اخبار تونس
موقع كل يوم -تونس الرقمية
نشر بتاريخ: ١٢ نيسان ٢٠٢٥
يسود التفاؤل أجواء بوينس آيرس بعد إعلان حصول الأرجنتين، يوم الجمعة 11 أبريل، على دعم مالي ضخم بقيمة 42 مليار دولار من ثلاث مؤسسات دولية كبرى: صندوق النقد الدولي (FMI)، البنك الدولي (BM)، والبنك الأميركي للتنمية (BID). وقد اعتُبر هذا الدعم 'تصويتاً بالثقة' من الجهات المانحة، ما يُمثل نقطة تحول في الاستراتيجية الاقتصادية للرئيس خافيير ميليي، الذي يقود منذ توليه السلطة سياسة تقشف صارمة.
20 مليار دولار من صندوق النقد الدولي: دعم فوري
وافق صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 20 مليار دولار، سيتم صرف 12 مليار دولار منها على الفور، تليها دفعة إضافية قدرها 2 مليار دولار في يونيو المقبل. وأشادت المديرة العامة للصندوق، كريستالينا جورجييفا، عبر منصة 'إكس' بـ 'التقدم المذهل في استقرار الاقتصاد' وبـ 'عزم الحكومة على مواصلة الإصلاحات'.
من جانبه، أعرب الرئيس ميليي عن ثقته قائلاً إن الاقتصاد الأرجنتيني 'سينمو كما لم يحدث من قبل'، مشيراً إلى التأثير الإيجابي للإجراءات الاقتصادية المتبعة منذ ديسمبر 2023.
دعم إضافي من البنك الدولي والبنك الأميركي للتنمية
أعلن البنك الدولي عن تقديم دعم غير متوقع بقيمة 12 مليار دولار، بهدف تعزيز الإصلاحات الهيكلية وجذب الاستثمارات الخاصة.
أما البنك الأميركي للتنمية، فقد كشف عن خطة لتقديم ما يصل إلى 10 مليارات دولار خلال ثلاث سنوات، بعد الحصول على موافقة مجلس إدارته.
تعويم العملة ورفع القيود على الدولار
عقب هذه الإعلانات، قرر البنك المركزي الأرجنتيني (BCRA) اعتماد سعر صرف مرن للبيزو، ضمن نطاق يتراوح بين 1,000 و1,400 بيزو مقابل الدولار، مع توسيع هذا النطاق شهرياً بنسبة 1%.
كما تم اتخاذ قرار رئيسي آخر برفع الحد الأقصى الشهري لشراء الدولار (200 دولار للفرد)، مما يُعيد حرية الوصول إلى العملة الأميركية للأرجنتينيين الذين يعتمدون عليها بشكل كبير في الادخار والمعاملات اليومية.
التضخم: إشارات متباينة
رغم أن معدل التضخم الشهري ارتفع قليلاً إلى 3.7% في مارس، إلا أن معدل التضخم السنوي تراجع بشكل ملحوظ إلى 55.9%، مقارنة بـ 211% في نهاية عام 2023. وتؤكد هذه الأرقام اتجاه التضخم نحو الانخفاض، رغم أن الاستقرار لا يزال هشاً. ويُصر ميليي على هدفه المعلن: 'القضاء على التضخم' واستعادة الثقة في الاقتصاد.
اتفاق سياسي حاسم لميليي
ترى الخبيرة السياسية بيلين أماديو أن هذا الاتفاق يمثل ضرورة سياسية بقدر ما هو اقتصادي. وقالت في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية (AFP): 'ميليي يحتاج إلى هذا الاتفاق كما يحتاج إلى الهواء'.
فقد منح هذا الاتفاق الرئيس الأرجنتيني فترة من الهدوء في مواجهة قلق الرأي العام، خاصة بعد ركود اقتصادي بنسبة 1.8% في 2024، وارتفاع معدل الفقر الذي تجاوز لفترة وجيزة 52% قبل أن يتراجع إلى 38%.
تاريخ طويل من المديونية
يُعد هذا الاتفاق الجديد هو البرنامج الثالث والعشرون الذي توقعه الأرجنتين مع صندوق النقد الدولي منذ عام 1956، مما يعكس اعتماد البلاد الهيكلي على التمويل الخارجي. ففي عام 2018، حصلت الأرجنتين بالفعل على قرض بقيمة 44 مليار دولار، لا يزال الجزء الأكبر منه قيد السداد.
ورغم الدعم القياسي الذي حصلت عليه البلاد هذا الأسبوع، تبقى الأرجنتين أمام تحدٍّ هائل يتمثل في الموازنة بين التقشف المالي، واستقرار العملة، وإنعاش الاقتصاد، مع الحفاظ على التماسك الاجتماعي في بلد لا تزال ذاكرته مثقلة بالأزمات المالية المتكررة.