اخبار تونس
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تعتزم الحكومة تغطية عجز موازنة 2026 بالكامل بواسطة تمويلات مباشرة من مؤسسة الإصدار للمرة الأولى
تعول وثيقة مشروع موازنة تونس لعام 2026 على البنك المركزي لتغطية عجز الموازنة بالكامل عبر اللجوء إلى مؤسسة الإصدار للاقتراض بصفة مباشرة مبلغاً قُدِّر بـ11 مليار دينار (3.79 مليار دولار) من دون فوائد مع تسهيلات تمتد إلى ثلاثة أعوام، ولمدة سداد تصل إلى 15 عاماً.
الموازنة قدرت بـ79.624 مليار دينار (27.4 مليار دولار) بزيادة عجز 12.4 في المئة، ويساوي 11.01 مليار دينار (3.7 مليار دولار)، مقارنة بعجز موازنة في حدود 9.8 مليار دينار (3.37 مليار دولار) عام 2025 لموازنة بلغت 78.2 مليار دينار (26.9 مليار دولار).
تبلغ جملة التمويلات التي تعتزم تونس تعبئتها 27.06 مليار دينار (9.33 مليار دولار) عام 2026 لتغطية العجز المذكور، إضافة إلى خدمة أصل الدين الداخلي بنحو 7.9 مليار دينار (2.7 مليار دولار)، و'الخارجي' بحجم 7.9 مليار دينار (2.7 مليار دولار) في انخفاض ملحوظ عن حجم التمويلات في 2025، وهي في حدود 28 مليار دينار (9.65 مليار دولار).
لجأت الحكومة إلى الاقتراض المباشر من البنك المركزي التونسي في مطلع 2025 بقيمة 7 مليارات دينار (2.4 مليار دولار) وهو قرض من دون فائدة موظفة، ويسدد على 15 عاماً، منها ثلاثة أعوام إمهالاً.
وحصلت الحكومة في فبراير (شباط) 2024 على تمويل مباشر من البنك المركزي بقيمة 7 مليارات دينار (2.4 مليار دولار) يسدد على مدة 10 أعوام، منها ثلاثة أعوام إمهالاً، ومن دون توظيف فوائد.
وُصفت عمليات الاقتراض المذكورة دائماً بـ'الاستثنائية' من قبل الحكومة، وحصلت على موافقة من البرلمان بتعديل مخصوص بحكم منع قانون المركزي التونسي الإقراض المباشر بمقتضى الفصل 25 من القانون عدد 35 لعام 2016 المتعلق بضبط النظام الأساس للبنك المركزي، والذي يمنع البنك من منح قروض مباشرة لفائدة خزانة الدولة.
وورد في الفصل المذكور أنه 'لا يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزانة العامة للدولة تسهيلات في صورة كشوف أو قروض أو أن يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة'.
وعلى رغم التأكيدات السابقة على الصيغة الاستثنائية تعود الحكومة خلال مشروع هذه الموازنة لطلب قرابة الضعف وللعام الثالث على التوالي.
ووجهت نية التمويل المباشر من دون فوائد من البنك المركزي بمخاوف من تنامي الضغوط التضخمية وتداعياتها المحتملة على نسبة التضخم وقيمة الدينار التونسي من قبل الخبراء.
وقرر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي في يوليو (تموز) الماضي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسة من دون تغيير في مستوى 7.5 في المئة.
وعلى رغم المنحى التنازلي التدريجي للتضخم خلال النصف الثاني من عام 2025، واتجاهه إلى نسبة 5.3 في المئة كامل العام مقابل 7 في المئة في 2024، فسر البنك قراره بزيادة حدة الضغوط التضخمية واستمرارها بأكثر من المتوقع.
وتواجه تونس صعوبات في الحصول على تمويلات خارجية بسبب تدني تصنيفها الائتماني على رغم التحسن الطفيف في الفترة الأخيرة، إذ رفعت وكالة 'فيتش' التصنيف إلى B- ووكالة 'موديز' التصنيف إلى CAA1 مع نظرة مستقبلية مستقرة.
