهازا أمنيا موازيا و كيف تمكنت هذه الحركة من ارتكاب نفس الخطيئة بحيث باتت وزارة العدل تحت سيطرتها التامة و بات القضاء يسمى باسم وزير العدل آنذاك نورالدين البحيري ؟
إرهاب و تكفير وتدفق مال نفطي و اغتيالات سياسية
لا أحد ينكر أنه بمجىء حركة النهضة و صعودها للحكم و اختيارها لشركاء فيه مثل السيدين مصطفى بن جعفر و محمد المرزوقي قد بدأ تنفيذ خطة مدروسة بعناية فى كواليس أجهزة مخابرات أجنبية بل لنقل بمنتهى الصراحة و من باب الموضوعية التاريخية أن اختيار النهضة لهؤلاء الرجلين بالذات لم يكن اختيارا داخليا بل هو مجرد ترضية و تنفيذ لإملاء أجنبي و بذلك أرادت الإيحاء بكونها تقبل الشراكة فى الحكم و تضمن ولاءهما بل لنقل صمتهما الخجول إزاء ما كانت تضمره من مخططات و أفكار شريرة و الدليل صمت الرجلين على كل ما حدث من أعمال إرهابية و تدريب و تكفير وتدفق مال نفطي مشبوه و تسفير و اغتيالات سياسية.
لقد لعب عدة وزراء داخلية فى عهد حكم الحركة و زمن تحالفها مع نداء تونس أدوارا مشبوهة لا تزال خيوطها القذرة مخفية الى اليوم بل يجب القول أن فترة على العريض قد كانت فترة مفصلية تنامى فيها الفكر الإرهابى فى المساجد وتعززت قوة ما بات يعرف بالجهاز السري لحركة النهضة و الذى ساهم مساهمة فعالة فى تسفير الإرهابيين الى سوريا وفى اغتيال الشهيدين شكرى بلعيد و محمد البراهمي.
الوجه السميك الأول لجبل الثلج الإرهابي
اللافت للنظر اليوم فى عهد حكم الرئيس قيس سعيد أنه لا شيء قد تغيّر فى علاقة بكشف حقيقة الاغتيالات السياسية أو بشبكات التسفير و تمويل الإرهاب و الجهة الحاضنة أو بالجهاز السري أو مدى ما وصلت اليه علاقة الحركة بجهات أجنبية مثل المخابرات الإيطالية و القطرية و التركية على وجه التحديد بل لنقل أن من يوجدون بالسجن اليوم وعلى أهمية دورهم فى إنشاء منظومة الإرهاب فى تونس و خاصة مدى علاقتهم ببعض الميليشيات و التنظيمات الإرهابية فى ليبيا و سوريا و مصر على سبيل المثال فهم الوجه السميك الأول لجبل الثلج الإرهابي الكبير الذى يتشابك فى إجرامه بل فى مخططاته مع أجهزة مخابرات أجنبية بما فيها الاسرائيلية.
بطبيعة الحال ليس من الهيّن كشف تفصيل التفصيل لما حدث طيلة العشرية السوداء التى عقبت رحيل نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي لكن لا بد من الإشارة أن كل الإيقافات الحاصلة لم تأت فى إطار كشف الحقيقة بل تأتي فى إطار سعي الرئيس قيس سعيد للتخلص من خصومه خاصة و أن تفرع جرائم قيادة حركة النهضة قد ساعده على وضعهم فى السجن حتى لا يتعطل مشروعه للبقاء في الحكم.
هناك مؤشر واضح و دليل ملموس على أن الرئيس سعيد لا يهتم بالدرجة المطلوبة بضرورة كشف حقيقة الاغتيالات بل ربما يعود ذلك لخضوعه لضغوط سياسية خارجية من جهات يراها قادرة على تقويض مشروعه للحكم و إلا كيف نفسّر عدم تخصيص اللوجستيك الضروري و اللازم القادر على كشف كل خيوط المؤامرة التى نفذت و كادت تعصف بالبلاد و تقضي على النظام الجمهورى.
منطق الري قطرة قطرة من باب ربح الوقت
ان الاكتفاء بتكليف بعض القضاء غير المتخصصين و تفريع الأجهزة الأمنية و عدم إنشاء جهاز قضائي مستقل فاعل له من الإمكانيات المادية و البشرية دليل على عدم وجود إرادة سياسية لكشف حقيقة ما حصل من دمار نفسي و اقتصادي واجتماعي شامل و لعل السلطة السياسية التى تتحكم فى القضاة لا تريد للحقيقة أن تظهر و تتعامل مع الأمر بمنطق الري قطرة قطرة من باب ربح الوقت و تدوير الزوايا ربحا للوقت و حتى لا يغضب أى تصرف عشوائي بعض الجهات الأجنبية المتآمرة على تونس.
فى كل الأحوال كشفت الجرائم السياسية و ملف الإرهاب أن القيادات السياسية المتعاقبة لم يكن لديها أي اهتمام بكشف الحقيقة و محاكمة كل الفاعلين الأصليين وهى تقوم بدور مشبوه لا يقل خطره على خطر الإرهاب نفسه.
كاتب و ناشط سياسي.