اخبار تونس
موقع كل يوم -جريدة الشروق التونسية
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
افتتحت ،ليلة البارحة ، الدورة التاسعة والخمسون لمهرجان الحمامات الدولي بالعرض المسرحي 'رڨوج ' لعبد الحميد بوشناق وتأليف موسيقي لحمزة بوشناق، بعد أن نحت هذا العمل لنفسه مكانا في ذاكرة المشاهد التونسي عبر الشاشة الصغيرة.
منذ اللحظة الأولى، بدا أن الجمهور على موعد مع عرض غرائبي عجائبي يستند إلى فنٍّ بصري متقن حيث الألوان الزاهية والسينوغرافيا بتفاصيلها الدقيقة التي نسجت عالم 'رڨوج' الذي يمتزج فيه الخيالي بالواقعي، مستعينة بديكورات رمزية وأزهار متعددة الألوان ترمز إلى التنوع والأمل والتجدد، وكأن العرض أراد أن يقول: 'رغم كل شيء ما زالت فينا الحياة'.
وتتجلى بلدة 'رڨوج' الخيالية في قلب العرض لكنها ليست بمعزل عن الواقع، فهي ترمز إلى تونس بجمالها وبتفاصيل الحياة اليومية فيها من مظاهر فساد بيروقراطي وطبقية اجتماعية تنهش الفرد وتثقل كاهله. ويقدم بوشناق بلدة 'رڨوج' كمرآة مشوهة للواقع يغلفها بأسلوب فانتازي يمزج بين التراجيديا والسخرية السوداء، ليصدم ويحرّك ويضحك ويُبكي في الوقت ذاته وضم العرض 120 عنصرا بين موسيقيين وممثلين وراقصين وتقنيين
وفي لفتة مؤثرة، خصّ العرض فقرة لتكريم روح الفنان الراحل أحمد العبيدي 'كافون' الذي كان أحد أعمدة العمل الدرامي الأصلي بصوته وأدائه وروحه المحبة للحياة. وقد أعيد تقديم بعض أعماله في العرض عبر تقنية الذكاء الاصطناعي ليستعيد الجمهور حضوره المشرق.
وضمن برمجة مهرجان الحمامات الدولي عروضا تونسية وأجنبية ويبقى ركحه حاضنا للاكتشافات الفنية وفضاء للاحتفاء بمسيرات فنية صنعت قواعد جماهيرية تجاوزت بيئتها ليستقبل كل عام فنانين متفردين حاملين لمشاريع فنية كل على طريقته.
تلوينات موسيقية مختلفة وخامات متنوعة ولهجات متعددة تتجلى على ركح الحمامات في عروض تصدح فيها أصوات وائل جسار و الشامي و الشاب مامي .
و صرح عبد الحميد بوشناق في ندوة صحفية اثر انتهاء العرض ' 'قدمنا عرضا من القلب... وكانت المسؤولية مضاعفة و اضاف 'مهما اختلفت المسارح والجمهور، فإن المسؤولية تظل كبيرة... واليوم كانت مضاعفة لأننا لا نعيد تقديم عمل عرفه الجمهور في التلفزة وإنما نسعى إلى تقديم تجربة مسرحية حية بروح جديدة وتحقيق أقصى درجات الإتقان الممكن'.
أما المؤلف الموسيقي حمزة بوشناق، فقد ركز في كلمته على البعد العاطفي للعمل، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر لم يكن في تنفيذ الموسيقى وإنما كان في نقل 'الإحساس' إلى الجمهور. وأضاف: 'أردنا أن تصل المشاعر وأن يضحك الجمهور ويبكي ويتفاجأ ويتأمل. لقد اشتغلنا على التناسق بين الأوركسترا والعازفين والممثلين حتى نخلق هذا الإحساس بتجاوب الجمهور مع العرض وهذا أكبر تقدير يمكن أن نحصل عليه'.