اخبار تونس
موقع كل يوم -تونس الرقمية
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
سجّل الاقتصاد الألماني نموًّا طفيفًا بنسبة 0,2% خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، وفق ما أعلنه، اليوم الثلاثاء، المكتب الفيدرالي للإحصاء. هذا الانتعاش المحدود مكّن أكبر اقتصاد في أوروبا من تفادي ركود تقني بفارق ضئيل، بعد تراجع مماثل بنسبة -0,2% في الثلاثي الأخير من سنة 2024.
انتعاش هشّ مدفوع بالاستهلاك
ويُعزى هذا التحسّن المحدود أساسًا إلى الانتعاش المعتدل في استهلاك الأسر والاستثمار الخاص، وهما محرّكان داخليّان ساهما جزئيًّا في تعويض تباطؤ الصادرات، التي تُعدّ تقليديًّا الركيزة الأساسية للاقتصاد الألماني.
ورغم هذا التحسّن، فإن المشهد الاقتصادي يظلّ هشًّا، كما أشار يورغ كرامر، كبير الاقتصاديين في بنك 'كومرتس بنك': «هذا النمو لا يجب أن يحجب الحقيقة وهي أنّ ألمانيا لا تزال بعيدة عن تعافٍ قويّ ومستدام.»
ارتفاع البطالة ومخاوف اجتماعية
المؤشّرات التحذيرية كثيرة. فقد ارتفع معدّل البطالة إلى 6,3% في أفريل، وهو أعلى مستوى يُسجّل منذ ديسمبر 2015 باستثناء فترة جائحة كوفيد، وفقًا لوكالة التشغيل الفيدرالية.
وارتفع عدد طالبي الشغل بـ4000 شخص، ليصل إلى 2,92 مليون عاطل، مقتربًا بذلك من العتبة الرمزية لثلاثة ملايين للمرّة الأولى منذ ما يقارب عشر سنوات.
تضخّم معتدل لكن الضبابية مستمرّة
أما على مستوى الأسعار، فقد تراجع معدّل التضخّم السنوي إلى 2,1% في أفريل، بعد أن بلغ 2,2% في مارس، بحسب المكتب الفيدرالي في فيسبادن. وهي مؤشرات تبدو إيجابية وقد تمهّد الطريق أمام تيسير نقدي من قبل البنك المركزي الأوروبي انطلاقًا من شهر جوان، وفقًا لمحلّلي وكالة 'رويترز'.
وفي التفاصيل، تراجعت أسعار الطاقة بنسبة 5,4% على أساس سنوي، بفضل انخفاض أسعار النفط في سياق يتّسم بتوترات جمركية دولية، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 2,8%، رغم تباطؤ نسق هذه الزيادة. في المقابل، ارتفع معدّل التضخّم الأساسي، الذي يستثني الطاقة والغذاء، إلى 2,9%، ما قد يُعقّد خيارات البنك المركزي الأوروبي خلال المرحلة المقبلة.
شبح السياسات الحمائية الأمريكية
من بين أبرز مصادر الضبابية، يشير الخبراء الاقتصاديون إلى السياسة التجارية العدوانية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يواصل فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات. وهي استراتيجية تُعدّ مقلقة لألمانيا، التي لا يزال نموذجها الاقتصادي يعتمد بشكل كبير على الصادرات الصناعية.
وفي ظلّ هذه التوتّرات وسياق عالمي غير مشجّع، حذّرت 'بوندسبنك' (البنك المركزي الألماني) من أنّ الناتج المحلي الإجمالي قد يظلّ تحت الضغط طوال السنة، مما قد يجعل ألمانيا الدولة الوحيدة في مجموعة السبع المعرّضة لثلاث سنوات متتالية من الركود أو الجمود الاقتصادي.
آفاق اقتصادية رمادية
وإن كان تراجع التضخّم يُستقبل بإيجابية، فإنّ آفاق النمو تبقى شديدة الضبابية، في ظلّ سوق شغل مضطربة، وضعف في الطلب العالمي وسياق جيوسياسي غير مواتٍ. ويرى الخبراء أن الانتعاشة الطفيفة في الثلاثي الأول لا تمثّل تحوّلًا في الاتجاه، بل مجرّد هدنة ظرفية في مسار تباطؤ أعمق.