اخبار تونس
موقع كل يوم -جريدة الشروق التونسية
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
في انتهاك للحياد القضائي في محكمة العدل الدولية، كشف تسجيل صوتي مسرّب عن فضيحة قانونية ارتكبها وزير العدل في حكومة بورتسودان، معاوية عثمان، طلب فيها المشورة من القاضي بمحكمة العدل الدولية الأردني عون الخصاونة.
وفي التسجيل المطول الذي يتجاوز 13 دقيقة، طلب الوزير السوداني، من القاضي الأردني، التعاقد معه في قضية رفعتها حكومة بورتسودان، ليتفاجأ بعدم إمكانية ذلك بسبب أن الخصاونة ما زال قاض مؤقتاً في قضية، طالباً منه شرح ذلك لـ 'المعنيين'.
كما أظهر التسجيل المتداول سجالاً على عدة لقاءات سابقة بين الطرفين، وهو ما يؤكد أن انتهاك الحياد القضائي تم أكثر من مرة، عبر طلب عدة 'مشورات قانونية' من أحد طرفي في نزاع. ويتشدد النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية في حالات انتهاك الحياد القضائي، ويتخذ تدابير وقائية تؤكد بقوة على ضمان الامتثال الصارم لمعايير الحياد، من خلال تحسين الضمانات الإجرائية وتدريب موظفي محكمة العدل الدولية. ويحظر النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أي عضو من أعضاء المحكمة أن يكون وكيلاً أو مستشاراً أو محامياً في أي قضية.
وأخذت المادة 17 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية مسألة اختراق الحياد القضائي بشكل بالغ الجدية، وذلك منذ العام 2017 بعد سلسلة فضائح فساد، إذ وُضعت قواعد صارمة جديدة، إضافة إلى إرشادات مرنة ومدونات أخلاقية، تُوسّع نطاق هذا الحكم القديم. ومنذ عام 2018، يُحظر التحكيم تحديداً على القضاة، بما في ذلك القضاة المؤقتون، وهو ما ينطبق تماماً على الحالة بين حكومة بورتسودان والقاضي الأردني، بوصفها 'اختراقاً' واضحاً للحياد القضائي.
وأشارت تقارير اعلامية الى أن محكمة العدل الدولية مطالبة بتطبيق كل قواعدها الصارمة في الحفاظ على حيادها التام لتعزيز دورها كسلطة قانونية رئيسية لحل النزاعات الدولية، باعتبار أن تقديم المشورة القانونية لطرف في نزاع قائم يُقوّض حياد المحكمة ويُخاطر بانتهاك موقفها المحايد. كما يمكن أن تُقوّض مثل هذه الإجراءات و'الخروقات' الثقة في نزاهة المحكمة وشرعيتها كحكم محايد، وهو ما تتبعه عواقب إجرائية، إذ يحق بذلك للدول المتضررة في حياد المحكمة الطعن أو أن تطلب تنحي الأطراف المعنية، مما يُقوّض صحة القضية.
كما يشدد مختصون على ضرورة تعزيز الرقابة والمساءلة في محكمة العدل الدولية، إذ يجب عليها تعزيز الآليات لضمان عدم حصول أي طرف على ميزة غير مستحقة، والحفاظ على نزاهتها و الاستقلال، مع أهمية اتخاذ تدابير وقائية، مثل ضمان الامتثال الصارم لمعايير الحياد من خلال تحسين الضمانات الإجرائية وتدريب موظفي محكمة العدل الدولية. وسبق لحكومة بورتسودان أن أظهرت سذاجة في التعاطي مع إجراءات التقاضي، خصوصاً في قضيتها الأخيرة ضد الإمارات، التي وصفها مختصون بأنها 'تفتقر للأسس القانونية والإجرائية'، وأن ملفّ القضية يواجه إشكالات بنيوية في الإثبات والاختصاص. ويؤكد لجوء حكومة بورتسودان إلى القاضي الأردني استمرار 'الارتباك' في الموقف القانوني لها، وعدم اطلاعها أو تعمّدها اختراق قواعد ثابتة في التقاضي الدولي.