واعتمدت تونس على الاقتراض من السوق الداخلية، ولم تتجه إلى السوق المالية الخارجية (طرح سندات) منذ عام 2019.
وتسير النية في الاتجاه ذاته، إذ سيجري العمل عام 2026 على تعبئة جملة موارد تمويل في حدود 27.06 مليار دينار (9.33 مليار دولار)، واللجوء إلى الاقتراض الداخلي لتحصيل 19.05 مليار دينار (6.5 مليار دولار)، منها الاعتماد على البنك المركزي التونسي للاقتراض المباشر للعام الثالث على التوالي، وبحجم أكبر بمبلغ 11 مليار دينار (3.7 مليار دولار) و8 مليارات دينار (2.75 مليار دولار) من السوق الداخلية، أما السوق الخارجية فتعتمد على تعبئة 6.8 مليار دينار (2.34 مليار دولار)، إضافة إلى 1.2 مليار دينار (413 مليون دولار) على سندات خزانة، وستوجه هذه التمويلات لتغطية العجز وخدمة الدين.
وتراجعت حاجات التمويل في البلاد بنسبة 7.6 في المئة على خلفية تراجع خدمة أصل الدين من 18.2 مليار دينار (6.2 مليار دولار) إلى 15.8 مليار دينار (5.44 مليار دولار) عام 2026.
في تعليقه عن اللجوء للبنك المركزي للاقتراض المباشر نبه المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد سويلم إلى ارتفاع التمويل المباشر من 7 مليارات دينار (2.4 مليار دولار) في العامين الماضيين إلى 11 مليار دينار (3.79 مليار دولار) عام 2026.
وأشار في حديثه إلى 'اندبندنت عربية' إلى اعتماد التمويلين السابقين لسداد ديون خارجية (السندات) على السوق المالية العالمية رأساً، مما منع التداعيات السلبية لهذا الاقتراض المباشر على الكتلة النقدية بحكم اعتماده لسداد الدين وعدم ضخه في السوق، ما أبطل المفعول التضخمي.
وأوضح أن تونس ستسدد آخر تلك السندات الدولية في يوليو 2026، وحجمها 700 مليون يورو (819 مليون دولار)، أما التمويل الذي أعلن عنه بموازنة 2026 فهو اقتراض مباشر لدعم حاجات الموازنة، وبهدف التخفيف على الموازنة سيجري السداد على امتداد 15 عاماً مع ثلاثة أعوام إمهالاً، مما يطرح الأخطار التضخمية بحكم عدم توفر الوظيفة الاقتصادية الاستثمارية لهذه الأموال.
ويعارض المتحدث سياسة الضغط على التضخم المتبعة في تونس التي آتت أُكلها بصفة نسبية، وكان من المأمول تحقيقها لنتائج أفضل واستهدافها التضخم بصفة أنجع في حال رسم استراتيجية اقتصادية مغايرة لهذه الحلول.
وتوقع الاقتصادي حاسم كمون عواقب وخيمة لهذه التمويلات التي لم تقدم الحكومة تفاصيل عن استعمالاتها على رغم نيتها الحصول عليها من دون فوائد، بينما ستضخ في السوق من دون اتخاذ تدابير لتفادي التهديدات التضخمية.
ولفت إلى تحذيرات 'المركزي التونسي' الدائمة من تواصل هذه الأخطار، علماً أنها تتجاوز تضخم الكتلة النقدية وارتفاع الأسعار إلى الانعكاس السلبي على قيمة العملة المحلية، بينما يظل الإشكال الحقيقي في عدم اعتماد تلك التسهيلات من البنك المركزي في حلول مستدامة مثل الاستثمار وخلق الثروة وتأكيد الاتجاه إلى الحلول الترقيعية بعدما فقد الاقتراض دوره الوظيفي وأضحى وسيلة لتسديد ديون سابقة.

























